IMLebanon

اهتزازات الحكومة ترسم علامات استفهام حول مصيرها! 

بدت بيروت وكأنها «ترْبطُ الأحزمةَ» في ملاقاةِ تَصاعُد عصْفِ الأزماتِ الداخلية المالية – السياسية التي باتت تتقاطع مع رياحٍ ساخنةٍ تهبّ من الصراع الإقليمي واشتداد الضغوط الأميركية لفكّ ارتباط لبنان به عبر «حزب الله» الذي صار «بين ناريْ» عقوبات واشنطن عليه، والعصا التي أصبح يشكّلها «قانون قيصر»، الذي دخل حيّز التنفيذ في الأول من يونيو، واضعاً بعض حلفاء الحزب «تحت سيف» عَقابٍ سياسي – اقتصادي – مالي من بوابة روابطهم معه وأي دعْمٍ لنظام الرئيس بشار الأسد أو تعاون معه، سواء كان عسكرياً أو في جهود إعادة الإعمار.
وفيما قطعتْ السفيرة الأميركية دوروثي شيا، ومن على منبر «حليف عدوّها» (التيار الوطني الحرّ)، الشكّ باليقين، حيال المفاعيل المتدحْرجة لـ«قانون قيصر»على الواقع اللبناني الذي بات بين «فكيْ كماشةِ» انهيارٍ مالي لا إمكان للنجاة منه خارج الضوابط الدولية الـ«بوليتيكو – تقنية»، وحصارٍ سياسي يشي بفصول أكثر احتداماً، انشغلت بيروت على تخوم على التطور المفصلي بأمريْن:

* الأوّل محاولة التقصي عن هوية «أكثر المطلوبين» لبنانياً من القانون الأميركي.

* والثاني الارتباك الرسمي غير المفاجئ في التعاطي مع «قانون قيصر» وما يرتّبه ذلك من تبعاتٍ، سواء على صعيد التعاون القائم ضمن ما يشبه «الخط العسكري» بين وزارات لبنانية ونظيراتها السورية، أو برسْم «اوتوستراد» الانفتاح الذي دشّن المطالبة بفتْحه بين لبنان والنظام السوري الأمين العام لـ«حزب الله»السيد حسن نصرالله تحت عنوان «السوق المشرقية» ليلاقيه في منتصف الطريق، التيار الوطني الحر ورئيسه جبران باسيل.

وجاء بيانُ المكتب الإعلامي في رئاسة الوزراء تعليقاً على توزيع نص «قانون قيصر» خلال جلسة الحكومة (الجمعة الماضي) وتأكيده «أن الحكومة بصدد درس تأثير القانون على لبنان، والهوامش التي يمكن للحكومة العمل فيها من دون حصول ارتدادات سلبية على البلد»، مشدّداً على أنه «لم يحصل أي التزام أو نقاش أو تبنّ لهذا القانون في جلسة مجلس الوزراء»، ليُثبت أن هذا القانون تحوّل معطى لا يمكن للحكومة، إدارةَ الظهر له.
وفي حين اعتبرت أوساطٌ سياسية عبر «الراي»، أن أي تظهيرٍ لـ«بلاد الأرز» على أنها «خارجة على القانون» الذي وضعتْه صاحبة النفوذ الأقوى في صندوق النقد من شأنه أن ينعكس حكماً على مفاوضات بيروت مع الـIMF حول برنامجٍ تمويلي إنقاذي يبدأ دفتر شروطه بإصلاحاتٍ هيكلية صارت «مُدَوَّلة»، ولا ينتهي بعنوان ضرورة ضبْط المعابر الشرعية وغير الشرعية مع سورية لزوم وقف «نزيف» التهريب والتهرب الجمركي، فإنها رأت أن تكييف الوضع اللبناني مع موجبات «قيصر» تبقى محكومةً بمعادلةٍ يتوزّع فيها الأدوار «حزب الله» و«التيار الحر» وتقوم على تَفادي سوْق لبنان إلى «المقصلة» الأميركية، وفي الوقت نفسه إبقاء البلاد منضبطة تحت الإمرة الاستراتيجية للحزب «المطلوب رأسه» من واشنطن، والذي تتسع حلقة الدول الأوروبية التي تصنّفه بجناحيْه العسكري والسياسي، «إرهابياً».

