IMLebanon

“المجلس” يَسقُط في الامتحان

كتبت مرلين وهبة في صحيفة “الجمهورية”:

عندما يطير النصاب وتسقط صفة العجلة عن قانون محاسبة الرؤساء والوزراء يسقط مجلس النواب في الامتحان ويسقط أمل الثورة. وعندما تحال أغلبية اقتراحات القوانين المطلبية الى مقابر اللجان ألا تسقط آمال الثورة؟

وعندما يحذّر نائب “محنّك” من برلمان الاونيسكو المستحدث أنّ الانهيار آتٍ والدولار الى 5000 والمواطنون الى الهلاك، ألا يكون قد سقط مجلس النواب في الامتحان وفشلت حكومته التي كانت شاهدة على المسرحية، بحسب وصف بعض النواب المشاركين في العرض؟

وعندما تقمع المناقشة في الاوراق الواردة والخطة الإقتصادية وارتفاع سعر الدولار في المجلس النيابي، ألا تكون قد سقطت الديموقراطية وأسقطت معها سهواً آمال الثورة؟

وعندما يعلن النائب سامي الجميّل فشل النواب في التصويت على التغيير ويدعو المواطنين الى التحرك في الشارع ليأخذوا حقوقهم بأيديهم، ألا يكون المجلس قد أحبط الثورة وآمال الثوّار؟

وعندما يطالب رئيس أكبر كتلة مسيحية الحكومة بموقف واضح من التدهور المالي، وموقف الحكومة من حاكم مصرف لبنان وتعاميمه الاحادية، ولا من يُجادل أو يردع ألا يكون الشعب اللبناني أمام كارثة؟

وماذا بعد؟

“تَغندر” قانون العفو في الجولة الاولى والثانية من صولات وجولات جلسات النواب، فيما كان الأجدى حسب الالتفاف الى مطالب الشعب المعيشية، فنسوا او تناسوا الأهم وانشغلوا بالمهم. فإقرار قانون عفو عادل مهم ولكن ان يجعل النواب يَلتهون عن الاهم فهذا ما لم يستوعبه البعض بعدما أقفلت الستارة في مسرح الاونيسكو على إحالة “القانون النجم” الى اللجان واعدين بأنه عائد قريباً.

ولكن إسقاط قوانين أهم منه في خضمّ العاصفة المعيشية فهو ما لا يغتفر، وكانت النتيجة إيداعه مع سواه في مقبرة اللجان شاء من شاء…

مشادّات استعراضية

وكانت الجلسة أمس قد شهدت مشادّات استعراضية بين الكتل النيابية، وربما أبرزها تلك التي اندلعت بين رئيس حزب الكتائب ونائب رئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي.

ولا يمكن ايضاً تجاهل حضور النائب سامي الجميّل وسجاله الدائم مع الرئيس بري حول التصويت الالكتروني، المعركة التي بدأها الجميّل منذ 2011 ولم يكسبها حتى اليوم.

وربما نواب “حزب الله” كانوا أبلغ بالتعبير عندما أعلن النائب حسين فضل الله عن استغرابه من عدم تصويت النواب على قانون محاسبة الوزراء، خصوصاً النواب الذين ينادون يومياً بضرورة المحاسبة لإصلاح البلد لكنهم عند الامتحان صَوّتوا ضده وأسقطوه. واستغرب فضل الله تصويت بعض النواب الحلفاء على إسقاط صفة العجلة عن القانون، وحَيّا في المقابل نواباً خصوماً في السياسة صوّتوا مع القانون.

في المقابل، تعتبر أوساط متابعة انّ مكافحة الفساد واسترداد الاموال يستلزمان إرادة سياسية صلبة تضع نفسها تحت سقف القضاء والمؤسسات والقانون. فالمشكل، برأي هؤلاء، ليس بالقانون لأنّ هناك اكثر من 60 قانوناً من القوانين السياسية والأساسية في الدولة غير محترمة، لأنّ الثقافة السياسية في البلد تعتبر انّ القوانين وضعت لخدمتها وهذه الثقافة تطوّع المؤسسات لمصلحتها، فالاصلاح أهم من المحاسبة، والقصة ليست قصة أحجام الكتل النيابية بل قصة الثقافة السياسية التي تعتبر انّها فوق القانون.

من جهته، لفت النائب ابراهيم كنعان الى انّ قانون العفو العام لم يكن نجم الجلستين بل الاعلام هو من نَصّبه نجماً وليس النواب.

امّا القوانين النجوم فهي برأيه القوانين العشرة الاولى المدرجة على جدول الاعمال واقتراحات قوانين ضمّت في نهاية الجدول، وهي: تعليق المهل، الهِبات وتحريرها من الضرائب والرسوم، البلديات في أزمة كورونا، 40 مليون دولار من البنك الدولي لكورونا، بالإضافة الى القانون الذي سقطت عنه صفة العجلة وهو الصندوق لمساعدة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في ازمة كورونا ومنع صرف الموظفين، الفائدة المرتفعة على الحسابات المدينة. ولذلك وضعنا اقتراح قانون لتخفيض الحسابات على الفوائد المدينة، ولكن بعض النواب لم يفهموا واتّهمونا بأننا نتعدى الى وزارات لا تخصّنا، بحسب تعبير كنعان.

