IMLebanon

عدد الجرحى يفوق المصرّح عنه ولا برّادات لاستيعاب الجثث

كتبت مريم سيف الدين في صحيفة “نداء الوطن”:

خفتت صرخات الألم والغضب أمام أقسام الطوارئ في مستشفيات بيروت، بعد انفجار أمس الأوّل، وغابت الوجوه المملوءة بالدماء وملامح الصدمة من هول ما حصل. لكن نقل الجثث استمرّ، وكذلك توافد جرحى الانفجار بعدما أجّلت المستشفيات استقبال الحالات التي تحتمل التأجيل، وسارعت إلى معالجة الحالات الطارئة والإصابات البليغة. وتمكنت المستشفيات من استيعاب الصدمة والتعامل مع الكارثة متجاوزةً أزماتها. ويشير نقيب أصحاب المستشفيات الخاصة، سليمان هارون، في حديث لـ”نداء الوطن” أنّ عدد الجرحى الحقيقي يفوق الأعداد المصرح عنها، إذ إنّ المستشفيات سارعت لعلاج المصابين ولم تسجل أسماء العديد ممن احتاجت جراحهم لتضميد وتقطيب. ووفق النقيب فإن مخزون المستشفيات من بعض المستلزمات قد نفد، إذ استهلكت ليلة الانفجار ما تستهلكه خلال شهرين في الأيام العادية.

وفي حين اتهمت المستشفيات برفض استقبال الجثث التي مكثت ساعات مكانها تحت أشعة الشمس، يرفض هارون اتهام المستشفيات، ويشرح بأنها تعاني من نقص في عدد البرادات اللازمة لحفظ الجثث. ويؤكد بأن بعضها استقبل جثثاً لم تتسع لها البرادات، فجرى تجهيزها استعداداً لتسليمها الى ذويها ووضعها على أسرّة نقالة. فيما تنتظر جثث مجهولة الهوية أن يتم التعرّف إليها لتسلّم إلى ذويها. وتعليقاً على التحدي الذي فرضه الانفجار على المستشفيات يقول هارون: “اعتقدنا أننا في الوقت الأصعب فتبين أن هناك أصعب”. في غرف المستشفيات مرضى وجدوا أنفسهم قد استيقظوا على أسرّتها، لا يدركون ما حدث ولماذا، بعضهم خسر أجزاء من جسده لن تعوّض. والبعض الآخر يخفّف عن نفسه الفاجعة بشكر ربّه أنّه لم يصب بأذىً أكبر. وفيما تسيطر حال الصدمة على الجميع يحاول هؤلاء فهم ما حدث واستيعاب الصدمة، وقد تزول ندوب جروحهم قبل أن تزول الندوب التي خلّفتها الجريمة. وقد استمر توافد الجرحى إلى المستشفيات نهار أمس، بعدما عملت على تحديد الحالات الأكثر حاجة للمساعدة. “استوعبنا الصدمة واستمرينا في استقبال الجرحى، وأكثر من أدخلوا إلى العمليات هم جرحى عانوا من كسور في العظم، لم تتوقف غرف العمليات عن العمل طوال الليل. ولاستيعاب الأعداد اتفقنا مع مستشفيات في المناطق بأن ننقل المريض إليها بعد إجراء العملية له لنتمكن من معالجة اكبر عدد”، كما يقول. وفي حين أنسى الإنفجار اللبنانيين مصيبة “كورونا”، وسارعوا مذعورين إلى المستشفيات إما للعلاج أو لتفقد أحبائهم، يتوقع النقيب أن يرتفع عدد الإصابات بالفيروس جراء ما حصل.

وما أصاب بيروت أصاب عدداً من مستشفياتها، وبدل أن تضمد جراح الضحايا وجدت نفسها تنزف. ووفق هارون فقد دمر الانفجار مستشفى السان جورج-الروم بشكل كامل ولم يبق منه سوى الجدران، ودمر مستشفى الوردية بشكل شبه كامل. في حين تضرر مستشفى الجعيتاوي بشكل كبير، لكنه أبقى على العمل في قسم الطوارئ. ويلفت النقيب إلى أن إعادة تجهيز هذه المستشفيات يحتاج لأشهر، فيما تقدر الخسائر بملايين الدولارات. وعلى الرغم من استيعاب المستشفيات للفاجعة التي طرأت، ونجاحها في تخطي الاختبار المفاجئ يظهر حماس وزير الصحة حمد حسن لبناء مستشفيات ميدانية طلبها ضمن لائحة المساعدات المقدمة إلى الدول. وربما طلبها الوزير لاستخدامها تحسّباً لأزمة أخرى. من جهته يؤكد هارون أن لا حاجة لهذه المستشفيات إذ إن الحادثة انتهت و”المستشفيات قد قامت بواجبها بمعجزة، المستشفيات الميدانية هدر للمال، فنحن اليوم بحاجة اكثر إلى الأدوية والمستلزمات الطبية”. وفي وقت بدأت فيه طائرات المساعدات الطبية بالهبوط في مطار بيروت الدولي، يقول هارون بأن وزارة الصحة لم تتواصل بعد مع المستشفيات في ما خص هذه المساعدات.