IMLebanon

المحكمة الخاصة بالجرائم المالية.. هل تشكل الحل؟

يجهد التيار الوطني الحر لتصويب البوصلة السياسية في مواجهة الاتهامات التي تكال له بفتح المعارك الرئاسية باكرا، كما جاء على لسان الخصم الرئاسي اللدود، زعيم تيار المردة سليمان فرنجية الذي أعلن بما لا يقبل لبسا أن رئيس التيار النائب جبران باسيل هو الذي فتح الكباش على الاستحقاق الرئاسي.

وفي وقت تسير علاقات التيار على خطوط التوتر العالي مع الحلفاء، لا سيما حزب الله إلى جانب المردة، يبذل العونيون جهودا للقفز فوق هذا النوع من السجالات ذات الطابع السياسي التقليدي لتأكيد أن بوصلته موجهة راهنا نحو هدف محدد: مكافحة الفساد وانتشال البلاد من أزمتها الاقتصادية العميقة، على اعتبار أن راحة الناس ورخاءهم وإبعاد شبح الجوع عنهم أهداف سامية يجب أن تكرس الجهود الكبيرة من أجل تحقيقها. وتشير أوساط مطلعة في هذا الاطار عبر “المركزية” إلى أن التيار يعتبر أي نقاش في غير هذا الملف الساخن، في هذا التوقيت تحديدا، ليس إلا محاولة لذر الرماد في العيون وإلهاء الرأي العام عن شغله الشاغل في لقمة عيشه، وإغراقه في مستنقعات سياسية.

انطلاقا من هذا الموقف، تفسر الأوساط عينها الصمت البرتقالي إزاء المواقف النارية التي أطلقها المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، والتي حملت بين طياتها دعوة إلى إعادة النظر في اتفاق الطائف والنظام السياسي المعمول به، مشددة على أن التياريين منشغلون بالضغط من أجل إنشاء المحكمة الخاصة بالنظر في الجرائم المالية، على أن تكون مستقلة عن الجسم القضائي، بما يتيح لها هامشا واسعا من الحرية والحركة في محاكمة الفاسدين وأصحاب النفوذ الذين جنوا أموالا من خلال ممارسة وظيفة عامة. وفي السياق، تذكر مصادر مقربة من التيار عبر “المركزية” أيضا أن سبق للتيار أن قدم اقتراح قانون في هذا الصدد، ينص على إنشاء محكمة للنظر في الجرائم المالية، على أن يكون أعضاؤها منتخبين من الجسم القضائي، لافتة إلى أن رئيس لجنة المال والموازنة النائب ابراهيم كنعان كان دعا مرارا إلى مقاربة هذا الموضوع من زاوية وطنية صرفة، لا من ناحية الفئويات الحزبية الضيقة.

وفي انتظار مصير هذا الاقتراح الضروري في مجال مكافحة الفساد، لا أحد يشك في أن التجارب السابقة في مجال وضع آليات المحاسبة على السكة الصحيحة لا تزال ماثلة في أذهان الناس، كما في ذاكرة القوى المعارضة، التي تنادي أوساطها بضمانات تؤكد استقلالية هذه المحكمة وأعضائها عن القوى السياسية. إلا أنها تخشى نتيجة سلبية في هذا المجال، وهو ما تدل إليه بقوة قضية التشكيلات القضائية العالقة في الأدراج، فيما كان من المفترض أن تبصر النور منذ شهور، بعدما أنجزها مجلس القضاء الأعلى بسرعة مشهودة. لكن هذا لا ينفي أن الأوساط المعارضة تؤيد فكرة إنشاء هذه المحكمة الخاصة، علها تفضي إلى نتائج أنجع من لجان التحقيق البرلمانية التي لم تبصر النور حتى اللحظة، مع العلم أنها كانت لتطال ملفات “دسمة” كقضية البواخر الشهيرة، التي عادت تطفو إلى السطح من زاوية المعامل الكهربائية، التي قد تكهرب مجددا أجواء الجلسة الحكومية المنتظرة غدا.