وقال لـ”الجمهورية”: “للأسف ذهبنا لمناقشة جدول اعمال فضفاض لا يطعم الجياع، وكان هناك قوانين لا داعي لها في هذه المرحلة، علماً انني جهدت لإقناع رئيس المجلس انّ وضعنا استثنائي والانقلاب حاصل عالمياً ولا يمكننا العمل تقليدياً بل يجب العمل اليوم على معالجة تداعيات الانهيارات التي تتوالى، وهذا يعني حصر عملنا ببعض القوانين التي تتعلق بمعالجة هذه التداعيات مالياً، استشفائياً، اقتصادياً، واجتماعياً فقط. وهذه القوانين هي التي من المفترض ان تدرج على جدول الاعمال فقط ويجب إعطاؤها الاولوية، اما باقي القوانين وحتى الشعبوية منها والتي اصبح معلوماً لدى القاصي والداني استحالة تطبيقها او طرحها فهي من دون جدوى في المرحلة الحالية”.

بالنسبة لكنعان كان الأجدى في الجلستين “قلب الاولويات”، ولكي تكون الجلسة فعّالة وناجحة ومثمرة كان يجب ان تكون جلسة كورونا فقط وإدراج 10 قوانين اساسية على جدول الاعمال تتعلق بها، وعدم طرح قوانين شعبوية في المرحلة الراهنة.

وكان مجلس النواب قد أنهى جلسته التشريعية التي استمرت يومين فقط في قصر الاونيسكو بعدما كان مقرراً عقدها لـ3 أيام، بعد فقدان النصاب القانوني، وبعدما أقرّ سلسلة من مشاريع واقتراحات قوانين وأعاد عدداً كبيراً منها الى اللجان النيابية لدرسها.

وأبرز ما أقرّه:

– فتح اعتماد اضافي بقيمة 450 مليار ليرة كمستحقات للمستشفيات، بعد نقاش حول هذا الموضوع وسجال حول إحالته الى لجنة الصحة.

– قانون تمديد المهل التعاقدية والقانونية والقضائية أقرّ بتعديلات لجنة المال والموازنة.

– قانون تعليق المادة 32 من الموازنة لتحرير هبات البلديات حصراً.

– قانون اعفاء الهبات من الداخل او الخارج من جميع الرسوم والضرائب لفترة 6 أشهر.

بالإضافة الى إقرار قانون شركات التوظيف الخاص الذي أعدّته لجنة فرعية برئاسة كنعان.

وصدّق اقتراح القانون المقدم من النائب الان عون حول تعليق اقساط الديون والاستحقاقات المالية لدى المصارف وكونتوارات التسليف، بعد مناقشة مطوّلة للخطة المالية والاقتصادية.

فيما طالب النائب جبران باسيل الحكومة بأن تبتّ بالخطة الاقتصادية والمالية، مشيراً الى التعميم الذي أصدره حاكم مصرف لبنان والى اقتراح مقدّم من “كتلة التغيير والاصلاح” حول تحديد الفائدة المرجعية، مستغرباً كيف سقطت صفة الاستعجال عنه ومؤكداً انه جزء من “الكابيتال كونترول”.

وفيما سقطت صفة العجلة عن إيقاف مشروع سد بشري وأعيد الى اللجان، أسقط المجلس اقتراح القانون المعجل المكرر الرامي الى رفع الحصانة عن الوزراء، بعد نقاش مستفيض حول الاقتراح ورأي دستوري للنائب سمير الجسر لفت فيه الى انّ التفسير يتطلّب ثلثي عدد مجلس النواب، فيما اعتبر نواب آخرون انّ القانون يخفي أفخاخاً للإنتقام من الحريرية السياسية.

السرية المصرفية

وحذّر النائب ميشال ضاهر من “موضوع الازمة المالية” بعد طرحه اقتراح القانون المعجل المكرر لإلغاء السرية المصرفية، قائلاً “ان التاريخ سيحاسبنا”… علينا ان نواجه الناس بالحقيقة”، لكنّ صفة الاستعجال سقطت عن القانون وأحيل على اللجان.

في نهاية الجلسة، طرح رئيس الحكومة مشروع القانون الرامي الى فتح اعتماد إضافي بقيمة 1200 مليار ليرة في الموازنة، لافتاً الى أنّ المشروع هو من أهم القوانين وهو يغطي شبكة الامان الاجتماعي على مدى الاشهر المقبلة، ويعمل على تحفيز الصناعة والمزارعين، وهو أساسي لنُكمل هذه السنة، لكنّ نواب كتلة المستقبل كانوا له بالمرصاد فطار النصاب القانوني فجأة من قبل عدد من النواب، ورفع الرئيس بري الجلسة مُتجاهلاً طَلب رئيس الحكومة عقد جلسة مسائية لإقراره. فهل تكون إجابة دياب يوم الجمعة؟