IMLebanon

نموذج تفشّي كورونا في لبنان

كتبت فرح علوش في صحيفة “الجمهورية”:

حتى 19 نيسان 2020، وصل في لبنان العدد التراكمي إلى 677 حالة مؤكدة من حالات COVID-19 كما شهد 21 حالة وفاة. ويقدّر هنا احتمال الوفاة بنسبة 3.1 % بين المصابين في لبنان، وهو ما يعادل تقريباً احتمال الوفاة في ألمانيا (3.3 %) وأقل من الولايات المتحدة (5.4 %) والصين (5.6 %) وإيطاليا (13.3 %). ومع المزيد من الباحثين الذين يعلنون أنّ ذروة الوباء وصلت في بلدانهم، ندرس حالة لبنان في هذا المجال.

لتحليلنا، استخدمنا نموذج مسار بسيط. هذا هو نهج كلاسيكي لنموذج الأمراض المعدية، ويستند إلى فكرة أنّ هناك 3 مجموعات من السكان في تفشي المرض:

1 – أولئك الذين هم عرضة (S)، أي أولئك الذين لم يتعرضوا بعد للمرض

2 – المصابون حالياً (I)

3 – أولئك الذين يتم استردادهم من الوباء (شفاء تام) (R) أو الموتى

بصرياً، يتم تمثيل هذا على النحو:

نموذج COVID-19 في لبنان

إستخدمنا البيانات المتاحة للجمهور من وزارة الصحة العامة في لبنان ومنفذ الأخبار 961 الذي يتتبع الحالات اليومية COVID-19 منذ 20 شباط 2020. لتحليلنا، استخدمنا شيفرة R مفتوحة المصدر نشرها تيم تشرشز والبروفيسور هولغر ك. فون جوان-ديتريش. ومع ذلك، قمنا بتكييف المدوّنة لتمثّل مرحلتين من الفاشية: واحدة قبل الإغلاق الكامل تم تنفيذها في لبنان في 15 آذار 2020، وواحدة بعد تنفيذ الإغلاق. ونعتقد أنّ معدل النمو أو R من الفيروس قد انخفض بشكل كبير بعد تنفيذ الإغلاق.

النموذج واحد: للبدء، نتصور الحالات اليومية والإجمالية COVID-19 منذ 20 شباط 2020.

وكما هو مبيّن في الرسم البياني أعلاه، يمثل الخط الأخضر العدد الإجمالي التراكمي لحالات COVID-19 المؤكدة، وتمثل النقاط الحمراء عدد الحالات الجديدة في اليوم. وحتى 19 نيسان 2020، كان هناك ما مجموعه 677 حالة مؤكدة في لبنان. ويمثل الخط العمودي المتقطع اليوم الذي تم فيه تنفيذ الإغلاق الكامل بشكل فعّال في لبنان في 15 آذار 2020. وبعد فترة وجيزة من تنفيذ الإغلاق، شهد لبنان أكبر موجة من الحالات اليومية في 20 آذار 2020 مع اكتشاف 53 حالة مؤكدة جديدة. ومع ذلك، من المرجّح أن تكون هذه الحالات قد أصيبت بالعدوى قبل تنفيذ الإغلاق.

للتنبؤ بإمكانية تفشي الفيروس لو لم يتم تنفيذ الإغلاق الكامل في 15 آذار 2020، قدّرنا معدل نمو الفيروس من خلال تقدير معدل الاتصال الفعّال ومعدل الاسترداد. من البيانات قبل الإغلاق، نقدر أنّ معدل التفشي هو 1,234. وهذا يعني أنّ كل شخص، في المتوسط، سيصيب أكثر من شخص آخر، مما يعني أن المرض سيزداد بين السكان. وفي ما يلي، نقدم تقديراً لعدد الحالات التي كنا سنشهدها لو لم يتم تنفيذ الإغلاق.

ويمثل الرسم البياني المذكور أعلاه أسوأ سيناريو لتفشي هذا الوباء، لو لم تتخذ تدابير للصحة العامة. مرة أخرى، يمثل الخط الأخضر العدد المتوقع للحالات من نموذجنا، وتمثل النقاط الحمراء الحالات (الحقيقية) الملاحظة. كما نرى من الرسم البياني، اليوم، 21 نيسان، كان يمكن أن يكون مجرد غيض من فيض من التفشي.

