IMLebanon

قرار مجلس الوزراء خفض التهريب الى سوريا!

في 13 ايار الماضي، وعلى اثر حملة سياسية وشعبية رافضة لتهريب المواد المدعومة من مصرف لبنان الى سوريا، لا سيما المازوت والطحين وما تيسر من المواد التي تدعمها الدولة مادياً فتخسر مرتين، الأولى ثمن البضائع المهربة في صهاريج أو شاحنات، والثانية مبالغ الدعم التي توفرها الدولة لهذه المواد الأساسية في حياة اللبنانيين، تحركت السلطة الرسمية في خطوة تكاد تكون الأولى من نوعها، وقررت تحت وطأة الضغط مواجهة المهربين، فاتخذ مجلس الوزراء قراراً بمصادرة الشاحنات والصهاريج التي تهرب من لبنان إلى سوريا مع حمولتها، وطلب المجلس الأعلى للدفاع من القوى الأمنية والعسكرية والجمركية تنفيذ القرار ميدانياً.

سريعاً، تلقفت قيادة الجيش القرار الذي حررها من قيود السياسة والقوانين البائدة ازاء معاقبة المهربين، وبدأت وحداته المختصة ضبط الصهاريج والشاحنات المحمّلة بالمازوت والطحين وغيرها من المواد المهربة على الحدود اللبنانية – السورية الشمالية والشرقية واتخذت اجراءات تكفل الحد الاقصى بما تيسر من قدرات لمنع التهريب عبر المعابر غير الشرعية، واحالت الموقوفين مع المضبوطات إلى الجهات القضائية المختصة.

بعد نحو شهرين على وضع القرار موضع التنفيذ، تبدّل الوضع كثيرا، ولئن لم يضبط التهريب بالكامل، تؤكد مراجع امنية معنية لـ”المركزية” اذ تبقى ثغرة تمتد على مدى 33 كلم من القاع نحو الهرمل من دون ضبط نسبة للعوامل المعروفة، ان لعدم ترسيم الحدود واستمرار النزاع على ملكية الاراضي او لتداخل هذه الاراضي جغرافيا او حتى لافتقاد القدرة العسكرية الميدانية على الضبط. فأفواج الحدود البرية الاربعة المنشأة في الجيش اللبناني للغاية لا تكفي والتطويع مجمد بقرار حكومي والموازنات غير متوافرة لاقفال الحدود برمتها. غير ان القرار السياسي الذي اتخذته الحكومة وكرسته في مجلس الوزراء بمصادرة الجيش الاليات التي تهرب واحالة المهربين الى النيابة العامة بعد رفع الغطاء السياسي عنهم وهم معروفون بالأسماء والمواقع، خفف نسبة التهريب الى حد كبير، تقول المراجع ذلك ان المردود المادي المفترض ان يجنيه المهرّب من كل عملية، الى المخاطر التي يواجهها، لا يوازي 5 في المئة من ثمن صهريجه او اي وسيلة نقل يستخدمها فيما لو صادرها الجيش، لانها تصبح حكما ملكا للمؤسسة العسكرية التي بات في حوزتها عدد لا باس به من الصهاريج والفانات التي تهرّب اشخاصا والبيك ابات وضعتها في الخدمة بعدما احالت اصحابها الى القضاء.

وتوضح المراجع الامنية أن قرار مجلس الوزراء المشار اليه اعطى فائدة مزدوجة للمؤسسة العسكرية من خلال مصادرة الاليات والشاحنات التي يتم التهريب على متنها من جهة وتوقيف المهرّب من جهة ثانية، مع تحويل الفعل من جنحة الى جناية، وتاليا قطع الطريق على ما كان معمولا به قبل القرار، اي دفع غرامة مالية لا تشكل نسبة ضئيلة مما يجنيه المهرّب من عملياته، واطلاق سراحه فورا ليعود الى تكرار فعلته. اليوم اختلف المشهد بالكامل، خصوصا انه تم في الموازاة تحصين القانون من خلال اعتبار عمليات التهريب خاضعة لقانون مكافحة تبييض الأموال الذي ينص على إجراءات وعقوبات أشد قساوة من القانون العادي. والنتيجة، عمليات التهريب تضاءلت الى حد كبير، وان لم تردع المهربين في شكل كامل، فالامكانات تبقى ضئيلة وتحتاج الى المزيد من العسكريين لتنفيذ انتشار محكم على طول الحدود، على رغم أن الجيش اتخذ تدابير جديدة واستحدث نقاطاً عسكرية جديدة لمنع التهريب على مسالك عدة، كما أزال جسورا حدودية تستعمل للتهريب في مواقع معينة. إلا أن تلك المعالجات، لا تكفي لاقفال كل المعابر لاسيما وأن الحدود مع سوريا شاسعة وعديد الجيش مع أبراج المراقبة البريطانية، لا يكفي لتأمين الحدود والسيطرة على كل المنافذ. باختصار “العين بصيرة واليد قصيرة، تختم المراجع.