IMLebanon

دياب يشتبك مع فرنسا آخر الدول الحاضنة للبنان

 كتب محمد شقير في صحيفة الشرق الأوسط:

تجرّأ رئيس الحكومة اللبنانية، حسان دياب، حيث لا يجرؤ الآخرون؛ على توجيه انتقادات قاسية إلى وزير الخارجية الفرنسية جان إيف لودريان، بذريعة أن لديه «معلومات منقوصة» حول المسارات الإصلاحية التي أنجزتها حكومة دياب، ما تسبب في إقحام نفسه في اشتباك سياسي لا مبرر له مع الحكومة الفرنسية، التي لم تتردّد (كما تقول أوساط معارضة لـ«الشرق الأوسط) في الوقوف إلى جانب لبنان، وضرورة إعطاء حكومته فرصة للتغلُّب على التأزُّم المالي والاقتصادي لوقف الانهيار. وتستغرب هذه الأوساط ما صدر عن دياب من انتقادات استهدفت لودريان، الذي يمثّل الدولة التي كانت السبّاقة في دعوتها لإعطاء فرصة للحكومة اللبنانية، وعدم محاكمتها على النيّات، وتؤكد أنه من غير الجائز التوجُّه بانتقادات لموفد الحكومة الفرنسية، التي لم تتردّد في التواصل مع الولايات المتحدة وعدد من الدول العربية التي كانت شاركت في مؤتمر «سيدر».

وتسأل: «من تبقّى للبنان من أصدقاء؟، وهل كان دياب مضطراً لهذا الهجوم المجاني الذي شكّل إحراجاً للسفير الفرنسي في لبنان برونو فوشيه الذي كان موضع انتقاد غير معلن من قبل قوى في المعارضة على خلفية وقوفه إلى جانب الحكومة، وحث حكومته في تقاريره التي يرفعها إلى الخارجية الفرنسية على احتضانها ومنحها الفرصة لإخراج لبنان من أزماته؟».

وتعتبر أوساط المعارضة أن دياب بانتقاده للوزير الفرنسي وجّه صفعة سياسية إلى السفير الفرنسي، وكان في غنى عنها، لأنها لا تعبر عن موقف الحكومة ولا تنسجم مع توجّه رئيس الجمهورية ميشال عون، وتؤكد هذه الأوساط أن دياب خدم برد فعله غير المدروس على لودريان الدول العربية التي كانت أبلغت باريس بأنه لا جدوى من التواصل مع هذه الحكومة التي يعود قرارها إلى المنظومة الحاكمة التي تتشكّل من «التيار الوطني الحر» و«حزب الله»، بدلاً من أن تلتزم بسياسة النأي بالنفس، لتصويب العلاقات اللبنانية – العربية التي دمّرها جبران باسيل طوال وجوده على رأس وزارة الخارجية. وتلفت الأوساط نفسها إلى أن الحكومة أوقعت نفسها في ارتباك تلو الآخر، وهذا ما شكّل إحراجاً لها أمام المجتمع الدولي، وأظهرها عاجزة عن الالتزام بما تعهّدت به من إصلاحات، وتلوم في الوقت ذاته الفريق الاستشاري لدياب الذي يتدخّل في كل شاردة وواردة، ويتصرف البعض منهم وكأنهم وزراء فوق العادة مع أنهم يفتقرون إلى الخبرة، ويدخلون في خلافات مع عدد من الوزراء الذين يرفضون تدخّلهم في شؤون وزاراتهم.

لذلك، فإن بعض الوزراء (كما علمت «الشرق الأوسط») يتصرفون، وكأنهم في موقع معارض لرئيس الحكومة، وإن كانوا يفضّلون عدم تسليط الأضواء على معاناتهم من جراء البعض في الفريق الاستشاري الذي يعاني من التضخّم العددي ويشارك في كل الاجتماعات، من دون أن يقلع عن شعوره بوجود مؤامرة تستهدف دياب يرعاها فريق في المعارضة.

وعليه، فقد شهدت الجلسة الأخيرة للحكومة أكثر من مفاجأة لم تكن محصورة بانتقادات دياب للودريان، وإنما فيما حملته تغريدته، قبل أن يبادر إلى شطبها، من انتقادات طاولت القضاء والأمن، التي تدل على أن الحكومة تتشكّى على نفسها، أسوة بالشكاوى التي أخذت تتكاثر من الوزراء، احتجاجاً على سوء أدائها حيال الملفات الاجتماعية والخدماتية، وآخرها انقطاع التيار الكهربائي.

وخلّفت تغريدة دياب تداعيات سلبية لا يمكن تطويقها، لمجرد أن وافق على سحبها، لأن التغريدة فعلت فعلها وباتت تشكل مادة لقوى المعارضة القيمين على الحراك، لملاحقة الحكومة على تقصيرها بشهادة رئيسها، باعتبار أن مضامينها أوحت وكأن هناك مؤسسات رسمية مستقلة عن الحكومة، و«فاتحة على حسابها»، مع أنه ليس هكذا تكافأ القوى الأمنية، وأولها الجيش الذي يحتفل، بعد غد (السبت)، بعيد تأسيسه.