IMLebanon

البستاني: تقرير البنك الدولي وكهرباء فرنسا مزوّر

كتب خالد أبو شقرا في “نداء الوطن”:

لا تزال قضية معمل سلعاتا الاشكالي تتوالى فصولاً. وجديدها اعتبار وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني ان مسودة تقرير شركة كهرباء فرنسا EDF ومجموعة البنك الدولي، المستثنى منها معمل سلعاتا… مزوّرة.

في نيسان الفائت قيل إن وزارة الطاقة قد سُلمت التقرير الذي أنجزته كهرباء فرنسا EDF بتكليف من البنك الدولي تحت عنوان “خطة توليد الطاقة بأقل تكلفة” LEAST COST GENERATION PLAN. إلا ان المفاجأة كانت ان التقرير التفصيلي لخطط الاستثمار التقني والاقتصادي الأمثل للفترة 2020 – 2030، لم يأتِ على ذكر معمل سلعاتا. وللدقة فان التقرير المسرب يظهر بوضوح ان خانة معمل سلعاتا في جدول خريطة الطريق، حسب نوع الطاقة وكذلك الموقع، بقيت فارغة. وهو ما يدفع للاستنتاج بانه قد تمّ الغاء معمل سلعاتا من خطة انتاج الكهرباء 2030.

تقرير EDF مزوّر؟

هذا التقرير الذي يتردد ان وزير الطاقة الحالي ريمون غجر يمتنع عن وضعه على طاولة مجلس الوزراء وإطلاع الرأي العام عليه، كُفّر وتبرأ منه الجميع قبل أن يظهر. البستاني التي تركت الرد التفصيلي على الموضوع للوزير غجر، قالت باقتضاب في حديث خاص مع “نداء الوطن”، ان “كهرباء فرنسا بذاتها لا تتبنى هذه الدراسة وهي سترد بنفيها قريباً. كما انه قد جرى وضع شعار LOGO وزارة الطاقة وكهرباء لبنان عليها قبل ان يتبنّيا المضمون. وفي جميع الاحوال فان الدراسة غير منجزة وتوزع بطريقة غير رسمية”. إذا كانت كهرباء فرنسا المعدة لمسودة التقرير سوف تنفي صحة التقرير الذي لا يتضمن معمل سلعاتا، فمن الذي حذف المعمل إذاً؟هل يكون البنك الدولي مثلاً؟ أم جهات داخلية تلاعبت بالتقرير، وعملت عبر التقنيات الحديثة على تفريغ خانة معمل سلعاتا وتغيير ارقام الانتاج النهائية؟ وإذا كان ذلك صحيحاً لماذا لم يبادر وزير الطاقة إلى كشف التقرير الاصلي ووضع حد لكل التأويلات؟ أسئلة كثيرة أصبحت الاجابة عليها اكثر من ضرورية، خصوصاً في ظل حالة التخبط وعدم امتلاكنا لرفاهية الوقت واللعب على المتناقضات.

سلعاتا المكان الافضل!

إلى أن تكشف الايام حقيقة التوصية الفرنسية والدولية، تشير البستاني في إطار ردها على المغالطات التي تتناول قضية سلعاتا، ان المعمل يجري تسويقه بطريقة خاطئة سواء لجهة الحاجة، الموقع والكلفة. فخطة الكهرباء المحدثة في العام 2019 بالتنسيق مع البنك الدولي، والحائزة على موافقة مجلس الوزراء مجتمعاً، تظهر ان حاجة لبنان من الكهرباء في المستقبل القريب ستصل الى 3100 ميغاوات. وهو ما لا يمكن تأمينه إلا من خلال معامل جديدة. الدراسات الفنية لكهرباء فرنسا وموت ماكدونالد Mott Macdonald حددت هذه المعامل بثلاثة، ورتّبتها من حيث الاولوية على الشكل التالي: الزهراني، سلعاتا ودير عمار.

