IMLebanon

قراءة اعتراضية على “خطة الانقاذ المالي”

تبرز قراءة اعتراضية على «خطة الانقاذ المالي»، من قلب الفريق الحاضن للحكومة، وفيها:

أولاً، الخطة بالطريقة التي أعدّت فيها، شَكّلت سقطة للحكومة في التسرّع وعدم تقدير موضوعي للآثار السلبية التي ستترتب عليها، وبقليل من التمحيص وحسن التقدير، كان في الإمكان تَجنّب هذا التسرّع وعدم إحراج الحكومة وإرباكها كما حصل. والعلامة السلبية الكبرى التي سجلت على الحكومة انّ هذه الخطة عكست بوضوح انّ الحكومة لا تملك تصوّراً جدياً ومتكاملاً للخروج من الازمة. كما عكست بداية عدم جهوزية الحكومة للتفاوض مع الدائنين، الذين لم تبدأ المفاوضات معهم بعد، وكذلك أبرزت نقطة ضعف قاتلة للحكومة أمام الدائنين اذا ما قررت الدخول في مفاوضات معهم على أساسها، ففي هذه المفاوضات يفترض ان تدخل اليها الحكومة بتصوّر واضح ومتين يؤكد انّ هناك دولة تمتلك رؤية، وهذه الرؤية مرتكزة على خطة معالجة اقتصادية ومالية واجتماعية واضحة وبمُندرجات تُقنع الدائنين حينما تطلب منهم هيكلة الديون او جدولتها. وهذا ما لم تلحظه الخطة التي كانت موضوعة، ما يعني أنها محكومة سلفاً بالرفض من قبل الدائنين.

ثانياً، بعد دفن «خطة الهيركات» التي دعا رئيس مجلس النواب نبيه بري الى تلاوة الفاتحة والتَرحّم عليها، صارت الحكومة امام مسؤولية وضع خطة بديلة بالاستفادة من كل ثغرات الخطة السابقة، ولعل أبرزها:

1 – انه الى جانب عدم وجود التصوّر الواضح للمعالجة الاقتصادية والمالية، لفتَ في هذه الخطة ورود عبارة «المساعدات الخارجية» 39 مرة في مضمونها، وهذا يعني انّ الرهان الاساسي هنا هو على المساعدات الخارجية، في الوقت الذي لا توجد فيه أي ضمانة لأن تبادر أيّ من الدول الخارجية لتقديم المساعدة للبنان، اولاً بسبب القيود السابقة الموضوعة والتي تقارب «الفيتو» على تقديم مساعدة للبنان، وثانياً بسبب الازمة الاقتصادية القاسية التي اجتاحت العالم جرّاء تفشي فيروس كورونا وما سَبّبه من انهيارات على مستوى الاقتصاد العالمي.

2 – انّ الخطة كما كانت موضوعة، لم تكن سوى لعبة دفاتر، وارقام تُنقل من حساب هنا الى حساب هناك، وخالية تماماً من اي تصوّر للخروج من الازمة، ولا تتضمن ايّ تحفيز اقتصادي ولا ايّ ذكر لإنعاش اقتصادي، ولا اي اشارة الى كيفية معالجة وضع النقد، والعجز في الموازنة وازمة الاقتصاد. وبالتالي، هي بالشكل الذي وضعت فيه، تُرتّب سلبيات كبرى على المواطنين، لناحية ودائعهم ورواتبهم، وتخفيض قدرتهم الشرائية في ظل انعدام التقديمات الاجتماعية، ومعنى ذلك انها خطة لا تتوخّى الانقاذ، بل انها تحضّر الاجواء الى انفجار اجتماعي أكبر وأخطر.

ثالثاً، انّ الضرورة باتت تحتّم وضع خطة عقلانية، تُحاكي الازمة كما هي، بالعلاجات السريعة، تأخذ في الاعتبار واقع البلد حالياً، وترسم خريطة طريق في اتجاه احتواء السلبيات القائمة، والتداعيات المحتملة، خصوصاً انّ قراءات الخبراء الاقتصاديين والماليين ليست مطمئنة، وتقديرات البعض منهم انّ الاهتراء مُتسارع، والنمو السلبي سيتفاقم الى ما يزيد عن 12 % خلال الفترة المقبلة.