IMLebanon

“حياد بسمنة وحياد بزيت”

“لا سيادة من دون حياد”. كلمات اختصرت الرسالة الأبرز التي أراد وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان إيصالها إلى البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي من زيارته إلى الديمان أمس. ولا يخفى على أحد أن كلام رئيس الديبلوماسية الفرنسية يُعدّ جرعة دعم جديدة للبطريرك الماضي بلا هوادة في الضغط في سبيل اعتماد الحياد سياسة عامة للبنان تخلصه من أزمات المنطقة وتداعياتها السلبية، في انتظار أن تدق ساعة الحلول الاقليمية.

غير أن الأهم يكمن، بحسب ما أشارت إليه مصادر سياسية مراقبة عبر “المركزية”، في أن موقف لودريان هذا يشكّل سهما قاسيا جديدا في اتجاه المعسكر الرافض اعتماد الحياد، والذي سارع إلى رفع بطاقة حمراء في وجه هذا الطرح، تحت ذريعة أنه يحتاج توافقا وطنيا لا يزال تأمينه بعيد المنال. بدليل أن حملة شعواء شنت من جانب أنصار الثنائي الشيعي على مواقع التواصل الاجتماعي على سيد بكركي إلى حد اتهامه بالعمالة، وهي، بحسب قول المصادر، التهمة الجاهزة التي يخرجها المتضررون من أي طرح كلما دعت الحاجة.

ولكن، في وقت قفز البطريرك الراعي بعيدا فوق هذه الحملة، ورفض الرد على كلام رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الأمير قبلان، مكتفيا بتجديد التأكيد أن مفهوم الحياد المطروح لا ينطبق على الصراع العربي الاسرائيلي ومناصرة القضية الفلسطينية المحقة، فإن المصادر تعتبر أن كل ما سجلته الأحداث في الأيام والأسابيع الماضية يثبت أن فريق 8 آذار بشكل عام لا يريد للبنان أن يجد حلا لأزمته الأخطر مفضلا المضي في تصفية الحسابات الاقليمية على حساب لبنان. بدليل أن حجة التوافق الوطني لم تستخدم عندما قرر حزب الله تجاوز توقيعه على إعلان بعبدا للانخراط في الحرب السورية إلى جانب النظام السوري خدمة لمصالح روسيا وايران في لحظة اقليمية معينة.

من هذه الصورة، تستنج المصادر أننا أمام “حياد بسمنة وحياد بزيت”. ذلك أن بعض رافضي الحياد لم يجد ضيرا في التذرع بالوفاق الوطني لعرقلة المسار الهادف إلى وضع البلاد على سكة الحلول السياسية، تماما كما سبق أن وضع العصي في دواليب الانفراج الاقتصادي، فكان أن غرقت الحكومة في سبات إصلاحي عميق ينتظر المجتمع الدولي أن تستفيق منه في القريب العاجل وقبل فوات الأوان. في المقابل، سارع هؤلاء الأفرقاء إلى إغراق لبنان في وحول الأزمات الإقليمية مع أن قرارا كهذا لا يقل شأنا عن ملف بأهمية الحياد… فلمَ يلعب التوافق دورا في هذا المجال دون سواه؟ سؤال تبدو الاجابات عنه معروفة سلفا.