IMLebanon

موقف الضاحية يُحدد مصير الدعم… فهل تتنازل لإنقاذ البلد؟

مرة جديدة، تأكّد لمن لا زالوا يعوّلون – وهم قلّة والحمد لله – على مساعدات سهلة او سريعة يمكن ان “تنسكب” على لبنان لانعاش عروقه وشرايينه الاقتصادية والمالية الجافّة، أن هذا الرهان في غير مكانه. فمشاورات الحكومة مع صندوق النقد الدولي ومع الدول الراعية لمؤتمر سيدر، أمس، أثبتت ان الاصلاحات والشفافية ومحاربة الفساد وسدّ مزاريب الهدر، أمورٌ لا مفرّ منها، وانها مطلوبة أوّلا عبر اجراءات وخطوات ملموسة حسية وفعليّة. فمتى نُفّذت بعد تقويمها، يقرر المانحون ما اذا كانوا سيحوّلون اموالهم – او ما بقي منها – لصالح بيروت.

هذه الاصلاحات، بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، بات القاصي والداني في لبنان يعرفها. رغم ذلك، ذكّر بها المجتمع الدولي الحكومة امس، علّ في التكرار افادة. الكهرباء، ضبط الحدود ووقف التهريب عبرها، اقرار مشاريع وقوانين لمحاربة الفساد في مجلس النواب والمباشرة في تطبيقها طبعا… لبنان الرسمي تعهّد امس على لسان رئيس حكومته حسان دياب، بأنه سيباشر في هذه الورشة، تماما كوزير الطاقة ريمون غجر الذي اعلن ان تعيين هيئة ناظمة لقطاع الكهرباء بات وشيكا، في حين وعد وزير المال غازي وزني الصندوق بأن انجاز التعيينات المالية اصبح أيضا على النار، كل ذلك بعد ان رأس دياب اجتماعا مع الوزراء والاجهزة المعنية للبحث في سبل وقف التهريب… غير ان كثرة الاجتماعات والكلام المعسول والوعود البراقة، ما عادت تنفع مع الخارج الذي “لدغ من جحر لبنان” مرّات، وهو ينتظر التطبيق.

من هنا، تنتقل المصادر لتقول ان كل ما ورد في مداولات السراي والصندوق امس، يبدو في الواقع، موجّها الى “حزب الله”، عرّاب الحكومة وراعيها الاول. فالخطوات الكبيرة التي يطلبها المجتمع الدولي، تبدو في معظمها، تطاله، بصورة مباشرة ام غير مباشرة. فهل سيرضى بها؟ مكافحة التهريب عبر المعابر الشرعية منها وغير الشرعية، تعنيه من حيث تغطيته هذه الممارسات او غض النظر عنها، تماما كما تعنيه مسألة ضبط الحدود اللبنانية – السورية ووضعها تحت مراقبة الاجهزة العسكرية والامنية اللبنانية.

فالامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله اكد منذ ايام ان هذا الاجراء يتطلب تنسيقا بين بيروت ودمشق، قبل ان يستطرد “التدبير يشمل فقط التهريب التجاري – اذا جاز القول- اما حركتنا العسكرية فمستثناة، وخط طهران – بغداد – دمشق – بيروت، سيبقى مفتوحا”.

وبحسب المصادر، هذه الازدواجية في الموقف “الاصفر” – والتي اعتمدها في التعاطي مع القرار 1701 حيث سلّم الارض لليونيفيل وراح “يحفر” عسكريا تحتها – تدل عمليا الى ان قرار اقفال الحدود، سيُمنع اتخاذه في مجلس الوزراء، او لنقل “سيبقى نظريا، وسيُمنع تنفيذه على الارض”. فهل التحايل على المجتمع الدولي، والسير بين النقاط، سيمّر لدى العواصم الكبرى، المدركة بالشاردة والواردة في الحياة السياسية اللبنانية؟

حتى الساعة يبدو حزب الله، رافضا التضحية بمصالحه الاستراتيجية، لصالح المصلحة اللبنانية العليا. واذا انتقلنا الى الكهرباء والاتصالات مثلا، فالسؤال هو “هل سيرفع حزب الله الدعم المطلق الذي يؤمنه لحلفائه وخططهم في هذين القطاعين، سيما بعد ان أثبتت فشلها وكلفتها الباهظة القاتلة للخزينة؟ ام سيبقى يغطّيها كما فعل لسنوات”؟ الطابة اذا في ملعب الضاحية هنا ايضا.

موقفُ الحزب مفصلي واساسي في تحديد مسار الامور في البلاد اقتصاديا وماليا. فهل سيتعاون ويتنازل لانقاذ البلاد، ام  سيبقى يبدّي “المحور” ويهاجم الخليج ويقاتل في الميادين العربية ويتغاضى عن الفساد في الداخل؟