IMLebanon

بين واشنطن وطهران تواصل وتبادل أسرى ومصالح

على وقع أزمات الناس الكثيرة، مر خبر الافراج عن رجل الأعمال اللبناني قاسم تاج الدين مرور الكرام على كثير من اللبنانيين الذين لا تشغلهم القضايا الكبيرة عن يومياتهم المثقلة بالهموم. غير أن هذا لا يقلل من الأهمية السياسية لإقدام واشنطن على خطوة من هذا النوع، فيما الصراع مع ايران دائر على أشده، وفي وقت يبحث الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن أي ورقة رابحة قد تكون ضامنة لعودته إلى البيت الأبيض في تشرين الثاني المقبل.

ولا يخفى على أحد أن تاج الدين ليس رقما عاديا في المواجهة المفتوحة بين حزب الله والادارة الأميركية الماضية، حتى اللحظة على الأقل، في تضييق الخناق المالي على ايران وأذرعها الاقليمية. فالرجل أدرج منذ العام 2009 على قائمة الارهاب، واعتقل في المغرب فيما كان عائدا إلى بيروت من مدينة كوناكري، عاصمة غينيا الأفريقية، مع العلم أنه يدير شركات كبيرة في القارة السوداء. وإذا كان من المفترض أن ينهي تاج الدين عقوبته عام 2023، فإن القضاء الأميركي قد يكون استجاب لمخاوف فريق الدفاع عن تاج الدين إزاء احتمالات إصابته بكورونا في السجن، مع العلم أنه يعاني من مشكلات صحية.

وإلى أن تتضح الظروف الحقيقية التي أعادت تاج الدين إلى لبنان، تدعو مصادر ديبلوماسية عبر “المركزية” إلى مقاربة إطلاق سراح رجل الأعمال اللبناني من زاوية التوقيت، حيث أنه أتى بعد شهور معدودة على العودة- المريبة أيضا- لعامر الفاخوري، آمر سجن الخيام سابقا والمتهم بارتكاب جرائم تعذيب وبالعمالة للعدو الاسرائيلي، إلى الولايات المتحدة بذريعة إصابته بالسرطان. وتذكر المصادر أن صفقة إطلاق الفاخوري مرت من دون أي اعتراض من حزب الله الذي اكتفى برفع الغطاء عن رئيس المحكمة العسكرية القاضي حسين عبدالله الذي كان برأ “جزار الخيام” من التهم الموجهة إليه.

وتشير المصادر إلى أن إطلاق تاج الدين أعقب أيضا تحرير اللبناني نزار زكا، حامل الجنسية الأميركية، من السجون الايرانية التي قضى فيها حوالي 5 سنوات، بفعل اتهامه بالتجسس لصالح الولايات المتحدة، مع العلم أن واشنطن أطلقت أيضا المواطن الايراني مجيد طاهري، في مقابل الافراج عن الأميركي مايكل وايت الذي اعتقله الحرس الثوري الايراني عام 2018.

وفيما يستبعد كثيرون انكشاف حقيقة العلاقات وتبادل الأسرى والمصالح بين واشنطن وطهران، تعتبر المصادر الديبلوماسية أن أمرا واحدا يبدو أكيدا حتى الآن: العقوبات المشددة على الجمهورية الاسلامية لا تلغي التواصل بين الطرفين، بغض النظر عن الحملات التي يشنها أحدهما على الآخر، مشيرة إلى أن كل هذا يجري في وقت دخل قانون قيصر حيز التنفيذ. ما يعني بما لا يرقى إليه شك أن من الأفضل للبنان أن يستجيب لنداء البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي، ويتقيد بالحياد وينفذ الاصلاحات المطلوبة منه في المرحلة الراهنة، عله ينقذ نفسه من فخ الأزمة الاقتصادية، ومن العواقب الوخيمة لقانون قيصر عليه.