IMLebanon

إقبال غير مسبوق على شراء العقارات

كتب إيفا أبي حيدر في صحيفة “الجمهورية”:

يسجّل القطاع العقاري اللبناني أداء جيداً في الفترة الأخيرة رغم سوداوية المشهد الاقتصادي والمالي، كونه الملاذ الآمن لأموال المودعين الذين تهافتوا على شراء العقار لتحرير جزء من ودائعهم المصرفيّة نتيجة القيود المفروضة على السحوبات النقديّة.

أظهرت أرقام المديرية العامة للشؤون العقارية انتعاشاً في كلٍّ من عدد وقيمة المعاملات العقاريّة في لبنان خلال شهر حزيران 2020. فقد ارتفع عدد معاملات المبيع العقاريّة بنسبة 106.62% خلال شهر حزيران من العام 2020 إلى 8,339 معاملة، كما وزادت قيمة المعاملات العقاريّة بنسبة 49.44% إلى 1.68 مليار دولار. أمّا على صعيدٍ تراكميّ، فقد ارتفع عدد المعاملات العقاريّة بنسبة 23.95% على صعيدٍ سنوي إلى 27,216 معاملة خلال النصف الأوّل من العام 2020، فيما زادت قيمة معاملات المبيع العقاريّة بنسبة 97.94% إلى 5.40 مليارات دولار.

في قراءة لهذه الهجمة المتواصلة على شراء العقار، يؤكد الخبير العقاري رجا مكارم انّ القطاع في حال غليان، ويشهد طلباً متزايداً كونه المنفذ الوحيد لإخراج أموال المودعين العالقة في المصارف، لكن هذا التوجه يصطدم أحياناً بالأرقام الخيالية او الشروط التي يفرضها بعض أصحاب العقارات. ولفت لـ»الجمهورية» الى انّ ارتفاع الطلب على الشقق في بيروت مقابل العرض أدّى الى رفع اسعارها ما بين 20 الى 25%.

وكشفَ مكارم انّ مخزون الشقق الذي كان متوفراً في السنوات الخمس السابقة في منطقة بيروت شارفَ على النفاد، بعدما بيعَ قسم كبير منه. واشار الى انّ غالبية المطورين العقاريين المديونين للمصارف باعوا شققهم للتخلّص من ديونهم، والقسم الآخر وضع المصرف يده عليه وعرضَه للبيع. وكشف ايضاً انّ المصارف أجرت عمليات كبيرة لبيع العقارات أكبر من عمليات الوسطاء العقاريين أنفسهم، بعدما تواصلت مع كبار المودعين وعرضت عليهم شراء شقق او أراض مقابل ودائعهم.

أما بالنسبة الى حركة بيع الأراضي، فيقول مكارم: تحرّك الطلب على الأراضي مؤخراً بعدما كان جامداً. فقد بدأ الناس يتقبّلون التوجه نحو شراء الأراضي منذ مطلع العام، أما عمليات الشراء الكبيرة فتمّت مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية وتوقف المصارف عن إعطاء الدولار.

وعن الأسعار، يقول: يبيع من تميل أسعاره الى الواقعية، لكن الملاحظ مؤخراً انّ بعض أصحاب الأراضي يطلبون أرقاماً خيالية، او يشترطون ان يكون جزءاً من السعر نقداً او fresh money وفي هذه الحالة لا يبدي الناس اهتماماً بتحويل أموال من الخارج لشراء عقارات، لأنّ السبب وراء شراء العقار هو إنقاذ الأموال العالقة في المصارف. لكنه لفت الى انّ الدولار النقدي تُحتسب قيمته مضاعفة عن دولار المصارف. على سبيل المثال: اذا كان ثمن العقار مليون دولار، وتوفر المبلغ نقداً او fresh money فيُباع بـ 500 الف دولار، أي انّ الدولار النقدي يساوي دولارين من المصارف. وقال انّ غالبية العمليات العقارية تتم بواسطة الشيكات المصرفية، امّا اشتراط تأمين نسبة مئوية من ثمن العقار نقداً فغالباً ما يُلغي عملية الشراء.

أما بالنسبة الى الحركة العقارية في المناطق البعيدة عن العاصمة، فيقول مكارم انّ مناطق الاصطياف شهدت هجمة عقارية قوية، لا سيما خلال فترة الاقفال العام الناجم عن كورونا، مثل فقرا وفاريا والمناطق الجبلية.

وردا على سؤال، أكد انّ القطاع العقاري في لبنان في وضع جيد، مستبعداً الانهيار في القطاع كما يروّج له البعض، عازياً ذلك لأنّ الخوف في القطاع يبدأ من طرف من يريد البيع للحصول على الأموال النقدية، الا انّ غالبية من اشترى عقاراً في الفترة الأخيرة كان لإنقاذ ودائعه وبالتالي لن يعرضها اليوم للبيع بأسعار زهيدة.

لكنه لفت الى انّ الخوف الأساسي اليوم يتركّز على المردود المالي لـ 3 أنواع من العقارات المؤجرة، بما سينعكس تراجعاً في قيمة الإيجارات في المرحلة المقبلة، وهي:

– الشقق المؤجرة: وتوقع مكارم ان يتراجع المردود الشهري للشقة من 3 % حالياً الى 2 %، بسبب قلة الطلب.

– المكاتب: وتوقع ان تتراجع المداخيل او المردود على المكاتب من 4 % حالياً الى ما بين 2 و3 %.

المحلات التجارية: وهي تمثّل الأزمة الكبرى، لأنّ القطاع التجاري من أكبر المتضررين من الأزمة المالية التي نمر فيها، ومع توجّه التجار الى تقليص حجم أعمالهم وعدد الفروع او البيع أونلاين فإنّ عدد المحلات التجارية المعروضة للإيجار سيزيد، لذا من المتوقع ان يتراجع العائد من 5 % حالياً الى ما بين 3 او 4 %.

في الأرقام

استناداً الى تقرير المديرية العامة للشؤون العقارية، فقد انخفض متوسّط قيمة المعاملة العقاريّة الواحدة بنسبة 27.67 % على أساسٍ شهري إلى 201,180 دولار من 278,151 دولاراً في الشهر الذي سبقه. إرتفع متوسّط قيمة المعاملة العقاريّة الواحدة بنسبة 59.69 % على صعيدٍ سنوي إلى 198,276 دولاراً في الشهر السادس من العام الحالي، من 124,163 دولاراً في الفترة نفسها من العام السابق. وقد تقلّصت حصّة الأجانب من عمليّات المبيع العقاريّة إلى 1.57 % مع نهاية الشهر السادس من العام 2020، من 1.97 % في نهاية العام 2019.