IMLebanon

الدولة تخسر مجدداً أمام الدويلة: أمن ذاتي علني!

منذ اسابيع قليلة، اجتمع المجلس الاعلى للدفاع في قصر بعبدا للبحث في ملف ضبط التهريب عبر المعابر غير الشرعية على الحدود الشرقية. هو قرر حينها اتخاذ التدابير اللازمة لمواجهة هذه الآفة القاتلة للاقتصاد والخزينة اللبنانيَين. غير انه، وفي التوقيت عينه، كان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، يلقي خطابا يحدد فيه موقفه من المسألة. فأكد ان ضبط الحدود يجب ان يكون لاغراض اقتصادية فقط (لا لمنع حركة ذهاب واياب مقاتلي وسلاح المقاومة من والى سوريا)، وبالتنسيق مع دمشق. فبدا في كلامه هذا، يُفرغ الاجتماع الرسمي كلّه، من مضمونه، ويضع الكلمة الفصل في قضية مراقبة الحدود، في يد حزب الله فقط.

المشهد نفسه يتكرر اليوم، لكن القضية مختلفة. هي لا تتعلق بالحدود، بل بالامن المحلي الداخلي. فغداة حوادث امنية ألهبت العاصمة ليل الجمعة الماضي، حيث اجتاحت وسطَ بيروت جحافل من الدراجات النارية لم يتورّع مَن كانوا على متنها في تكسير الممتلكات العامة والخاصة واضرام النيران فيها وتحطيم واجهات المحال والسيارات، وبوجوه سافرة… ارتأى رئيس الجمهورية دعوة المجلس الاعلى للدفاع الى اجتماع اليوم. غير ان ما سيخرج به من مقرّرات لضبط الامن ومواجهة المخلّين به، سيبقى على الارجح في الاطار النظري، وسيشكل ضربة اضافية قوية تُسدَّد في صميم “الدولة وهيبتها”، بحسب ما تقول مصادر سياسية سيادية لـ”المركزية”… لماذا؟

لأن قوى الامر الواقع، أثبتت انها الاقوى على الارض، لا الاجهزة الشرعية. ففيما لم يتصدّ اي منها (اي الاجهزة) للمخرّبين مساء الجمعة، برز امس نزولُ مجموعات حزبية في الضاحية الجنوبية، الى شوارعها، بمهمّة منع خروج الدرّاجين المشاغبين، منها، الى العاصمة، للتخريب! للمفارقة، تتابع المصادر، فإن هذا الاجراء يدل بحد ذاته، الى ان مَن اجتاحوا العاصمة أتوا من قلب هذه المناطق. والقول انهم خرجوا بدوافع فردية، ومن دون علم القيادات الحزبية، الممسكة بزمام “تفاصيل التفاصيل” في مناطق نفوذها، لا ينطلي على أحد، ويكاد يكون “استغباء” لعقول اللبنانيين… في المقابل، دفع إحجام الدولة عن القيام بواجباتها بحماية الناس والممتلكات اضافة الى تنازلها عن سيادتها على اراضيها طوعا او عنوة، لصالح مجموعات حزبية، دفع سلوكها هذا، بأكثر من فريق في غير منطقة، الى اللجوء الى اجراءات أمن ذاتي، خوفا من وصول “الدرّاجات” اليها، لتهديد امنها وسلامتها.

هو صراع اذا بين الدولة والدويلات، يدور اليوم. كي يُحسم لصالح الاولى، المطلوب توقيف من ظهروا في صور وفيديوهات يعيثون فسادا وخرابا في بيروت، ومحاسبتهم ومُرسليهم، على ان يكون توقيفهم حقيقيا لا شكليا اعلاميا. فعلى سبيل المثال لا الحصر، مَن اعتدوا على ثوّار تظاهروا امام مجلس الجنوب منذ اسابيع، أوقفوا لساعات قبل ان يتم اطلاق سبيلهم وكأن شيئا لم يكن! والمطلوب ايضا ان تقرر الدولة ان تمسك وحدها بالارض لا ان تتشارك هذه المهمة مع قوى حزبية و”عسكرية” غير شرعية… أما كل ما دون ذلك، ففولكور، يؤكد مرة اخرى ان لبنان كلّه في قبضة “الدويلة”. وعندها لا داعي لاجتماعات الاعلى للدفاع ومجلس الوزراء، ولا داعي ايضا لمفاوضات مع صندوق النقد.. تختم المصادر.