IMLebanon

لماذا الحرب على النظام المصرفي؟ (بقلم ميليسا ج. افرام)

نجح “حزب الله” وإعلامه في تحويل جزء كبير من الثورة والنقمة باتجاه القطاع المصرفي حصراً بقيادة مصرف لبنان.

هذه الحرب التي شنّها الحزب على المصارف لاقت تجاوباً من اللبنانيين بفعل معاناتهم في سحب أموالهم من المصارف، ولكنهم سرعان ما اكتشفوا الحقيقة المرّة، وهي أن المصارف بإداراتها وموظفيها هم ضحايا مثلهم، ضحايا الفساد السياسي الذي عبث بأموال المودعين والمصارف خدمة للطبقة الحاكمة والتي يرعاها “حزب الله” منذ العام 2008 بعد حوادث 7 أيار واتفاق الدوحة.

ولمن لا يتذكر، فإن هيمنة السلاح التي فرضت معادلات سياسية في البلد، وازتها معادلات تم فرضها على اقتصادنا والوضع المالي، فكانت المصارف مُلزمة بالاستمرار في إقراض الدولة الفاسدة من أموالنا كمودعين تحت طائلة الادعاء عليها وزجّ أركانها في السجون كما حصل مع رئيس جمعية المصارف في العام 2014 فرنسوا باسيل، أو تحت طائلة المتفجرات المتنقلة كما حصل مع متفجرة “بلوم بنك” لمحاولة ردع المصارف عن تطبيق العقوبات المالية الأميركية ما كان ليهدد بعزل النظام المصرفي برمته عن النظام العالمي ويلغي أي قدرة للبنان على استيراد أي شيء من الخارج.

هكذا كان المطلوب من القطاع المصرفي الذي هو أساس الاقتصاد والقطاع الخاص في لبنان أن يستمر في تمويل فساد القطاع العام الذي يشكّل “البيئة الحاضنة” للزبائنية السياسية، وذلك من أموال اللبنانيين ومدخراتهم، وذلك تحت طائلة التهويل بقطع رأس هذا القطاع. لم تنفع كل تحذيرات حاكم مصرف لبنان رياض سلامة للسلطة السياسية والحكومات المتعاقبة، ولم تنفع دعواته المتكررة إلى الإصلاح قبل فوات الأوان، ولم تنفع محاولات المصارف مع أهل السلطة لوقف النزيف.

وحين انهارت الدولة لا القطاع المصرفي، نعم حين أعلنت الدولة إفلاسها بسبب فسادها لحظة إعلان عدم قدرتها على تسديد سنداتها السيادية للمرة الأولى في تاريخ لبنان، سعت لتأمين “كبش محرقة” فألقت باللوم على المصارف وباتت المعادلة كالآتي: الشعب يطالب المصارف بأمواله، والمصارف تطالب الحكومة بسداد مستحقاتها لتدفع للمودعين، و”حزب الله” والحكومة يوجّهان النقمة على المصارف للتغطية على الفساد الرسمي وعلى رغبة الدولة بعدم سداد ديونها!

المضحك- المبكي أن البعض يلوم المصارف على عدم دفع المستحقات للمودعين ولا يسأل الحكومة عن دفع مستحقاتها. فهي لا تدفع مستحقاتها للمصارف من سندات، ولا تدفع لشراء الفيول لمعامل الكهرباء، ولا تدفع مستحقات المستشفيات التي بدأت تقفل أبوابها، ولا تدفع للمتعهدين، ولا تدفع حتى لشركة طباعة الطوابع التي انقطعت من الأسواق…

نعود إلى السؤال الأساس: لماذا الحرب على النظام المصرفي؟ لأنه بكل بساطة صلة الوصل بين لبنان والغرب، بين لبنان والعمق العربي، والمطلوب تدمير صلة الوصل هذه ليصبح لبنان يشبه دول محور الممانعة المعزولة، لأن لبنان المزدهر لا يشبههم ولا يمكن أن ينضوي في محورهم… فهل يجوز بعد السؤال عن أسباب الحرب على المصارف؟