IMLebanon

لودريان الى بيروت: رسالة امتعاض من أداء السلطة

على عكس التجارب اللبنانية المرة، أنهى جان كاستكس المهمة التي كلفه بها الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في ثلاثة أيام فقط. وبذلك تكون حكومة فرنسية جديدة قد ولدت، لتواكب المرحلة الأخيرة من ولاية أصغر رئيس في تاريخ فرنسا، على ما ألمحت إليه الصحافة الباريسية بعد مغادرة إدوار فيليب قصر ماتينيون، مسلما الشعلة لخلفه في واحد من أروع المظاهر الديموقراطية.

غير أن الأهم يكمن في أن رئيس الحكومة الجديد، الذي لعب دورا فاعلا في خلال مرحلة فيروس كورونا الذي “صفع” الام الحنون بقوة، جاعلا منها واحدة من بؤر انتشار المرض، حرص على ضخ بعض التغيير في حقائب اساسية، مع العلم أن الحصة النسائية في التوليفة الجديدة كبيرة، وهو أمر غير مستغرب في فرنسا، صاحبة شعار “حرية، مساواة، أخوة”.

وفي وقت يأتي هذا الانجاز لماكرون بعيد انتخابات بلدية تلقى فيها حزبه “الجمهورية إلى الأمام!”، الذي أنشأه قبل خوض السباق إلى الاليزيه ضربة قد تطرح تساؤلات حول احتمالات نجاحه في الترشح لعهد رئاسي جديد عام 2022، فإن تسمية وزير العدل الجديد Eric Dupond-Moretti ، وهو محام كبير شكلت المفاجأة الأكبر في الحكومة الجديدة. بدليل ردود فعل معارضي ماكرون على التركيبة، والتي اظهرت في بعضها على الأقل امتعاضا من هذا الخيار. وفي السياق بدت لافتة تغريدة زعيمة الجبهة الوطنية (اليمين المتطرف) مارين لوبان التي ذكرت بأن الوزير الجديد كان تمنى، في مقابلة تلفزيونية عام 2015، أن يتم “القضاء على الجبهة الوطنية”، معتبرة أنه ينتمي إلى اليسار المتطرف.

على أي حال، فإن مصادر مراقبة تؤكد لـ “المركزية” أن بقاء جان-ايف لودريان على رأس الخارجية الفرنسية يعد نقطة قوية لصالح لبنان. ذلك أن الرجل كان وراء هندسة مؤتمر سيدر، وكانت له مواقف كبيرة ومهمة في إطار مجموعة الدعم الدولية للبنان، لحض الحكومة على إطلاق المسار الاصلاحي الموعود، مع العلم أن هذا الأخير مني اليوم بنكسة جسدتها تعيينات مجلس إدارة كهرباء لبنان على أساس المحاصصة المعتادة.

وكشفت المصادر أن تشكيل الحكومة الفرنسية أخّر زيارة يعتزم القيام بها لودريان إلى بيروت، مشددة على أنه مصمم على اتمامها لنقل رسالة دولية شديدة اللهجة إلى المسؤولين اللبنانيين تحضهم على تنفيذ الاصلاحات والوعود الدولية قبل الكلام عن أي مساعدة قد تنتهي إليها المشاورات مع صندوق النقد الدولي، وان الرهان على دعم الخارج من دون انجاز اصلاحات جدية لا صورية ساقط حكما، علما ان المسار التفاوضي مع الصندوق لا يزال معطلا في انتظار توحيد الرؤى والأرقام، خصوصا أن استقالة آلان بيفاني من موقعه مديرا عاما لوزارة المال، شكلت طعنة لهذا الملف، في مقابل اتجاه مجلس الوزراء إلى تأجيل تعيين خلف له حتى الخميس المقبل على الأقل.