IMLebanon

حركة ديبلوماسية بريطانية نحو “المعارضة”… ما وراءها؟

في المشهد السياسي المتأزّم حركة “لافتة” للسفير البريطاني كريس رامبلينغ في اتجاه قوى سياسية عدة، ولو أن مثل هذه الحركة أمر طبيعي من قبل سفير دولة عظمى تربطها علاقات جيّدة مع مختلف الاطراف في الدولة، باستثناء حزب الله الذي صنّفته منذ فترة تنظيماً إرهابياً بجناحية العسكري والسياسي، في خطوة مكمّلة للموقف الأميركي من الحزب.

ومع ان عودة النشاط الدبلوماسي ليست بالامر المُستغرب، باعتبار ان جائحة كورونا التي اجتاحت العالم قلّصت من حركة اللقاءات والمشاورات المباشرة، غير أن “وجهة” السفير رامبلينغ لا يمكن إلا التوقّف عندها، لاسيما وأن نشاطه السياسي توزّع حتى اللحظة في اتّجاه ثلاثة مقار اساسية، بدايةً في بيت الوسط حيث التقى الرئيس سعد الحريري، ثم كليمنصو للاجتماع برئيس الحزب “التقدمي الاشتراكي” وليد جنبلاط وأخيراً مساء امس في معراب، حيث التقى رئيس حزب “القوات اللبنانية” سمير جعجع.

فما الغاية من هذه الحركة البريطانية في لبنان؟ خصوصاً أنها تأتي مع بدء تنفيذ قانون قيصر لمعاقبة النظام السوري وكل من يُقدّم الدعم له سواء كان اقتصادياً او مالياً او عسكرياً؟  فهل يحمل في جعبته “نصيحة بريطانية-اوروبية” للبنان الذي يُعدّ بمثابة الحديقة الخلفية لسوريا بألا يُكابر بمسألة الالتزام بـ”قيصر”، ام تهدف الى استطلاع الاجواء عشية حوار بعبدا ورأي احزاب المعارضة بالوضع الحكومي؟

اوساط سياسية مطّلعة على حركة لقاءات رامبلينغ لم تُسقط، عبر “المركزية”، “قانون قيصر” من جدول محادثات السفير البريطاني، لأن القانون سيكون له تأثير على لبنان بطبيعة الحال، بالنظر الى مدى التشابك والتقاطع بين قوى سياسية لبنانية مع النظام السوري، وهذا من شأنه زيادة الضغط على لبنان الذي يُعاني أصلاً من مشاكل عديدة على الصعد كافة.

الا ان الابرز في جدول محادثات رامبلينغ كما تقول الاوساط كان تركيزه على دعوة رئيس الجمهورية ميشال عون لطاولة حوار تُعقد في قصر بعبدا في 25 الجاري، حيث استطلع أراء كل من التقاهم لمعرفة موقفهم من الدعوة الرئاسية وما إذا كانوا سيشاركون او يقاطعون.

ولفتت الى “ان السفير البريطاني استوضح من التقاهم ما اذا كان الحوار المُرتقب مقدّمة لصوغ تفاهمات سياسية جديدة قد تؤدي الى تغيير حكومي يُنتج صيغة جامعة تضمّ مختلف المكوّنات السياسية على عكس الوضع القائم حالياً، حيث شريحة كبيرة من اللبنانيين موجودة خارج السلطة”.

وينطلق الاستطلاع البريطاني لمواقف القوى السياسية من طاولة حوار بعبدا من اعتبارات مرتبطة بمصير المفاوضات مع صندوق النقد الدولي الذي يتولى الآن “الكلام” مع لبنان الرسمي نيابةً عن الدول المانحة بعدما تراجعت ثقتها به بسبب عدم التزامه بتعهداته الاصلاحية.

وتشير الاوساط المطّلعة الى “قلق دولي من الإنهيار السريع للبنان، خصوصا ان الحكومة ومعها وزارة المال والبنك المركزي لم تكن قد توصلت حتى الامس القريب الى توحيد ارقام حجم الخسائر ما أضعف موقف لبنان امام صندوق النقد وبالتالي المجتمع الدولي ككل، فهل سيؤدي الحوار الى إنتاج تفاهم سياسي بين المعارضة والسلطة وحزب الله والى تشكيل حكومة جديدة تتواصل مع الصندوق والجهات المانحة من منطلق “وحدة الصفّ” ما يُعزّز موقف لبنان بالتفاوض، ويدفع المجتمع الدولي الى التسريع بالحلول للأزمة”؟

وتختم قائلة: “لم يعد سرّاً القول ان المجتمع الدولي اذا لمس نيّة بتشكيل حكومة وحدة وطنية في لبنان لا تُقصي أحداً من المكوّنات السياسية كافة وتلتزم قولاً وفعلاً بالاصلاحات المطلوبة منها، فإنه سيتعاطى بمرونة اكثر مع اللبنانيين وبالتالي سيُفرج عن مساعداته المُنتظرة التي يحتاجها الاقتصاد”.