IMLebanon

كيف تؤثر في “الحزب” المكافآت الأميركية على رأس قادته؟

كتب ايليا ج. مغناير في صحيفة الراي الكويتية:

تضع الولايات المتحدة مكافآت مالية لمَن يساعد في إلقاء القبض على قياديي «حزب الله» أو الكشْف عن نشاطاتهم. وتراوح قيمة هذه المكافآت بين خمسة وعشرة ملايين دولار، إلا أنه لم يتسنّ لأي شخص الحصول على دولار واحد منذ العام 1985، تاريخ الإعلان الرسمي عن انطلاق «حزب الله» العلني. فكيف يتأثّر التنظيم وقادته بالإعلانات الأميركية المُغْرِية؟

مما لا شك فيه أن «محور المقاومة» في لبنان يتواجد خارج المنظومة الأميركية. فلا توجد لديه أملاك خارج لبنان ولا حسابات مصرفية في أي مصرف مدني داخل البلاد وخارجها وخصوصاً في دول الغرب.
ولا تتواجد عائلات القادة في بلاد الغرب ولا أبناؤهم ليكون هؤلاء ورقة ضغط عليهم. وتالياً فإن قرار وضْعهم على لائحة الإرهاب ومصادرة أموالهم – غير الموجودة – ما هو في رأي مصادر «المحور» إلا خطوة استعراضية تريد منها أميركا إبراز نفسها كشرطيّ العالم، هي التي تعتقد أن إعلان أسماء قادة «حزب الله» من الممكن أن يُعْطي دفعاً لحلفاء أميركا في لبنان، فهؤلاء أضعف من أن يجابهوا «حزب الله». ومن المفروض أن العقوبات غير نافذة في أي دولة ذات سيادة مثل لبنان وسورية والعراق.

ويأخذنا هذا إلى العراق حين دَخَلَ مبعوث الرئيس الأميركي لمكافحة «داعش» السفير برت ماكغورك على وزير الأمن القومي فالح الفياض في مكتبه في بغداد لمساءلته بعدما بَلَغَهُ أنه استقبل الشيخ محمد كوثراني – الموضوع على لائحة الإرهاب الأميركية وحددت واشنطن مكافأة بـ10 ملايين دولار لمن يساعد بالكشف عن نشاطاته – فأجابه الفياض: «ليس من المسموح لك التدخل بالشؤون العراقية الداخلية ولا بما يفعله مواطن عراقي. الشيخ هو مواطن عراقي ولا سلطة لأميركا علينا بمَن نستقبل مِن عدمه».

وتقول المصادر في «محور المقاومة»، إن «الشيخ كوثراني لم يكن يوماً قائداً عسكرياً بل جزء من المكتب السياسي (في حزب الله). وبحكم دراسته وتَواجُد والده العالِم الفقيه في النجف الأشرف لسنوات مع عائلته، فقد وُلد وترعرع الشيخ محمد في المدينة وتزوّج من سيدة عراقية وأتقن اللغة وكذلك العقلية العراقية ما جعله الأنجح في إدارة الملف العراقي والتواصل مع القادة العراقيين. وما مهّد له الطريق إلى ذلك، أنه أمضى مدة من الزمن في سجون صدام حسين وكان رفيقاً لصيقاً للسيد عباس الموسوي، الأمين العام لحزب الله الذي اغتالته إسرائيل العام 1992. واستطاع نسج علاقات وثيقة مع القادة العراقيين لتواجدهم في لبنان كلاجئين أيام سلطة صدام حسين».

ليس للشيخ كوثراني أعداء بين القادة العراقيين لأن طريقته بالتعامل معهم بعيدة عن الفوقية أو فرْض أجندته أو الشروط عليهم. بل كان عمله جمْع شملهم، وهي مهمة من أصعب الأهداف، وخصوصاً بين الأحزاب الشيعية العراقية.

