IMLebanon

الفتنة برعاية الحزب! (بقلم رولا حداد)

مضحك- مبكٍ وضع السياسيين في بلدي، فهم يصرّون على ممارسة سياسة النعامة كل مرة وفي كل الحوادث التي تعصف بلبنان.

آخر إبداعاتهم بالأمس على هامش تظاهرة 6 حزيران وما أعقبها، تكررت تصريحات السياسيين والمسؤولين بشكل ببغائي بحيث أخذوا يرددون الجملة الشهير “لعن الله من أيقظ الفتنة”، وكأن من أيقظها مجهول وغير معلوم ولم يشاهده اللبنانيون بأمّ العين عبر شاشات التلفزيون!

هل تريدون أن تعلموا من أيقظ الفتنة بالأمس ويوقظها دائماً في لبنان؟

من أيقظ الفتنة هم المجموعات التي تنزل إلى الشوارع والساحات لتهتف “شيعة، شيعة، شيعة” في مواجهة لبنانيين يرفعون العلم اللبناني ويطالبون بأبسط حقوقهم!

من أيقظ الفتنة هم الذين يشتمون الرموز الدينية لأهل السُنة وللمسيحيين ولجميع شركائهم في الوطن مستندين إلى استقوائهم بسلاحهم المذهبي!

من أيقظ الفتنة هو من اجتاح العاصمة بيروت والجبل وقتل عشرات اللبنانيين حماية لمشروعه الخارج عن الدولة!

من أيقظ الفتنة ويوقظها تكراراً هم الذين ينفذون أجندات إيرانية تحمل مشروعا مذهبيا وتهدف إلى “تصدير الثورة” وفرضها على كل الدول العربية ومن بينها لبنان!

المشكلة في لبنان تكمن في أن جميع المسؤولين يتهرّبون من وضع الأصبع على الجرح: “حزب الله” في كل مرّة يشعر بأنه “محشور” داخلياً أو إقليمياً يلجأ إلى إشعال الفتنة للتهويل على الآخرين داخلياً أو لإرسال رسائل إقليمية ودولية بأنه يحكم قبضته على لبنان ويستطيع إشعاله ساعة يريد في حال تعرّض لمزيد من الضغط.

ولكن على “حزب الله” أن يدرك أن ثمة متغيرات داخلية وإقليمية ودولية يجدر به التوقف عنها بانتباه شديد:

ـ أولاً على المستوى الإقليمي والدولي لم يعد ثمة من يأبه لرسائله وتهديداته، ولم يعد المجتمع الدولي يأبه لسقوط لبنان بالكامل مالياً واقتصادياً واجتماعياً، وزمن حرص المجتمعين العربي والدولي على لبنان أكثر من حرص اللبنانيين أنفسهم ولّى إلى غير رجعة. وبالتالي فإن أحداً لن يتلقف رسائل الحزب وتهديداته، وليتهدّم لبنان على رؤوس اللبنانيين بما فيهم “حزب الله” وبيئته وجمهوره لا مشكلة!

ـ ثانياً على المستوى الداخلي فإن الحزب تيقّن أن ممارساته السابقة، وحتى التي تابعها العالم بأسره بعد ثورة 17 تشرين لم تعد تنفع اليوم لأن اللبنانيين سئموا لغة التهديد والتهويل، وباتوا يدركون أن لا خيار أمامهم سوى مواجهة عنجهية “حزب الله” مهما كان الثمن، وبالتالي فإن على الحزب أن يعيد حساباته لأن أسلوب التهويل لم يعد ينفع مع اللبنانيين الذين ضاقوا ذرعاً بممارساته.

في الخلاصة الأساسية أن المطلوب بالفعل وليس بالقول وأد الفتنة عبر الانتهاء من لعبة السلاح والاستقواء به على اللبنانيين والمتاجرة به في البازارات الإقليمية والدولية، وهذا لا يمكن أن يتحقق إلا بالعودة إلى الدولة والشرعية في لبنان والخلاص من كل السلاح غير الشرعي، وبالعودة أيضاً إلى الشرعيتين العربية والدولية والمباشرة بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة. بعيداً عما تقدّم ستبقى الفتنة تتنزه من الخندق الغميق في اتجاه وسط بيروت ومن الشياح باتجاه عين الرمانة في كل مرة تقتضي مصلحة الحزب ذلك… وكان الله يحبّ اللبنانيين!