وعلى وقع هذه الأبعاد البالغة الدقة لـ«قانون قيصر»، لفّ غبارٌ كثيف خلفيات التسريبات وعبر أكثر من مصدر عن مناخِ تبديلٍ حكومي يراوح بين حدّيْن: تغييرٍ شامل يذهب في اتجاه حكومة جديدة برئاسة غير حسان دياب، وتتشارك في دعْم تشكيلتها التكنوقراط، مختلف الأطراف السياسية بما فيها قوى المعارضة، وتعديلٍ يشمل بعض الوزراء على قاعدة إدخال أسماء جديدة وربما من «الصف العسكري» تتمتع بصدقية.

وإذ جرى ربْط هذا المناخ ببُعديْن، أوّلهما إدراك باسيل أن تَخَبُّط الحكومة في ملفات عدة واحتراقها بكرة النار المالية في ضوء صعوبة التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد سيعني عملياً «حرق ورقته» الرئاسية، وثانيهما أن «قانون قيصر» بات يستوجب تركيبة وزارية جديدة تعاود وضْع خط فاصل أكثر وضوحاً بين السلطة و«حزب الله» تلافياً لـ«حكومة غزة» لبنانية، فإن الأوساط السياسية أبدت حذراً حيال هذه التسريبات ومآلاتها في ضوء المعنى الذي سيكتسبه أي تَراجُع من «حزب الله» أمام الاندفاعة الأميركية بوجهه، من ضمن المواجهة الكبرى مع إيران، ولا سيما أن التغيير الحكومي سيكون بمثابة إقرار بفشل تجربة الحزب في الحُكم ومن خلفه الإدارة الإيرانية لساحات نفوذها.

وتساءلت هذه الأوساط عن وقْع ما يشبه «نفْض اليد» الإعلامي من الحكومة، التي تواجه تصدّعات داخلية تعوق إنجازها ملفات اساسية، أبرزها التعيينات الإدارية والمالية، على الأرض التي تستعد لتظاهرة السبت المقبل، وسط عدم استبعاد أن يوفّر هذا المناخ السياسي «وقوداً» إضافياً للتحركات الاحتجاجية وكأنه يدفع الحكومة إلى «فم الشارع» الغاضب والذي تزيده الأزماتُ المتناسلة احتقاناً، وآخرها التقنين في تسليم المحروقات (بنزين ومازوت) بفعل تعقيدات تتصل بفتْح الاعتمادات وشروط جديدة باتت تفرضها المصارف المراسلة، ناهيك عن التهريب إلى سورية، وهو ما أنذر بتداعيات (بفعل شحّ المازوت) على صعيد يوميات اللبنانيين المأخوذين أيضاً بهمّ «كورونا» الذي سجّل أمس 9 إصابات جديدة (2 لمقيمين و7 لوافدين) رفعت العدد الإجمالي إلى 1242، وذلك وسط مؤشراتٍ لقرب اكتمال نصاب استئناف «الحياة الطبيعية» مع فتْح المطار في الثلث الأخير من يونيو الجاري.

وإذ تتجه الأنظار اليوم ديبلوماسياً إلى الاجتماع الذي يترأسه رئيس الجمهورية ميشال عون في حضور دياب ووزير الخارجية ناصيف حتي، مع سفراء الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن وممثل الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان يان كوبيتش للبحث في التمديد لقوة «اليونيفيل»، حيث سيبلغ عون موقف بيروت من هذا الملف (التمسك بالتمديد للقوة ورفض أي تغيير في مهماتها وقواعد الاشتباك) مع اقتراب موعد درسه في نيويورك، يسود ترقُب على الجبهة النقديّة لمعاودة الصرافين المرخّصين العمل بدءاً من اليوم بالتزامن مع تولّي البنك المركزي تغطية مستوردات سلة غذائية ومواد أولية لازمة للتصنيع الغذائي وللصناعات التصديرية الأساسية بدولار مدعوم بسعر 3200 ليرة.

ووفق استطلاع أولي لـ«الراي» لعدد من الصرافين، فإن العمل على تهدئة جبهة سوق القطع الموازية سيجري تدريجاً وضمن هوامش سعرية قريبة من السعر السوقي السائد حالياً (ناهز 4100 أمس في السوق السوداء)، على أن تتولى الأجهزة الأمنية والقضائية كبح المضاربين والصرّافين غير المرخصين تمكيناً لتصويب حركة العرض والطلب وحصْر عمليات الصرف في السوق الموازية لدى الشركات المرخصة.
من جانبه، أكد قائد الجيش العماد جوزف عون، ان «الجيش ليس عدو شعبه بل يحميه ويحمي المتظاهرين»، مشدداً على «اننا لن نسمح بالعبث بساحتنا الداخلية واستقرارنا الأمني».