وتتابع المصادر أن «أميركا تعلم أن الشيخ كوثراني لا يعمل ضمن الجهاز الأمني – العسكري لحزب الله بل هو مُساعِد الأمين العام السيد حسن نصرالله لشؤون العراق بحُكم أن الأخير قائد (محور المقاومة) ويتمتّع بعلاقات جيدة مع الفلسطينيين والسوريين والعراقيين واليمنيين ودول عدة. وبالتالي فإن أميركا أرادتْ من قرار محاولة عرْقلة عودة الشيخ كوثراني إلى العراق منْعَ التضامن الشيعي العراقي وخصوصاً بعدما ساهم الشيخ كوثراني في لمّ الشمل وإفهام القادة العراقيين أن الأحزاب الشيعية لن ترضى برئيس وزراء لا توافق عليه، وبالتالي فإن العراق في خطر داخلي على الشيعة والسنة والأكراد. وهذا ما أنْتج اختيار مصطفى الكاظمي الذي طرحتْه الأحزاب الشيعية بدايةً وفضّلتْه على مرشح واشنطن عادل الزرفي».

وتؤكد المصادر أن «كوثراني تمتّع بعلاقات مع السياسيين العراقيين أفضل من أي قائد أو شخصية عراقية أو غير عراقية. وهذا ما سمح له بالعمل لخدمة العراق، والمكافآت المالية لن تمنعه من السفر إلى العراق حين يرغب في ذلك».

أما المكافآت المالية الأميركية، فهي، بحسب المصادر نفسها، توجِد جواً إيجابياً لكل مسؤول من «حزب الله» كلما ارتفعت المبالغ المعروضة على رأسه «لأن هذا من شأنه تعزيز وضعه الاجتماعي في لبنان وسورية والعراق وإيران واليمن وفلسطين حيث يُنظر للمعاقَب بنظرة اهتمام وإكبار لإزعاجه أميركا، فتزداد حقوقه (المستحقات المالية) وتُصرف له ميزانيات إضافية وحرس وأمنيون وسيارات متعددة يبدّلها باستمرار وأكثر من منزل ينام فيه مع أخْذ الاحتياط بوجود مصعد كهربائي يصل إلى الموقف تحت الأرض لحجْب أوقات وصوله ومغادرته وحركته. وتُسَبِّب المكافأة الأميركية نوعاً من الغيرة لدى مسؤولي (حزب الله) الذين يتمنون الحصول على الوسام الأميركي نفسه وملايين أكثر كمكافأة على رأسهم ليتمتعوا بمكانة أرفع في المجتمع».

وتضيف: «تصبح الملفات أو الملف الذي يتعاطى به المسؤول الموجود على اللائحة الأميركية أكثر حساسية وتعطى له صلاحيات إضافية وتزداد صدقيته لدى القادة والحلفاء خصوصاً ليتباهى كل حليف بمعرفته أو أخذ الصور إلى جانبه. ويصبح المسؤول أكثر تأثيراً في جلساته ولقاءاته».

وتتابع المصادر: «كلما زاد المبلغ، زادَ شأن المسؤول عن المسؤولين الآخَرين داخل حزبه حتى ولو لم تفعل هذه المكافآت فعلها طوال 35 عاماً من تواجد حزب الله. فقد وضعت أميركا عماد مغنية على لائحتها لمدة 25 عاماً حتى وصل إلى مستوى القائد العسكري العام ونائب الأمين العام المساعد للمجلس الجهادي. وهذا دليل أن مكافآت أميركا تعطي موقعية رفيعة للمطلوبين داخل حزبهم».

أما بحال استهدفت أميركا «المطلوب» لديها، فيصبح الرد، وفق المصادر في «محور المقاومة»، أكثر تزلْزلاً «لأن هؤلاء أوصلتْهم أميركا إلى درجة من الشأنية بأن يصبح استهدافهم ضمن معادلة جديدة للردع. وبالتالي فإن رب ضارة نافعة».