أما بخصوص الموقع فقد تضافرت برأيها مجموعة من العوامل الموضوعية والبيئية والمادية لنقل مكان المعمل من الموقع المحدد قبل فترة طويلة في حنوش إلى النقطة الحالية على شاطئ سلعاتا. فـ”الاراضي المستملكة في حنوش من قبل الدولة سنة 1978 تمت استعادة جزء كبير منها من قبل اصحابها، أما الاراضي المتبقية فتقدر مساحتها بحوالى 28 ألف متر مربع وهي غير متصلة ببعضها البعض. هذا وتعتبر المنطقة مصنفة سياحية وقريبة من محمية رأس الشقعة، بقرار من وزارة البيئة. كما ان وزارة الأشغال تمنع البناء على الأملاك البحرية العامة في هذا الموقع. ويصادف ان هناك موقعاً أثرياً مهماً يضم بقايا كنيسة، وقد أدرجت وزارة الثقافة الموقع على لائحة الجرد العام للمواقع الأثرية وفرضت حرم حماية بشعاع 150 متراً. أما بخصوص سعر الأراضي فهو أغلى بـ 25 في المئة من الموقع الحالي.

كل هذه الاسباب دفعت بالاستشاري فيختنر Fichtner، وخبراء عقاريين واخصائيين في ردم البحر بالتوصية بنقل مكان المعمل الى سلعاتا. وبحسب البستاني فان “الموقع الجديد يضم 28 ألف متر مربع من الاراضي المملوكة من الدولة، ونستطيع ردم 30 ألف متر بكلفة أقل من شراء الاراضي. كما ان وقوعه في منطقة صناعية يعتبر أكثر من ملائم لانشائه”. أما بخصوص أكلاف الاستملاك والانشاء والانتاج فقد جرى من وجهة نظر البستاني تضخيمها. “فرقم 207 ملايين دولار للاستملاك نتج العام 2017 عن سوء تقييم كهرباء لبنان، التي لا تملك الاختصاص بالتخمين. وبخصوص الانشاء تعتبر تكلفته أقل من معمل الزهراني بحسب مخطط شركة كهرباء فرنسا التوجيهي”. أما بما يخص كلفة الانتاج فتسأل البستاني: “كيف من الممكن ان يفرق سعر الكيلوات ساعة في سلعاتا عن الزهراني أو دير عمار؟”.

الطاقة البديلة وكل الطاقات

الحديث عن أكلاف الانتاج يقودنا الى التساؤل عن مصير مشاريع الطاقة البديلة. صحيح انه قد حققنا، بحسب البستاني، “هدف الوصول الى انتاج 12 في المئة من الطاقة النظيفة في العام 2020. وضمّنا خطة العام 2019 الوصول الى 30 في المئة في العام 2030″، إلا ان ما يؤخذ على هذه المشاريع هو ارتفاع الكلفة نظراً إلى طريقة التلزيم بعيداً من إدارة المناقصات، وتغييب عنصر المنافسة. فكلفة انتاج الكيلوات ساعة من مشاريع هوا عكار الثلاثة المتوقفة منذ العام 2017 بسبب التمويل، تبلغ 11.8 سنتاً. أما مشروع المناقصة على الطاقة الشمسية، الذي تقول البستاني انها سلمته للوزارة الجديدة، فيبلغ سعر الكيلوات ساعة فيه 5.7 سنتات. وهو ما يثبت برأيها ان كل الحديث عن ارتفاع اسعار انتاج الطاقة البديلة هو “حكي بلا طعمة”.

ما يفوت وزارء الطاقة المتعاقبون منذ العام 2010 تاريخ اطلاق الخطط المتناسخة التي تلحظ الطاقة المتجددة، هو عدم تمتيع المستهلكين بـ “طعم” السعر الرخيص للطاقة المجانية. كما يؤخذ على الخطط عدم افتعال اختراق سريع يتمثل في تكثيف استعمال الطاقة الشمسية على الصعيد الفردي. وتنكرهم لمفهوم “تبادل الطاقة” وتوفير البنيتين التحتية والفوقية من أجل السماح للمشتركين باعادة بيع فائض الانتاج من الطاقة على الشبكة، كما يجري في الاردن. فالـ” 11.8 سنتاً للهواء و5.7 سنتات للشمس لعدة سنوات يعتبران مرتفعين جداً لمنتج تنخفض قيمته باستمرار مع التقدم في المجالين البحثي والتقني”، بحسب خبراء الطاقة.