IMLebanon

السنيورة: أوشكنا على الارتطام الكبير

كتب رولان خاطر في “الجمهورية”:

فؤاد السنيورة، إسم شغل الخصوم والحلفاء في آن منذ دخوله في أوائل التسعينات المشهد السياسي. شكّل مدماكاً لسياسة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، وأصلب وجوه «الحريرية السياسية»، وأكثر من رُشق ولا يزال بحجارة المتضرّرين من السياسة المالية. سيقَت بحقه عدّة اتهامات، وما اعتبرها محاولات تشويه مُمنهجة لصورته السياسية، تولّاها النظام السوري خلال وجوده في لبنان، وأكملَ بها البعض، حتى يومنا. فؤاد السنيورة، أجرأ من لم ينكسروا أمام هول السلاح لأنه صمد في السرايا ولم يسمح بأن تُكسر شرعية الدولة أمام لا شرعية الدويلة. فؤاد السنيورة «المحنّك»، إسم لا ينزل سلاماً على خصومه وربما على أصدقائه. فماذا يقول لـ«الجمهورية» عمّا وصل إليه البلد اليوم؟
يشدد رئيس الحكومة الأسبق على أنّ سلوك الأداء «الصح»، يجنبّنا الانهيار. ويلخّص هذا الأداء بالعودة إلى الأصول، أي إلى الدستور والقوانين وإلى الدولة. ويعتبر أنّ ما وصلنا إليه ينطبق عليه المثل القائل: «هذا ما جَنيته على نفسي وليس ما جناه عليّ الآخرون».

يصف الوضع اليوم «كمَن يخالف قانون السير ويقود سيارته على اليسار فيما الوجهة المخصصة للسير هي من ناحية اليمين. وبالتالي، السلطة اليوم تسير عكس سير السياسات الطبيعية».

يحذّر من اننا «قادمون إلى كارثة، واذا لم نسلك الطريق الصحيح لتفادي الانهيار، أي احترام الدستور والقوانين، واحترام الدولة. فالدولة ليست مزرعة للأحزاب السياسية والطائفية. كما احترام الشرعيات الثلاث: الشرعية الوطنية اللبنانية، والشرعية العربية، والشرعية الدولية».

ويقول: «في الـ2006، ألزمتُ حكومتي باعتماد معيار الكفاءة والجدارة والنزاهة والتنافسية، فلماذا لا تُعتمد هذه المعايير اليوم لتفادي الأسوأ؟ نحن اليوم في أول طريق الكارثة، يجب ان ندرك وان نفهم حجم الكارثة، والتوقف عن إلقاء اللوم على الآخرين. من هنا، لا خلاص إلا من خلال العودة إلى المبادئ الأساسية».

ويؤكد السنيورة أنه «عندما ننادي بالإصلاحات، لا يعني أنّ أحداً يريد فتح حرب على «حزب الله»، ليس هذا المطلوب. فالسلطات الحاكمة لم تستطع أن تسير بسياسة النأي بالنفس لحماية لبنان بسبب «حزب الله»، فهل تستطيع أن تحاربه؟ لكن كل المطلوب السير في الطريق التي تنقذ البلد». ويضيف: «لماذا لا تتم التشكيلات القضائية كما أوردها مجلس القضاء الأعلى؟ ولماذا لم ننته بعد من حكاية ملف الكهرباء؟ وهل بهذه الطريقة المذلّة والمهينة تُقرّ التعيينات؟ أفهم أنّ هناك أموراً لا نملك التأثير فيها، لكن الأكيد أن لدى من يحكمون، إذا أرادوا وتغيرت الذهنية والأداء، القدرة على تحقيق الاصلاح في ملفات كثيرة تؤدي فرجاً وراحة على الشعب اللبناني».

فـ«المشكلة ليست بشكل الحكومة ونوعيتها، فقد سبقت حكومة حسان دياب حكومة وحدة وطنية، لم تحل المشكلات، لأنّ الاستنزاف للدولة ومقدراتها استمر بسبب سوء الأداء. لذلك، إذا لم نشهد تغييراً في الممارسة والأداء، واذا لم تكن هناك إرادة قوية في العودة إلى احترام الدستور والقوانين والتأكيد على دور الدولة وسلطتها، وتفهم دور لبنان وموقعه وقدرته على التحمّل، فما من أحد قادر على حل المشكلات أكان بحكومة وحدة وطنية أو بغيرها».

ويشدد على أنّ «العالم لديه مشاكل كبيرة ولم يعد يحتمل دلعنا. فهل يجوز مثلاً الاختلاف على الأرقام بين الحكومة ومصرف لبنان امام صندوق النقد الدولي؟ هذا التصرف أقل ما يمكن وصفه أنه نموذج كبير حول قصور الحكومة اللبنانية وتقصيرها، التي كان يفترض ان تنهي أيّ اختلاف في الأرقام قبل بدء المفاوضات مع صندوق النقد. لذلك، من يستطيع أن يقنع الناس اليوم بالأرقام الصحيحة؟. ناهيك عن أنّ الخطة الاقتصادية التي وضعت لا تتلاءم مع الأزمة الاقتصادية وكيفية إعادة الثقة التي هي الأساس، واذا لم نستعد هذه الثقة لن يعمل اقتصادنا مجدداً».

إنّ الأداء اليوم يوصلنا إلى الانهيار»، يجدد السنيورة القول، ويضيف: «نحن اليوم قبل الارتطام الكبير». من هنا، يمكن فهم قرار عدم المشاركة في لقاء بعبدا. هو قرار اعتراضي على العقلية السائدة، فـ»مِن الجنون أن تعتمد ذات الأسلوب وتتوقّع نتائج مختلفة». وبالتالي، على رئيسي الجمهورية والحكومة أن يدركا انّ الطريق مسدود ولا تؤدي إلى نتائج بل الى مزيد من التردي، وبالتالي الى الانهيار الكامل في لبنان. إنّ الأسلوب الكيدي والانتقامي وعدم القيام بالإصلاحات لا يمكن ان يُحققا نتائج إيجابية».

امّا في ما خَص «حزب الله»، فيقول: «هو يتكرّم عليهم بـ»فُتات». يعطي فلاناً هذه الوزارة وآخر وزارة أخرى، وهو يملك السلطة في يده. لكن عليه أن يدرك أنّ الاستمرار في الإطباق على لبنان لن يؤدي أبداً إلى إعادة الاستقرار الى البلد، الأمر الذي يمنع استعادة الثقة العربية لدى المجتمعين العربي والدولي، كما استعادة الثقة بالدولة اللبنانية واالاقتصاد وباالمالية العامة وباالليرة اللبنانية. المشكلة اليوم هي عند الجميع».