IMLebanon

هل دقت ساعة الانتقال إلى “الجمهورية الثالثة”؟

قد يكون رئيس الجمهورية  ميشال عون خسر رهان قدرته على إظهار كونه رئيسا يلتقي حوله الجميع عندما تدق ساعات الاستحقاقات المصيرية. غير أن هذا لا يقلل مما يسميها بعض المراقبين “خطورة” بعض الخلاصات التي انتهى إليها لقاء بعبدا الحواري الأخير، مع العلم أن الغالبية الساحقة من المعارضين اختارت التغيب عنه باستثناء الرئيس ميشال سليمان، الذي أعاد إلى الضوء ضرورة الالتزام بمندرجات إعلان بعبدا واتهم حزب الله بشكل مباشر بنقضه، ورئيس اللقاء الديموقراطي النائب تيمور جنبلاط الذي أكد حضوره تمسك الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بسياسة الهدنة الهشة مع ثنائي العهد والتيار والوطني الحر.

ذلك أن البيان الختامي للقاء الذي تلاه المستشار الرئاسي الوزير السابق سليم جريصاتي  تضمن، في بنده الأخير، دعوة إلى “البناء على هذا الاجتماع (أي لقاء بعبدا) لتطوير النظام السياسي وجعله أكثر قابلية للحياة”، وتنفيذ ما لم يطبق من وثيقة الوفاق الوطني.

وإذ كان من شأن هذه الاشارة أن تعطي إشارة ايجابية إلى مختلف المكونات السياسية لجهة الابقاء على اتفاق الطائف، فإن أوساطا معارضة تنبه عبر “المركزية” إلى الخشية من أن يحمل هذا المشروع بين طياته إجهازا مركزا على اتفاق الطائف، الذي كان المخرج الذي وضعت من خلاله الحرب أوزارها. ذلك أن هذا الحوار أتى في وقت يعود العزف على وتر الحقوق الطائفية التي خيضت على أساسها كبريات المعارك، وبينها المعركة الرئاسية الأخيرة من جانب العماد ميشال عون، رافعا لواء القوة في الموقع الأعلى في هرمية الدولة اللبنانية. وتذكر المصادر أن التيار الوطني أقدم على تعطيل الاستحقاق الرئاسي على مدى عامين ونيف ليصل مرشحه، المسيحي الأقوى، بهدف تكريس الحضور المسيحي في الدولة. لكن الأوساط تلفت إلى أن العماد ميشال عون نفسه خاض عام  1989 معركة مفتوحة ضد الطائف، وتم الاجهاز بعد ذلك على “الجمهورية الثانية” التي حكمتها المارونية السياسية منذ العام 1943 حتى انتهاء الحرب الأهلية. وقد تفرّد قائد الجيش آنذاك العماد عون في رفض الطائف من باب المس بالحقوق والصلاحيات الرئاسية (المسيحية) لصالح مجلس الوزراء مجتمعا، حيث تتمثل كل الطوائف في إطار حكومات الوحدة الوطنية، وإن كان بعض هذه التجارب انتهى إلى الفشل والغضب الشعبي.

إنطلاقا من هذه الصورة، لا تخفي المصادر خشيتها من أن تكون طبخة الاجهاز على الطائف، الذي أرسى معادلات شديدة الدقة والهشاشة، بدأت تعد على نار هادئة جدا، يستفيد القيمون عليها من دعوات الحراك إلى تغيير النظام، مع العلم أن المقصود يكمن بالتأكيد في أن الثوار يريدون وضع حد لنظام المحاصصة وتكريس المواقع لطوئاف دون سواها.