IMLebanon

أي هزات ارتدادية لزلزال حكم 7 آب؟

من حيث لا تدري على الأرجح، اختارت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان تاريخا شديد الرمزية لإصدار الحكم النهائي في قضية اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه. بعد عقد ونصف العقد تماما على وقوع الجريمة التي نقلت لبنان من مرحلة إلى أخرى من تاريخه الحديث، سينطق القضاء الدولي بالحكم النهائي في 7 آب المقبل. وبذلك، يكون التاريخ الذي أضحى مرادفا لقمع الحريات من جانب النظام السوري وحلفائه المحليين مستعينين بما عرف بـ “النظام الأمني اللبناني السوري المشترك” قد اتخذ بعدا آخر، يبدو هو الآخر مرادفا لذكرى اليمة، لم تنته انعكاساتها السياسية على الساحة اللبنانية بعد، لا لشيء إلا لأن الضحية كانت عملاقا سياسيا بحجم الحريري.

على أن مسار هذه القضية لا يختلف عن سابقاتها من جرائم الاغتيال السياسي. حيث أن النطق بالحكم النهائي لا يعني طي الملف، بل إن كثيرين يتخوفون من ردة فعل حزب الله إزاء قرار المحكمة. وتذكر أوساط مراقبة عبر “المركزية” بأن على مدى 11 عاما من التحقيقات والاستجوابات والجلسات، بدا المسار الذي تتجه إليه الأمور واضحا من حيث توجيه الاتهام إلى حزب الله بارتكاب جريمة اغتيال الحريري بدليل أن مذكرات توقيف صدرت في حق اربعة من عناصره في هذا الملف. غير أن أحدهم، مصطفى بدر الدين، الذي اعتبرته محكمة لاهاي واحدا من أهم “الرؤوس الكبيرة” المشاركة في الجريمة، توفي بشكل مريب في أيار 2016 في إطار مشاركة عناصر الحزب في القتال في سوريا إلى جانب نظام الرئيس بشار الأسد.

في ضوء كل هذه المعطيات، لا تخفي مصادر مطلعة مخاوفها إزاء هزات ونكسات أمنية بين أيلول وتشرين الأول المقبلين، قد تكون بمثابة الهزات الارتدادية للحكم القضائي المنتظر مطلع آب المقبل، في وقت تتصاعد أصوات طبول الحرب التي تقرع مع اسرائيل قبيل الانتخابات الرئاسية الأميركية. ذلك أن الرئيس دونالد ترامب الذي يتطلع إلى ولاية رئاسية ثانية متمسك بسياسة مواجهة ايران وخنق حلفائها إلى الحد الأقصى، ما يجعل كثيرين لا يستبعدون احتمال اشتداد وتيرة العقوبات على حزب الله والبيئة الموالية له، وهو ما يشكل ضربة قاسية للحزب، في موازاة الصفعة التي قد يتلقاها من المحكمة الدولية. صورة متشعبة وسلبية تجعل المصادر تتخوف من رد ايراني إنطلاقا من الأراضي اللبنانية من باب استهداف بعض المصالح الأجنبية في بيروت. في المقابل، يقدم عدد من المتفائلين قراءة ايجابية تفيد بأن 7 آب سيكون تاريخا لإعادة تأكيد اللحمة والوحدة الوطنية بين اللبنانيين، تماما كما اتحدوا عقب جريمة اغتيال الحريري على مطلب الانسحاب السوري من لبنان.

وما بين الموقفين، يبدو تيار المستقبل متأنيا وغير متسرع في رسم مرحلة ما بعد 7 آب، من منطلق سياسة الابتعاد عن المواجهة المباشرة مع حزب الله، التي ينتهجها الرئيس سعد الحريري، وإن كان يقدم بعض المواقف العالية السقف في مواجهة الضاحية وحلفائها في الداخل. وفي السياق، أكد عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار لـ “المركزية” “أننا أردنا المحكمة الدولية لأننا نريد الحقيقة والعدالة، وإفهام المجرم الذي اغتال الرئيس الشهيد رفيق الحريري ورفاقه أن الافلات من العقاب ومسلسل الاغتيالات والتصفيات الجسدية ما عادا ممكنين.

وذكر بأن “سبق أن قلنا أننا لا نريد التشفي ولا تفجير البلاد، تماما كما لا نريد أن يكون كشف الحقيقة وقرار المحكمة مناسبة لجر البلد إلى فتنة”، مشددا على “أننا لن نتهاون في هذا المجال، وسنتحمل مسؤلياتنا، تماما كما يجب أن يتحمل الآخرون مسؤولياتهم في هذا الاتجاه”.