IMLebanon

الموت على أبواب المستشفيات.. وحسن يتلطّى بالحجج لتبرير الفشل

كتب ألان سركيس في صحيفة “نداء الوطن”:

لا ينفك وزير الصحة حمد حسن عن التأكيد خلال زياراته وفي تغريدات مبهمة أنه لن يسمح برفض وعدم إستقبال المرضى على أبواب المستشفيات، وعندما يحصل تقصير، يسارع إلى لوم الغير أو التذرع بالصعوبات التي نمر بها أو بفعل “كورونا”.

لم ينتظر الوضع تفشي “كورونا” لإظهار الكارثة التي تضرب القطاع الصحي، فأتى زلزال المرفأ والكارثة التي ضربت لبنان لتفضح هشاشة الوضع، إذ أثبت الحدث المحزن أنه لا توجد خطة للتعامل مع الكوارث، وقد امتلأت المستشفيات ولم تعد تتسع للجرحى والشهداء، في حين ان الجسم الطبي تجنّد من اجل إنقاذ الأرواح وتطبيب الجرحى وتخفيف حجم الكارثة، وكل الأنظار تتوجه إلى المساعدات الطبية من الخارج لإنقاذ ما تبقى من هذا القطاع.

وبانتظار أن يعرف الشعب ماذا حصل في المرفأ، فان القطاع الصحي ينازع وأتته هذه الضربة لتعمّق جراحه، إذ لم يعد يكفي القيام بمبادرات فردية بل إن الأمور تحتاج إلى معالجات جذرية وخطة عمل واضحة.

وبالنظر إلى مسلسل فشل وزارة الصحة في الإدارة، فان البداية مع “كورونا” حيث يتذكر الشعب إعلان الوزير بطولات الإنتصار ورقصات السيف والتهليل معتبراً أنه حقق إنجازاً عالمياً بالقضاء على الجائحة، وقام بعد ذلك بالتنظير على المنظمات الدولية حول كيفية مكافحة “كورونا” معطياً تطميناً وهمياً للّبنانيين مما دفعهم إلى الإستخفاف بالجائحة، فعادت وتوسعت رقعتها عددياً وجغرافياً ووصلت الإصابات إلى أرقام قياسية. واليوم نعود لنسمع من الوزير إلقاء اللوم على الناس إضافة إلى حجج تخفيفية غير مقنعة عن التقصير.

ويؤكد المعنيون بالقطاع الصحي أن اللبنانيين أعطوا فرصة للسلطة لتجهز نفسها، فقبعوا في المنازل طوال أشهر، وتحمّلوا الأثر الإقتصادي عندما كانوا بأمسّ الحاجة إلى العمل. لكن وزير الصحة والحكومة لم ينفّذا خريطة الطريق النظرية التي وضعاها، علماً ان الكثير من المساعدات أتت الى لبنان لدعمه في محاربة الجائحة، وأبرزها تحويل 47 مليون دولار من تمويل البنك الدولي الذي كان محدداً للرعاية الصحية الأولية الى دعم للتصدّي لـ “كورونا”. وليس معروفاً كيف وأين صرف هذا المبلغ لأن لا أثر لأي تطوير ملموس في القطاع الصحي إلا التراجع عن الأداء الذي كان في السابق، إن لناحية نوعية الفحوصات وعددها أم من ناحية جهوزية وتوزيع قدرات العناية الفائقة.

أما بالنسبة إلى الصعوبات التي نمر بها، فهي كانت معروفة قبل تشكيل الحكومة وعندما اتخذ الوزير حسن قرار المشاركة، كان من الواجب ان يجد الحلول ويطرحها على مجلس الوزراء، أو يقوم بتطبيقها بنفسه ضمن الصلاحيات المناطة به. فالقطاع الصحي يعاني من شحّ في السيولة والدولة تتخلف عن دفع مستحقاتها للمستشفيات، مقلّصة بذلك قدرة عدد كبير من المستشفيات على الإستمرار بالعمل في شكل طبيعي. وكان نقيب المستشفيات الخاصة سليمان هارون قد صرح مرات عدّة عن هذا الموضوع منبهاً من خطورة الوضع. وتوقفت المستشفيات عن استقبال مرضى على حساب الدولة ثم عاد بعضها ليستقبل حالات محدودة.

وعلى أرض الواقع، يتطلّب هذا الوضع تدخلاً كبيراً من وزارة الصحة وتحديداً في عملية نقل المرضى الى المستشفيات القادرة على معالجتهم ضمن خطة طوارئ وخط ساخن لا يتعطل، لكن القيّمين على الوضع الصحي يؤكدون أننا فوجئنا بأن الخط الساخن لم يكن يعمل بانتظام، وأن مرضى يموتون على أبواب المستشفيات لأن نظام الطوارئ لنقل المرضى لم يعد يعمل به جراء الارتباك والتخبط الحاصل في إدارة الوزارة بين المستشارين والموظفين، وهذا النظام ضروري للتعامل مع كارثة مثل التي ضربت بيروت.

تقصير كبير في ادارة قطاع الصحة كان يختبئ وراء الإنجازات الوهمية في المرحلة الأولى من “كورونا” حيث كان يهلل من يهلل ويشكر من يشكر، وكان من غير المقبول انتقاد أداء الوزير لأنه انتصر على الفيروس، لكن وبعد زوال الغشاء، ظهرت أمور أخرى الى الواجهة على الوزير أن يتحمل تبعاتها. فأربع وفيات لأطفال وبالغين على أبواب المستشفيات والوزير يفتح ما يسمى بالتحقيقات والتي تحصل خارج أصول التحقيق ولا تقفل، وفي أحسن الأحوال، يتخذ إجراءات ادارية خفيفة بحق المستشفيات لا تقدّم ولا تؤخّر، بدل تطبيق سياسات صحية تساعد القطاع الصحي على تخطّي المصاعب. كما نرى في كل مرة الحاجة لتدخّل مجلس الوزراء أو لجان وطنية لاتخاذ القرارات نيابة عن الوزير بينما يستمر هو بالقيام بالزيارات وإلقاء الخطابات التي لا نتيجة لها.

وهنا يطرح الصحيون سؤالاً أساسياً وهو: ألا يستوجب هذا القصور والتدهور في القطاع الصحي أقله مساءلة للوزير وصولاً الى طرح الثقة به، أم أن النواب نائمون أو غافلون عن سوء الأداء طالما أن الثورة هادئة؟