IMLebanon

لودريان عرّى الطبقة الحاكمة! (بقلم رولا حداد)

لم يكن ينقص الطبقة الحاكمة في لبنان إلا زيارة وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان إلى لبنان لتظهر عوراتها كاملة أمام اللبنانيين. فرئيس الدبلوماسية الفرنسية أسقط ورقة التين الأخيرة عن هذه السلطة التي أدمنت إهدار الوقت والفرص في وقت لبنان يمعن في الغرق في الانهيار.

لودريان كرّر المعروف: باشروا بالإصلاحات فتساعدونا لنساعدكم. لكن عبثاً تحدّث الطبقة الحاكمة عن الإصلاحات. جلّ ما تقدّمه هذه السلطة البائسة هو وعود جوفاء بالإصلاح، إلى جانب إقرار قوانين في مجلس النواب قدر ما تشاؤون.

بغض النظر عن أن ثمة قوانين لا تزال عالقة، لكن الطريف أن مجالس النواب المتعاقبة في لبنان، وآخرها المجلس الحالي، قادرة على سنّ قوانين إصلاحية بالعشرات لا همّ، والشعار هو “خذوا القوانين التي تريدون”… لكن المشكلة هي في من يطبّق هذه القوانين!

الوزير الفرنسي قالها علناً: لا تهمنا القوانين لأن المطلوب هو تطبيق الإصلاحات. والمفارقة أن الحكومات المتعاقبة امتنعت عن تطبيق القوانين، لا بل إن الوزراء يعتبرون أنفسهم فوق القوانين، ويعتبرون القوانين الموجودة اختيارية فينفذون ما يناسبهم منها ويضربون عرض الحائط بالقوانين التي لا تناسبهم. هكذا، وعلى سبيل المثال لا الحصر، امتنع جميع وزراء الطاقة المتعاقبين عن تنفيذ قانون الكهرباء 462/2002 وكذلك القانون 181/2001 من دون أن يرفّ لهم جفن. لا وبل بلغت الوقاحة بهم مؤخراً إلى الإعلان أنهم لن يعيّنوا الهيئة الناظمة لقطاع الكهرباء وفق ما ينصّ القانون قبل تعديله، أي أنهم يشترطون لتنفيذ القانون أن يتم تعديله وفق رغبتهم وإلا فلن يتم تطبيقه. والمشكلة ليست محصورة بقطاع الكهرباء وقوانينه بل تشمل أيضاً قطاع الاتصالات وقطاع الطيران حيث لم يتم تعيين هيئة ناظمة حتى اليوم.

وكذلك فإن كل القوانين موجودة لمنع التهريب ومنع التهرّب الجمركي والضريبي لكن أحداً لا ينفّذها، ما يؤكد أن مشكلتنا في لبنان ليست ولم تكن أبداً في غياب القوانين إنما في غياب النية لدى المسؤولين لتطبيقها. والمشكلة الأكبر تظهر عندما تكون ثمة نية لتحقيق استهداف سياسي فيتم خرق كل القوانين المرعية الإجراء، تماماً كما حصل مع اتخاذ الحكومة الحالية لقرار التدقيق الجنائي في حسابات مصرف لبنان حصراً، والتعاقد مع شركات محددة، فأطاحت الحكومة بالتالي بالقوانين التي تنصّ على إجراء مناقصات علنية واستنسبت في التعاقد مع شركات محددة ضاربة قوانين المحاسبة العمومية، كما أطاحت بقانون النقد والتسليف المرعي الإجراء وقانون السرية المصرفية وغيرهما، وكأنه يجب على اللبنانيين أن يصدّقوا أن هذه الطبقة الحاكمة والفاسدة تريد محاربة الفساد، في حين أن المطلوب محاسبتها قبل غيرها!

هكذا تبدو الإشكالية واضحة بالكامل: نحن أمام سلطة تمعن في الفساد وتجعل نفسها فوق القوانين وتريد محاسبة الآخرين على قاعدة “فيك الخصام وأنت الخصم والحكم”!

وهكذا يظهر أن اللبنانيين أمام معادلة معقدة بالكامل، إذ تمتنع هذه السلطة عن فعل المطلوب، انما تحقق إنجازاً وحيداً يتمثل في هدر كل الفرص المتاحة للإنقاذ وللاستفادة من أي مساعدة خارجية، في حين تصرّ على سياسة التمسّك بالمناصب على قاعدة ألا بديل عنها، وكأنه على المطلوب منه أن يرحل أن يبحث عن بديل لنفسه!