IMLebanon

الأوراق والشعارات لن تنفع لمنع “الثورة-2”

على قاعدة “مصائب قوم عند قوم فوائد”، حلّت التعبئة العامة نعمةً على حكومة “مواجهة التحديات”، حيث “كفّت” عنها في الاسابيع الماضية، “غضب” الناس الذين اكتووا بنيران الازمة المعيشية الخانقة. الا ان “صبر” الشعب “عيل” وقد بدأت قدرته على تحمّل الغلاء والـ3250 ليرة للدولار، تنفد، بحيث شهدنا في الساعات الماضية عودة للتحركات الاحتجاجية الى الشارع من الشمال الى العاصمة مرورا بالبقاع، ولسان حال الناس: بدنا ناكل بدنا نعيش، كورونا مش باقية وأنتم أيضا.

هذه المؤشرات المقلقة التي تدل الى ان ثوار 17 تشرين، ومعهم طبقة “جياع” آخذة في التوسع، عائدون الى الطرقات في الايام القليلة المقبلة، سواء انحسر وباء كورونا او لم ينحسر، هذه المؤشرات تقضّ مضاجع السلطة، وفق ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”. وقد بدأت منذ اليوم البحث عن كيفية تطويق الانتفاضة الشعبية في نسختها الثانية. أول ملامح خطة الدفاع التي رسمها اهل الحكم، تمثّل في “هجوم” شنّه رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب نهاية الاسبوع على خصوم الحكومة، محمّلين اياهم مسؤولية الانهيار الحاصل ومبرّئين ساحتهم منها. .. أما ثاني الخطوات، فيتمثّل في جهد مضاعف ستبذله الحكومة لانهاء الخطة الاقتصادية الاصلاحية المنتظرة منذ أشهر، قبيل فكّ اجراءات التعبئة العامة، والذي من غير المستبعد أن تعلنه الحكومة بعد تاريخ 10 ايار المقبل وعلى مراحل.

فوفق المصادر، ستسعى حكومة حسان دياب الى وضع خطة خالية من اي اجراءات موجعة تطال جيوب الناس، بعيدة من الهيركات والكابيتال كونترول وسواهما من التدابير التي تغضب الشارع. لكن هل ستتضمن اجراءات اصلاحية تذهب مباشرة الى مكامن الهدر والفساد في الكهرباء والاتصالات والجمارك، وهل ستلحظ تعيينات في الهيئات الناظمة مثلا، بما يرسل اشارات ايجابية للبنانيين وللمانحين؟ لا جواب واضحا بعد. لكن ايا كانت الحال، تتابع المصادر، اذا ارادت السلطة فعليا ان “تتغدى” الثورة قبل ان “تتعشاها” الاخيرة، فإن كل اوراق العمل والشعارات البراقة والواعدة، لن تفي بالغرض. المطلوب واحد فقط: انعاش قدرة اللبناني الشرائية، أي خفض سعر صرف الدولار مقابل الليرة، وكل شيء دون ذلك لن يحمي الحكومة خصوصا، والسلطة عموما، من عاصفة الثورة الجديدة، التي ستهبّ في وجهها.

فهل ستتمكن الحكومة من ايجاد حل لضبط جماح العملة الخضراء، أم لا؟ دياب يدرك ان لا حل الا من هذا الباب، وقد باشر السعي لايجاد الترياق المناسب لازمة الدولار، الا ان مهمته صعبة. فإعادة “دوزنة” الاخير تحتاج الى كتلة نقدية جديدة تدخل البلاد في شكل ما، من خلال صندوق النقد، او من خلال هبات او من خلال مجموعة الدعم الدولي للبنان… غير ان ايا من هذه الاطراف ليس مستعدا اليوم لتحويل اي قرش لا الى سلّة “الدولة” المثقوبة، ولا الى حكومة يديرها حزب الله وهي لم تبادر حتى الساعة الى اي اجراء اصلاحي بل على العكس… عليه، يمكن القول إننا نقف على عتبة انفجار شعبي معيشي غير مسبوق، من الصعب التكهن في ما اذا كانت حكومة دياب، المنقسمة على نفسها، ستتمكّن من الصمود في وجهه..