IMLebanon

الأسواق تدخل مرحلة الفلتان والفوضى و”الاسعار نار”

في ظلّ التقديرات التي باتت مؤكّدة، سيرزح نصف الشعب اللبناني في الأشهر المقبلة تحت خطّ الفقر، وسط الأزمة المعيشية التي يسببها الوضع الاقتصادي والمالي والنقدي المزري، الذي تفاقم جرّاء وصول وباء “كورونا” بالتزامن مع إعلان الدولة إفلاسها… ولعلّ عبارة “نموت من الكورونا أهون ما نموت من الجوع” التي يرددها الثوار مع عودتهم إلى الشارع خير دليل لتجسيد المرحلة التي يمرّ بها لبنان. بالتالي، بات العديد من السلع الغذائية مستثنى من قائمة المشتريات المقتصرة على تأمين السلع الأرخص والأكثر إلحاحاً، واللحوم ليست من ضمنها مع بلوغ أسعارها الضعفين لا سيما وأن 80% من الحاجة المحلية تقريباً مستورد”.

من هنا، قطاع اللحوم يعاني مشاكل عدّة ووضع القيمين عليه صعب جدّاً، يؤّكد نقيب مستوردي اللحوم غابي دكرمجيان لـ “المركزية”، لافتاً إلى أن “الأسعار لا تزال على حالها، لكن المشكلة في ارتفاع سعر صرف الدولار وانعكاسه على الأسعار محلّياً، والتي باتت مرشحّة للارتفاع اليومي طالما أن سعر الصرف يزداد”. ونتمنى “توقيف الصرافين الذين يتاجرون بالدولار لحلّ المشكلة”.

وكشف أن “نسبة المبيع انخفضت بحدود الـ 50% والعديد من التجار لن يتمكنوا من الاستمرار على هذا المنوال. أعضاء النقابة تواصلوا معي ويشكون من الموضوع نفسه لأنهم عاجزون عن العمل في ظلّ الارتفاع الكبير في سعر الصرف وانخفاض نسب الاستهلاك، الأمر الذي أدى بدوره إلى تراجع نسبة الاستيراد إلى النصف أيضاً. وعادةً ننتظر حلول شهر رمضان لتحريك السوق قليلاً، إلا أن السنة لم يشهد أي ارتفاع في نسب البيع”، مضيفاً “وضع التجار صعب وبعضهم ديّن الأسواق والمطاعم والفنادق وغيرها، في حين أن عددا كبيرا منها أغلق أبوابه”، متسائلاً “في حال عودته عن ذلك كيف سيتمكن من سداد الفواتير مع ارتفاع الدولار؟”.

الفلتان الكامل: وفي حين أن ارتفاع الأسعار الجنوني لا يقتصر على اللحوم بل شمل كلّ المواد الغذائية والاستهلاكية اليومية من دون استثناء، أفاد رئيس جمعية حماية المستهلك زهير برّو “المركزية” أن “الأسعار تتغير يومياً، وعلمنا أن في بعض المناطق ترتفع مرتين خلال اليوم نفسه. الواضح أن السوق دخل مرحلة الفلتان الكامل والفوضى. أي أن نسب الارتفاع تتفاوت بين المناطق وبعض التجار يستبق ارتفاع سعر الصرف ويتم احتساب الأسعار على أساس 5000 أو 6000 ليرة للدولار. الغلاء مبالغ فيه حكماً وبشكل خطير، ونسبة الـ 58,43% التي أعلنت عنها الجمعية تغيرت، لكن لا يمكننا احتسابها لأن تبدل الأسعار يومي ونحن بحاجة إلى الثبات ولو لأسبوع لنتمكن من ذلك”.

وتابع “عدم الثقة بالليرة والمضاربات على الدولار جعلت العملة الوطنية تتدهور بشكل كبير، وارتفاع أسعار سعر الصرف مفتوح ولم يعد له سقف ما يجعل كلّ الاحتمالات واردة. من دون أن تضرب الدولة على الطاولة وتبدأ بمعالجة الأزمة الاقتصادية والمالية سيتفاقم الوضع سوءاً ولن يتمكن أحد من ضبط الانفجار”.

وأوضح أن “مراقبة وزارة الاقتصاد للأسعار جهد ضائع حالياً، ولن يوصلنا إلى أي نتيجة لأن الموضوع أخطر بكثير والإجراءات المتخذة غير كافية. الحل يكون باتخاذ الإجراءات المالية والاقتصادية الضرورية وبمعالجات جذرية للأسباب وعلى رأسها السياسات الاقتصادية والمالية القديمة، لا يمكن الاستمرار على أساسها، بل نحن بحاجة إلى أخرى جديدة أساسها النظام الاقتصادي الحرّ التنافسي لا الاحتكاري المغلق الذي يستفيد منه السياسيون وعائلاتهم ومجموعة تدور في فلك زعامتهم. بقاء نفس الأشخاص في سدّة الحكم لن يوصلنا إلى نتيجة. البلد بحاجة إلى مراجعة شاملة على كافّة الصعد ومحاسبة المسؤولين وتدفيعهم الثمن”.

وختم “نحن أمام مرحلة إنتقالية اجتماعياً واقتصادياً مجهولة النتائج لأن حتى الساعة لم تتخذ الحكومة قرارات اقتصادية ومالية شاملة على غرار ما حصل في بلدان دخلت مرحلة الانهيار الاقتصادي مثل لبنان”.