IMLebanon

تصفية الحسابات على متن التايتانيك اللبنانية (بقلم رولا حداد)

يبدو أن اختيار حسان دياب لرئاسة الحكومة قبل حوالي 3 أشهر لم يكن عبثياً، بل إن من اختاره، وتحديداً “حزب الله” بتزكية من النائب جميل السيد، هدف إلى وضعه بشكل مباشر في مواجهة الحريرية السياسية.

هكذا يبدو الرئيس دياب يسير بين حدّين: من جهة عجزه عن تحقيق أي إنجاز ولو يتيم في الملفات الإصلاحية، ومن جهة ثانية اضطراره إلى تثبيت أوراق اعتماده إلى رعاته السياسيين وفي مقدمهم “حزب الله” و”التيار الوطني الحر”، وذلك بخوض المعارك السياسية المباشرة مع تيار المستقبل والرئيس سعد الحريري تحت شعار أنهم يتحملون إرث المرحلة الماضية.

وفي حين يتناسى دياب أن حلفاءه ورعاته في الحكومة كانوا شركاء على مدى الأعوام الماضية في كل ما آلت إليه الأوضاع في لبنان مالياً واقتصادياً ونقدياً، وكيف أنهم مسؤولون على سبيل المثال لا الحصر في إقرار سلسلة الرتب والرواتب الكارثية، ومسؤولون عن ملف الكهرباء وفي رفض معالجة ملف المعابر الشرعية وغير الشرعية وفلتان الأوضاع في المرفأ والمطار، يكتفي بتوجيه سهامه في اتجاه واحد، وكأن المطلوب اليوم تصفية الحسابات السياسية وليس القيام بعملية إنقاذ مالية- نقدية- اقتصادية والبلد بات في قلب الانهيار!

لا يمكن لأحد أن يجادل في مسؤولية الحريرية السياسية عما آلت إليه الأوضاع الاقتصادية والمالية في لبنان، فهي كانت شريكة أساسية وفي موقع المسؤولية المباشر سواء من خلال كل مراحل تسلمها رئاسة الحكومة (الرئيس الشهيد رفيق الحريري، الرئيس فؤاد السنيورة والرئيس سعد الحريري)، كما كانت أساس الترويكا الشهيرة في عهد الرئيس الراحل الياس الهراوي. لكن ماذا عن دور الاحتلال السوري الذي نحتفل في 26 نيسان بالذكرى الـ15 لانسحابه من لبنان؟ هذا الاحتلال الذي أبقى رموزه الذين سمّوا حسان دياب لرئاسة الحكومة ويستشرسون بالدفاع عنه؟ ماذا عن أدوار “حزب الله” في إحراج لبنان من الحضن العربي الذي لطالما أمّن له الرعاية والدعم الماليين؟ وماذا عن رعايته لكل أنواع الخروج عن الدولة في الاقتصاد والمال والمعابر كما في الأمن والعسكر؟ ماذا عن تكاليف حرب تموز 2006؟ وماذا عن شراكة الثنائي الشيعي مع الحريرية السياسية وغيرها في حشو الدولة بعشرات آلاف الموظفين؟ وماذا عن كل صناديق الهدر والفساد؟

كيف يمكن الحديث عن الإصلاح ومحاربة الفساد في حين أن السلطة الحالية بمكوناتها تعرقل منذ شهرين التشكيلات القضائية التي تشكل أساساً لأي إصلاح؟

إن المطلوب من الرئيس حسان دياب، وعوض أن يخوض معارك “حزب الله” و”التيار الوطني الحر” لتصفية الحسابات السياسية بالواسطة، أن ينصرف إلى إثبات استقلاليته لا تبعيته، وأن يرسل ولو إشارة إصلاحية واحدة إلى اللبنانيين أولاً وإلى المجتمعين العربي والدولي ثانياً، بعد كل الرسائل التي وجهها المجتمع الدولي إلى لبنان بالاستعداد لمساعدته في حال أقدم على البدء بالإصلاحات.

لنثق بشفافية الرئيس دياب وصدقه في إطلاق الاتهامات، فليجرؤ ولو لمرة أن يرشق حلفاءه بتهمة، بملف، بسلسلة، بصندوق أو بباخرة…

ليس الوقت اليوم يا دولة الرئيس حسان دياب لتصفية الحسابات السياسية في حين أن التايتانيك اللبنانية تغرق تحت مياه الانهيار المالي والاقتصادي، لأن المطلوب اليوم بكل بساطة ووضوح محاولة وقف الغرق الشامل قبل فوات الأوان…