IMLebanon

طبخة حكوميّة على نار خفيفة… هل يعود الحريري؟

قبل ان يطل امين عام حزب الله السيد حسن نصرالله مساء، ليدلو بدلوه ويحدد مقارباته لسيل التطورات اليومية المتزاحمة على ابواب متابعات اللجان الحكومية، برزت اشارات من اكثر من اتجاه توحي بأن حزب الله لم يعد راضيا عن اداء رئيس الحكومة حسّان دياب، ولئن ليس هو اليوم في وارد احداث تغيير في المشهد الحكومي او قلب الطاولة لأن الطبخة البديلة لم تنضج بعد.

ما جرى على الساحة الداخلية في الايام الاخيرة ابرز بوضوح توسع الشرخ بين الحزب وبعض المكونات الحكومية، اذ كانت الرسائل تتطاير في اتجاهات عدة تارة بين الضاحية وميرنا الشالوحي على خلفية استراتيجية رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل الجديدة والمرتكزة الى قاعدة الابتعاد النسبي عن الحزب والاقتراب من واشنطن لولوج المعبر الرئاسي وتجنب سيف العقوبات “القيصري” في ضوء الحديث الاميركي عن شمول القانون الذي يدخل غدا حيز التنفيذ شخصيات قريبة من حزب الله، ولو في المرحلة الثانية منه، وطورا بين الحزب والسراي من خلال اعمال التخريب الممنهجة في وسط العاصمة بما تضمنت من اعادة تأكيد للحكم والحكومة بأن ورقة الامن واستقراره يملكها الحزب وحده، فيثبته حينما يشاء وينسفه اذا ما اتخذ القرار بذلك.

لكن العتب الاكبر بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ” المركزية” يكمن في معضلة ” الحاكم” الذي يبذل الحزب الغالي والنفيس في سبيل ازاحته من الدرب للإمساك بناصية المال في البلاد، ذلك ان رياض سلامة ما زال العقبة الاكبر في هذا الدرب بعدما منحت التعيينات المالية الغلبة لفريق الحزب السياسي. وتضيف: صحيح ان الحزب يدرك ان اقالة الحاكم ليست نزهة، لكنه يعوّل على استكمال حملة الضغط الممنهجة عليه لحمله على الاستقالة. غير ان ما انتهت اليه الاجتماعات يوم الجمعة الماضي اغاظ الحزب ويبدو قلب السحر على الساحر، فعوض حشر الحاكم في اقصى الزاوية باجراءات ردعية عقابية في مجلس الوزراء تحمله كامل المسؤولية عن الوضع المالي المتدهور، وفق رغبة الضاحية، بعد هجوم شرس وجّهته عن بعد قبل ساعات من خلال شباب الخندق و”قادة الموتوسيكلات” الذين عاثوا تخريبا وتنكيلا بما تبقى من مصارف في وسط بيروت وطرابلس الى جانب مجموعات اخرى، خلصت الاجتماعات الى تكليف سلامة ضخ دولارات في السوق حدد لها آلية تعرقل محاولات تهريبها الى الداخل السوري.

وازاء الاوضاع المعقدة على مختلف المستويات وانسداد افق الحل، تولدت قناعة في الضاحية بوجوب تغيير الحكومة، لان “مواجهة التحديات” لن تتمكن من استكمال المشوار، ولم تعد “الولد المطيع”. الاتصالات بدأت، تؤكد المصادر، وطبخة حكومة الوحدة الوطنية التي ثبتت ضرورتها وضعت على نار هادئة، حتى حينما تكتمل ظروفها وتنضج مكوناتها تدق ساعة التغيير. وتوضح ان بعض مكونات 8 اذار يحاول من خلال ابرام صفقة سياسية لتغيير الحكومة مد جسور تواصل مع الجانب الاميركي وتبييض صفحته في عملية مقايضة سياسية غير واضحة المعالم بالكامل حتى اللحظة، وان ما تم تسريبه من معلومات بشأن كيفية اقالة حاكم مصرف لبنان يصب في هذا الاتجاه.

وتلفت الى ان رئيس مجلس النواب نبيه بري يحبّذ  بقوة  حكومة الوحدة السياسية في هذه المرحلة وعودة الرئيس سعد الحريري الذي بات المعبر الوحيد الى الخارج لتأمين المساعدات، ولو بشروطه، اي حكومة تكنوقراط لا يشارك فيها الحزب ولا التيار الوطني الحر، ليتمكن من تسويقها لدى الدول المانحة وصندوق النقد والبنك الدوليين لتأمين السيولة اللازمة لانقاذ لبنان ماليا واقتصاديا. الا ان المصادر تكشف ان العقبة الاساس في السير في هذا الاتجاه، لا تزال في الاصرار على توزير باسيل لتدعيم موقعه قبيل الاستحقاق الرئاسي، ووفق معادلة “باسيل والحريري معا في الحكومة او معا خارجها”.