IMLebanon

بين 2018 و 2020… مجلس النصف ولاية في مواجهة الثورة!

هذه المرة، لم ينتظر الناخبون مرور 4 سنوات حتى انتهاء ولاية مجلس النواب ليختاروا ممثلين جددا لهم. اكتفوا بسنة ونصف السنة من عمر المجلس الذي أنتجته الانتخابات النيابية الأخيرة في 6 أيار 2018، وحددوابأنفسهم ولايته من 6 أيار 2018 إلى 17 تشرين الأول 2019، حيث كانت الثورة والانفجار الشعبي الأكبر منذ تظاهرة 14 آذار الشهيرة.

أمام هذه الصورة، وبعد عامين على الاستحقاق النيابي الأخير، تختصر أوساط سياسية عبر “المركزية” الجزء الأول من “العهد البرلماني” كالآتي: على مدى أكثر من ثلاث سنوات، كان القانون الانتخابي نجم النقاشات والمداولات المحلية، إلى حد أن بعض الأطراف جهد لإقناع الرأي العام بأن النسبية هي الحل الأفضل للخروج من دهاليز الطائفية السياسية، مع الحفاظ على” حقوق الطوائف”. غير أن الأدهى يكمن في أن القيمين على المطبخ الانتخابي لم يفوتوا على أنفسهم فرصة تطعيم القانون النسبي الجديد بنكهة أكثرية أتاحها الصوت التفضيلي (ذو الطابع الطائفي بامتياز) على مستوى القضاء، لا لشيء إلا ليكرسوا المحادل السياسية التقليدية وسيطرتها على الحياة السياسية.

وفي انتظار ما سينتهي إليه نضال الثوار المتمسكين بشعار “كلن يعني كلن” لضخ بعض التغيير في عروق البرلمان كما الحكومات بعد أكثر من ثلاثين عاما على انتهاء الحرب الأهلية، تشير المصادر إلى ضرورة الاعتراف لهذا المجلس بانجاز بعض القوانين المهمة في مجال مكافحة الفساد الذي حضر فجأة على رأس سلم أولويات الجميع. فكان أن أقر قانون حماية كاشفي الفساد، كما قانون إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، والنص الذي يتيح ملاحقة الموظفين في الادارات العامة في قضايا فساد من دون موافقة مسبقة من الوزير المعني، إضافة إلى إقرار موازنتي العامين 2019 و2020.

وإنطلاقا من هذه النقطة تحديدا، تعدد المصادر سلسلة من المخالفات الدستورية والخطايا السياسية الكثيرة التي ارتكبها نواب الأمة في فترة لا تتجاوز النصف ولاية النيابية. وفي السياق، تلفت المصادر إلى أن المجلس النيابي الحالي أقر موازنتي 2019 و2020 من دون قطع الحساب المفترض أن يفصل حركة الواردات والنفقات، وذلك بفعل اتفاق سياسي عريض لم يمنع ممثلي الشعب من المس بمقدسات مكتسبات العسكريين وموظفي الدولة، الذين كان المجلس السابق، وللأسباب الانتخابية المعروفة، أقدم على رفع أجوره بشكل جنوني ومن دون أي دراسة أثر اقتصادي، تحت ستار سلسلة الرتب والرواتب، وهي جزء أساسي من الانهيار الذي بلغه الوضع.

على أن هذه المخالفة الدستورية قادت الموازنة السابقة إلى الطعن أمام المجلس الدستوري، شأنها شأن قانون تنفيذ خطة الكهرباء التي كانت الحكومة الحريرية قد أقرتها في نيسان 2019 إلى هذه القوانين، يضاف ذاك المتعلق بخطة إدارة النفايات الصلبة، الذي يلحظ خيارات مرعبة ليس أقلها المحارق التي تحتاج توافقا سياسيا لا يزال بعيد المنال… كل هذا فيما جولة جديدة من أزمة النفايات بدأت تطل برأسها، وتم قطع دابرها، بـ”مسكنات”  توسيع المطامر إلى حين نضوج الحل النهائي.

لكن المصادر تؤكد أن أهم ما يجدر التوقف عنده في ما يخص المجلس الحالي يكمن في قوة الحراك الشعبي الذي هزه إلى حد منعه من إقرار قانون عفو عام لا يحترم معايير محددة تتيح لمستحقي الحرية استعادتها. خطوة كان القيمون على الحكم في البلاد يرونها سبيلا إلى تهدئة النفوس الثائرة المليئة بالغضب، تماما كما عطل الحراك إقرار قانون الكابيتال كونترول، حتى اللحظة على الأقل.

لكن كل هذا في واد والمجريات السياسية في واد. ذلك أن هذا المجلس، لم يتلقف جيدا رسالة الثوار: التغيير لا يكون بالعودة إلى المعادلات القديمة، بل في القفز فوق الصورة التقليدية للإتيان بأناس جدد قادرين على استلام شؤون البلاد والعباد بعد طول معاناة. بدليل أن الغالبية الساحقة من الكتل الحاضرة في مجلس النواب لم تر ضيرا في الاشتراك العلني في حرب تناتش الحصص التمثيلية والوزارية، في المرحلة الأولى لترجمة نتائج الانتخابات، وللاستمرار في المشاركة في صنع القرار رغما عن إرادة الناس في المرحلة الثانية، فحلت الحكومة السياسية مكان ما كان يفترض أن يكون فريقا وزاريا من الاختصاصيين المستقلين، تبعا لما تطالب به الانتفاضة الشعبية… كلها أمور تظهر ضرورة استمرار الثورة حتى تحقيق الهدف المنشود!