IMLebanon

أعيدوا أموالَنا من النواطير! (بقلم يورغو البيطار)

لم ترغب “السيدة الثالثة” في لبنان، نائبة رئيس الهيئة اللبنانية لشؤون المرأة، نوار مولوي دياب أن تمرّ إطلالتها “الصريحة” الأولى على اللبنانيين مرور الكرام. فأصرّت خلال زيارة “تفقدية” لوزارة الإعلام، في عز ما يفترض انه إغلاق شامل في لبنان بالمناسبة، أن تستعرض حلولًا “مبتكرة” تساهم في خروجنا من الأزمة الاقتصادية الخانقة!

لم تجد الدكتورة دياب، التي ووجهت بعاصفة لم تهدأ على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا طرحًا بات يمكن بسهولة وضعه في خانة “الترّهات” التي تغدقها علينا يوميًا حكومة البروفسور دياب ومَن وراءه في الظل.

“فلنستغنِ عن كل العمال الأجانب”! رائع! “خلي الصبايا اللي قاعدين ببيوتن يشتغلوا بالمنازل” لأن “مصرياتنا تلاث ارباعها عم تطلع لبرا” ممتاز فعلًا! كل ذلك لا يمكن ان يختتم من دون إشارة الى ضرورة “تعديل العقلية اللبنانية” القديمة. طرح أشبه بالمعجزة!

قالت السيدة نوار هذه الجمَل بكل ثقة، وهي ليست صاحبة هذه الأفكار الفريدة وبالتأكيد لن تكون الأخيرة التي تطرحها، فمواقفها جزء لا يتجزأ من حملة مكشوفة تريد تحميل وزر انهيار وطننا ومأساتنا الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة الى “عقلية اللبناني” و”العاملات المنزليات”..

كيف ولا وهنّ يخرِجن دولاراتنا الى عائلاتهنّ؟ كيف لا وهنّ بتن سببًا لما وصلنا اليه من عشرات مليارات الدولارات من الديون؟!  كيف ولا و”النواطير” يسرقون أحلام شبابنا بحراسة المنازل والمؤسسات؟ اطردهم الآن فالحكومة تريد العمل، وهؤلاء يمنعونها!

ربما بعد قليل ستطالب السيدة نوار، ومن يروج لهذه النظرية، ان نستعيد الأموال “المنهوبة” من عاملات المنازل والنواطير لنسدّ الدين العام! العاملات أنفسهن اللواتي يعانين نظامًا أشبه بالاستعباد بتنَ الآن سببًا هامًا في تدهور اقتصادنا وخروج دولاراتنا!

لا ليست كوارث قطاع الكهرباء هي التي ثقلننا بعشرات مليارات الدولارات من الخسائر والديون، لا ليس التهريب اليومي المفتوح والمفضوح والمحمي ما يزيدنا يوميًا خسائر مالية لا تحصى، لا ليس الفساد السياسي والاقتصادي والأمني والقضائي الذي ينهشنا في كل ساعة سببًا محوريًا في انهيار “النموذج اللبناني”، لا ليست الحروب والتدخلات العسكرية الخارجية والانصياع الأعمى لمحاور جرت الويلات الى بلدنا مسؤولة عن الكثير الكثير من مآسينا…

نموذج تصريحات السيدة دياب ليس يتيمًا والا لما استحق كل ذلك الجدل… من الواضح ان ثمة “منظومة” جديدة تريد تحميل كل تركة مأساتنا إلى “عقلية” اللبناني… هذه العقلية التي لطالما سمعنا ملاحم إشادة بها وبفرادتها وبقدرتها على التكيّف، حتى وصل البعض إلى حد الغزل بـ”جيناتها” المميزة، أمست الآن موضع ضرب شبه يومي وإساءة مستمرّة… من “اللي مش عاجبه يفلّ” الى “اللي ما بيفرز ما يسمّعني حسّه” مرورًا بالكثير من مفردات تحويل الضحية الى الجلاد والتخويف بخدمة أجندات لا تنتهي، بات الكثير من المسؤولين في عالم موازٍ يهربون مما يجب ان يقدموا عليه عبر تحميل فشلهم المتواصل إلى أسباب لا تنتهي وأعذار لا مجال لحصرها… إنها ترّهات فعلًا…

ترّهات تبرع الحكومة في بثها عبر سياقات عدة وتحالفات مع بعض الإعلام الذي يتقن فنّ تحويل هذه الترّهات إلى إنجازات خصوصًا منذ بدء أزمة كورونا عبر توبيخ الناس وحتى تسفيه مطالبهم وصرخاتهم وأصواتهم… أنحتاج الى دليل أفضل عن الترهات سوى مقاربة وزير الداخلية محمد فهمي عن خطورة “تفكيك المجتمع عبر كورونا لتحقيق الهدف الصهيوني”؟