من الرسم البياني، نجد أن ذروة الوباء كانت ستحصل في 27 حزيران 2020 مع ما يقرب من 131331 حالة يومية جديدة يوم الذروة، ولكن من المرجّح أننا لن نشخّص جميع هذه الحالات. وإذا افترضنا أنّ 20 % من تلك الحالات كانت شديدة بما يكفي لطلب الرعاية الطبية وإجراء الاختبار، سيتم تسجيل 26,266 حالة يومية مؤكدة جديدة في ذروة الوباء، وهو ما يتجاوز بكثير عدد 12,555 سريراً في المستشفيات في لبنان. وإذا افترضنا أنّ احتمال الوفاة هو بنسبة 3.1 % كما هو ملاحظ حالياً في لبنان، فإنّ 4,071 أشخاص سيموتون في يوم واحد. للتأكيد، وهذا هو فقط في يوم الذروة للوفيات، وهو ليس بالضرورة يوم أعلى تسجيل حالة تفشّي.

ويبلغ العدد الإجمالي للحالات التي تنبّأ بها النموذج خلال التفشّي 111 399 5 حالة في أسوأ سيناريو. وستكون 822 079 1 حالة من هذه الحالات شديدة بعوارضها، و947 323 حالة تحتاج إلى عناية مركزة، و372 167 حالة وفاة على مدى 7 أشهر. للمقارنة، تشير التقديرات إلى أنّ 200,000 شخص قتلوا خلال الحرب الأهلية اللبنانية التي استمرت 15 عاماً. وباختصار، لو لم ينفذ الإغلاق الكامل في لبنان، لكنّا واجهنا كارثة لا يمكن تقديرها.

النموذج الثاني: على صعيد أكثر إشراقاً، دعونا نلاحظ ما حدث بعد تنفيذ الإغلاق الكامل في لبنان. من البيانات، نقدر معدل نمو تفشي الوباء 0.813 في السكان، بعد أن تم تنفيذ الإغلاق الكامل في 15 آذار. أصبح تنامي الانتشار أقل من معدل 1 في السكان، ويعتقد أنّ المرض يكون في طريق التلاشي، وهذه هي أخبار جيدة.

كما هو واضح في الرسم البياني أعلاه، فإنّ الخط الأخضر هو العدد المتوقع لحالات COVID-19 اليومية والنقاط الحمر هي الحالات اليومية الملاحظة اعتباراً من 19 نيسان 2020. وتشير القيَم إلى أنّ العدد اليومي للحالات الجديدة ينخفض باطّراد. هذه التنبؤات واعدة جداً. وإذا افترضنا أنّ معدل النمو مستمر كما هو الآن، يبدو أنّ الفيروس يتلاشى الآن بين السكان. ومع ذلك، يجب تفسير هذه النتائج بحذر شديد. وتستند هذه التنبؤات إلى افتراضَين رئيسيين. الافتراض الأول هو أنّ معدل النمو سيستمر كما هو، وإذا تم رفع الإغلاق قبل الأوان قد تزيد نِسَب العدوى ويسبب بتفشّ آخر. والافتراض الثاني هو أنّ COVID-19 لا يزال منتشراً بين السكان حتى لو لم يتم الإبلاغ عن حالات جديدة.

ويجب ألّا تفسّر هذه التنبؤات على أنها إذن برفع تدابير الصحة العامة ضد COVID-19، بل على العكس من ذلك ينبغي أن تشجّع هذه النتائج المسؤولين الصحيين وعامة الجمهور على أنّ تدابير الإبعاد الاجتماعي ناجحة. وينبغي لمسؤولي الصحة العامة أن يؤكدوا مجدداً أهمية الابتعاد الاجتماعي ومواصلة التتبّع للحفاظ على المكاسب التي تحققت بالفعل. ومع ذلك، لا ينبغي النظر في رفع تدابير الإبعاد الاجتماعي إلّا بعد عدم الإبلاغ عن أي حالات لفترة طويلة من الزمن. وهذا سيساعد على إعطاء المزيد من اليقين بأنّ الفيروس قد تلاشى حقاً في لبنان.