IMLebanon

كيف سيتعاطى كل من الحريري و”الحزب” مع قرار لاهاي؟

أصدرت غرفة الدرجة الأولى في المحكمة الخاصة بلبنان أمس، قرارًا حدّدت فيه موعد النطق العلني بالحكم في قضية عياش وآخرين (STL-11-01) يومَ الجمعة في 7 آب 2020، وذلك خلال جلسة علنية تُعقد عند الساعة 11.00 صباحًا بتوقيت وسط أوروبا. وفي القرار الذي أودِع، أعلن القضاة أن الحكم سيصدر في قاعة المحكمة بمشاركة جزئية عن بُعد. ونظرًا إلى جائحة كوفيد-19 وتماشيًا مع التوجيهات الوطنية في هولندا، لن يُسمح إلا لعدد محدود من أعضاء وسائل الإعلام بدخول شرفة الجمهور وقاعة الإعلام في المحكمة.

أقلّ من شهر اذا، يفصل لبنان عن موعد القرار – الحدث. بحسب ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”، القرارات التمهيدية السابقة التي صدرت عن المحكمة منذ سنوات، حددت المتّهمين، وهم سليم عياش، أسد صبرا، حسين عنيسي، حسن حبيب، ومصطفى بدرالدين، ما ساهم في تكوين فكرة عن الجهة التي تقف خلف عملية تنفيذ الاغتيال، أي حزب الله، كون المتهمين الخمسة عناصر فيه… حينها قرر الرئيس سعد الحريري العضّ على الجرح وفصل العمل السياسي اللبناني الداخلي عن مسار العدالة في لاهاي. فأدار ظهره للاخيرة وربط النزاع مع حزب الله وجلس معه في حكومات وحدة وطنية فيما كان حوار يدور بين المستقبل والحزب برعاية عين التينة، هدفه تمتين السلم الاهلي ووأد الفتنة المذهبية.

المعطيات السياسية والشعبية المحلية، والمناخات الاقليمية والدولية، تبدّلت كلها في الاشهر الاخيرة، لا بل انقلبت رأسا على عقب. الرئيس الحريري بات خارج الحكم والحكومة، فيما حزب الله بات يمسك بقيادة البلاد كلّها، من السراي حيث زرع حكومة من لون واحد، الى مجلس النواب حيث يملك أكثرية، وصولا الى قصر بعبدا حيث رئيس الجمهورية العماد ميشال عون أبرز حليف له… والقصّة لا تتوقف هنا. فالحزب، في ظل العقوبات المتزايدة على ايران، يحاول استخدام سلطته في لبنان، لفك الطوق عن الجمهورية الاسلامية ودول المحور الممانع في المنطقة، بحيث يكثّف الضغوط لجرّ لبنان قلبا وقالبا، اقتصاديا وماليا واستراتيجيا وسياسيا وعسكريا، الى الخندق “المقاوم”، ووضعِه في مواجهة الاسرة الدولية وأصدقائه العرب والخليجيين.

كل ذلك، وسط أزمة اقتصادية خانقة تغرق فيها البلاد، لن يساهم سلوك الحزب الممعن في ضرب الحياد،  في حلّها بل في مفاقمتها، وتململ داخل البيت السني من غبن أهل الطائفة وتغييبها عن الحكم بعد اختيار الحزب شخصا لا يمثّلها لرئاسة الحكومة علاقتُه باردة وأكثر مع كل ممثليها السياسيين ومراجعها الروحية، ومع السفراء العرب والخليجيين.

وعليه، فإن السؤال الذي يفرض نفسه هو “هل سيقرر الرئيس سعد الحريري، بعد 7 آب وما سيحمله من “زلزال سياسي-قضائي” مواصلة سياسة التهدئة والتبريد مع الحزب والحكومة، ويكتفي بـ”التقريع” لها بالمواقف لا اكثر؟ أم أنه سيصعّد معارضته لها ويعطيها شكلا اوسع وأقوى، شعبيا وسياسيا ايضا بحيث يستخدم القرار ويستثمره كما يجب، ضد “حزب الله”؟ واذا كان بيت الوسط لن يذهب بطبيعة الحال ونظرا لتاريخه الى ما يعكّر السلم الاهلي، فإن العيون تتجه ايضا الى كيفية مقاربة الضاحية للقرار المنتظر. فهل ستتعاطى معه بهدوء ومرونة بحيث تقبل التواضع والتنازل في علاقتها مع الحريري الذي كرر أكثر من مرة في الايام الماضية ان على القوى الاخرى ان تقدم التنازلات ايضا؟ ام سيستمر الحزب في المكابرة ويتعاطى مع قرار لاهاي كأنه لم يكن لانه صدر عن جهة خاضعة للاستكبار الاميركي – الصهيوني، ويستمر في اعتبار المتهمين قديسين؟ لننتظر ونر، لكن الاكيد ان الوضع اللبناني الهش اليوم، لا يحتمل مزيدا من “تكبير الرؤؤس” وصب الزيت على النار!