IMLebanon

“ثورة الجياع”… لا محرّمات ولا ضوابط او شروط من السلطة

بمعزل عن سيل التحليلات والقراءات في نجاح او فشل ثورة 6/6، وما آلت اليه على مستوى النتائج الكارثية التي كادت تعيد البلاد في لحظات الى زمن الحرب المذهبية البغيضة التي استنهضتها العصبيات الطائفية، وبعيدا من تدحرج الاحتقان الشعبي من مرتبة المطالب المعيشية الجامعة والمحقة الى مقام رفع شعارات سياسية انقسامية شتت مجموعات الثورة وحرفتها عن اهدافها الاساسية، معطوفة على خطة متقنة اعدتها السلطة السياسية لوأد الثورة واطفاء شعلتها المتقدّة، تستغرب مصادر سياسية معارضة الحال التي بلغتها البلاد المفترض انها تتبع النظام الديموقراطي المستند الى حرية الرأي والتعبير المصانة في الدستور، ما يعني ان لا مجال لتقييدها او وضع ضوابط وخطوط حمر، خصوصا من جانب قوى سياسية او حزبية، ما دام الدستور يكفلها.

وتقول المصادر لـ”المركزية” ليس من لبناني يريد العودة الى الحرب ولا الى زمن الانقسامات بل العكس، واذا كان من هدف للثورة النظيفة قبل ان تندسّ فيها “جماعات مشبوهة” لتخريبها، فإن نبذ الطائفية والدعوة الى الدولة المدنية يكاد يكون الشعار الاهم، في حين ان من يسعى الى الفتنة هي القوى السياسية الحاكمة المعلوم انها حركت ادواتها الفتنوية لضرب الثورة، وقد نجحت جزئيا في اصابة الهدف، الا اذا نظمت الثورة صفوفها واعادت ترتيب اولوياتها وحددت اهدافها عبر خطة طريق تمنع السلطة من استكمال مخطط تسديد الضربة النهائية لها.

وتسأل المصادر ما دام الدستور يعطي المواطن حق حرية التعبير، وطالما ان رئيس الجمهورية في حد ذاته يتعرض للانتقاد من بعض القوى السياسية التي لا توافقه الرأي في الكثير من الاحيان، فلمَ تبقى بعض الشخصيات خارج دائرة انتقاد مواقفها او ممارساتها خصوصا حينما لا تخدم مصلحة الوطن، وتوضع في مصاف القداسة وموقع الخط الاحمر؟ ولمَ يحرّم بعض الاحزاب المطالبة بتطبيق قرار دولي ترى فئات واسعة من اللبنانيين انه يخدم اهدافها الوطنية؟ وهل ان القرار 1559 بات جريمة في حين ان مشاركة شباب لبنانيين في ربيع العمر في الحروب الدائرة في سوريا واليمن والعراق ودفع ارواحهم ثمنا لصراعات اقليمية لا ناقة للبنان ولا جمل فيها ليس بالجريمة؟ ان حرية الرأي مصانة في الدستور ولا يمكن لاحد منع اي كان من ابداء رأيه ووجهة نظره، وتخوينه اذا ما عبّر عنها، وليس بقوة السلاح غير الشرعي تبنى الدول.

وتضيف: صحيح ان ثورة 17 تشرين مطلبية معيشية، غير ان في الثورات لا ضوابط ولا محرّمات، خصوصا اذا كان بعض الثوار يرون العلة في وجود دويلة ضمن الدولة تمنع وقف نهب خيراتها وتغطي المرتكبين وتسمح بتهريب البضائع اللبنانية المدعومة من المصرف المركزي الى الخارج خدمة لأهداف محاورها. ان “ثورة الجياع” يا سادة، وصرخات الانين والالم جراء غياب الدولة وتسليم امرها الى قرار الدويلة، لا بد ان تكشف الاسباب والخلفيات الحقيقية الكامنة خلف منع قيام دولة القانون والعدالة الاجتماعية، لان خلاف ذلك لا يمكن ان يبني دولة قوية يتطلع اليها الثوار، لا بل يبقي الدولة المارقة التي نهشت مواطنيها وهجرتهم في اصقاع الارض بحثا عما يؤمن المستقبل الكريم.

اما بعد وللتذكير ايضا، توضح المصادر، ان لا ثورة في العالم تسير بشروط السلطة، على غرار ما فعل رئيس الحكومة حسان دياب، حينما اعلن في جلسة مجلس الوزراء الاسبوع الفائت “انه مع حق التظاهر ولكن هذا الحق يتحول الى فوضى اذا عاد اسلوب قطع الطرقات وتخريب الاملاك العامة والخاصة. ليست لدينا مشكلة ان ينزل الناس الى الشارع لكن يجب ان يكون هنالك التزام بخمسة شروط وهي :عدم قطع الطرقات –عدم حصول عمليات تخريب لاملاك الدولة واملاك الناس- عدم الصدام مع الجيش وقوى الامن والاجهزة العسكرية والامنية- عدم الصدام مع الناس الذين يريدون الذهاب الى اعمالهم- ان يضعوا كمامات لحماية افسهم وعائلاتهم من وباء كورونا.” مشكور دولة الرئيس، تختم المصادر، لكن هل له ان  يحدد في المقابل شروطا لمن يشوه الثورة ويندسّ بين الثوار ويضربهم ويرشقهم والقوى الامنية بالحجارة ويحرق شعاراتهم وخيمهم، ويعاقب من يخالف هذه الشروط؟