IMLebanon

صندوق النقد مرتاح لخطة التعافي وارتيابٌ دولي من «حزب الله»

شكّل الاتصال الأول من نوعه بين رئيس الوزراء اللبناني حسّان دياب ورئيسة صندوق النقد الدولي كريستينا جورجيفا منذ تقديم بيروت (يوم الجمعة) رسمياً طلب مساعدة من الـIMF، إشارةَ انطلاقِ العدّ العكسي لبدء مرحلة التفاوض مع ممثّليه ومحاولة بلوغ توافق حول برنامج تمويلٍ يرتكز على خطة الإصلاح المالي والاقتصادي التي أقرّتْها الحكومة (الخميس) والهادفة لإعادة هيكلة الدين العام المحلي والخارجي ومعالجة الخسائر المالية في القطاع المصرفي.

وفيما أعلنت جورجيفا أنها أجرت اتصالاً «مثمراً» مع دياب لمناقشة خطة الحكومة اللبنانية الاقتصادية، التي وصفتْها بأنها خطوة مهمة «كي يواجه لبنان التحديات الاقتصادية»، موضحةً «أننا اتفقنا على أن تقوم فرقنا قريباً بالمناقشات حول الإصلاحات التي تحتاج اليها البلاد بشدّة من أجل استعادة الاستدامة والنمو لمصلحة الشعب اللبناني»، كان الوعاء السياسي للتفاوض المرتقب مع الصندوق يتبلْور تباعاً على 3 مسارات متوازية تعكس استحالة الفصْل بين السياسي والمالي في هذا الملف الذي يستحضر بمناسبته المجتمع الدولي التموْضع الاقليمي للبنان انطلاقاً من التحوّل الكبير الذي عبّر عنه تشكيل أول حكومةٍ يُمسِك بقرارها «حزب الله» وحلفاؤه ارتكازاً على غالبية نيابية. وهذه المسارات هي:

* تأكيد السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة كيلي كرافت خلال جلسة نقاشية لمجلس الأمن عبر الإنترنت أمس، أن «لبنان يشهد أزمة غير مسبوقة، ويحتاج إلى إصلاح يوفر فرصاً اقتصادية وينهي الفساد»، لافتة إلى أن واشنطن «لا تزال ملتزمة بشراكتها مع لبنان. لكن اليونيفيل ما زالت ممنوعة من أداء مهام تفويضها بعدما تمكن (حزب الله) من تسليح نفسه وتوسيع عملياته، وعلى مجلس الأمن أن يسعى إلى إجراء تغيير جدي لتمكين اليونيفيل أو إعادة تنظيم صفوفه وموارده لتتناسب مع المهام التي يمكنه تحقيقها بالفعل».

وترافق موقف كرافت مع نشر معهد «بروكنغز» دراسة للسفير الأميركي السابق في بيروت جيفري فيلتمان تناول فيها خطة الإصلاح الاقتصادي، وخلص فيها إلى أن التحدي الأبرز أمام لبنان «سيكون في إقناع المانحين أن هذه الخطة لا تعزز هيمنة (حزب الله) في دولة متصدّعة ومهترئة بشكل متزايد، إن لم تكن ضعيفة وغير موجودة من الأساس».

* عدم تواني باريس عن الردّ على مواقف الأمين العام لـ«حزب الله» السيد حسن نصرالله الذي ورغم تأكيد عدم ممانعته طلب مساعدة صندوق النقد، إلا أنه شدّد على أن أي محادثات يجب ألا تؤدي الى «تسليم رقابنا للصندوق»، وذلك عبر مصدر فرنسي رفيع المستوى أكد «ان على خطة الحكومة أن تنال موافقة المساهمين في الصندوق وشروطهم لا أن تكون خطة بشروط حزب الله»، موضحاً أنه «(…) إذا اعتقد الحزب أنّ بإمكانه تقييد الشروط التي سيتم وضعها من صندوق النقد وأنّ بإمكانه الربح من الصندوق دون دفع بدل لقاء ذلك فهو يكون مخطئاً».

* أما المسار الثالث، فتمثلت باستدعاء وزير الخارجية اللبناني ناصيف حتي، السفير الألماني جورج بيرغلين، مؤكداً «موقف لبنان المبدئي أن حزب الله مكون سياسي أساسي في لبنان ويمثّل فئة واسعة من الشعب اللبناني وهو جزء من البرلمان اللبناني».

وفي موازاة ذلك، لا يشي المسارُ الداخلي الموُاكِب لطلبِ «نجدةِ» المجتمع الدولي بأن دربَه سيكون مفروشاً بالورود، في ضوء مناخات التسخين السياسي المستعادة بين الحكومة وخصومها وعدم نجاح السلطة في تحييد معركة الإنقاذ عن «الحروب الصغيرة» الداخلية ولا عن الصراع الكبير على إحكام كسْر التوازنات ربْطاً بعملية ترسيم النفوذ في المنطقة.

وفي هذا الإطار، وفي حين عقدت الحكومة أمس جلسةً أقرّت فيها تمديد التعبئة العامة بمواجهة «كورونا» (من 10 حتى 24 مايو المقبل) رغم تسجيل لبنان للمرة الأولى منذ رصْد أول إصابة بالفيروس (21 فبراير) صفر حالات جديدة في يومين متتاليين (رُصدت إصابة واحدة ببن وافدين رفعتْ العدد الاجمالي الى 741 بينها 201 حالة شفاء و25 وفاة)، تتجه الأنظار إلى «اللقاء الوطني» الذي يُعقد في القصر الجمهوري اليوم بناء على الدعوة التي وجّهها الرئيس ميشال عون لرؤساء الكتل البرلمانية لعرْض خطة الإصلاح ومناقشتها، وسط بروز شدّ حبال قوي على تخوم مستوى المشاركة انطوى على أبعاد سياسية بارزة.

فبعدما كان الرئيس سعد الحريري «دشّن» مقاطعة اللقاء، بدا أن رئاسة الجمهورية نفّذت «هجوماً دفاعياً» استوجبتْه الخشية من أن تؤدي خطوة الحريري وغياب جنبلاط (وفق ما أبلغ الى عون في لقائهما الاثنين على أن يحضرّ ممثل للكتلة) إلى أن تكرّ سبحة «خفْض التمثيل» بما يشكل انتكاسة حقيقة تصيب الرئاسة الأولى وتُظْهِر اللقاء باهتاً.

وفي هذا الإطار برز تذكير الرئاسة المدعوين إلى اللقاء بأن الدعوة شخصية ولا يجوز تجييرها، وهو ما تَرافق مع تعميمِ مناخٍ بأن التغيب المتوقَّع من رؤساء كتل كان بسبب حسابات شكلية ومعنوية تتصل بعدم حضور قادة الصف الأول، وسط اعتبارِ أوساط مطلعة أن هذه الخطوة من الرئاسة من شأنها أن تُحْرج الجميع بحيث يظهر أنهم بعدم حضورهم يقاطعون القصر ويحاولون إضعاف «الجبهة الداخلية» لمسار الإنقاذ، وسط رصْد المشهدية التي سترتسم اليوم في القصر.