IMLebanon

جعجع لماكرون: أُطلب الإصلاحات من “الحزب” و”التيار”

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

لا تزال أصداء زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون تتردّد في الداخل اللبناني بعد “البهدلة” التي “أطعمها” للسلطة الحاكمة، واحتضانه الشعب في الشوارع بعدما تخلّى حكّامه عنه.

في معلومات لـ”نداء الوطن” أنه “لا توجد مبادرة جاهزة لماكرون بل كانت هناك أفكار سريعة فرضتها كارثة المرفأ، فلو كانت هناك مبادرة فرنسية لكان روّجها وزير الخارجية جان إيف لودريان خلال زيارته الاخيرة لبيروت، لكن ماكرون أرسل رسائل عدّة أبرزها إظهار تضامنه مع الناس في مار مخايل والجميزة ومحيط المرفأ، وأبلغ السلطة أن لا مساعدات لها، فالمساعدات هي إما للناس مباشرةً أو عبر منظمات موثوق بها، وكذلك وجّه رسالة لجميع القوى السياسية بأن عليها العمل لإيجاد حلول للأزمات التي تعصف بالبلاد”.

وتؤكّد المعلومات أن ماكرون عاد وأوضح خلال لقائه مع القادة السياسيين في قصر الصنوبر، أنه لم يقصد تغيير النظام السياسي بل قصد تغيير منهجية العمل التي لم تعد تتناسب مع طبيعة الأزمة، كما أنه لم يفاتح القادة بضرورة تأليف حكومة وحدة وطنية، بل اعتبر أن هذا الأمر يخصّ اللبنانيين، وفرنسا مع كل ما يقرّره الشعب، فإذا تألّفت مثل هكذا حكومة فهي لا تعارض، كما انها لا تعارض أي شكل من أشكال الحكومات، فما يهمها هو الإنتاجية والإصلاحات.

وشكّل لقاء قصر الصنوبر محطة مهمة في زيارة ماكرون، وهو وإن أعطى صورة في الجميزة بأنه يسأل عن الشعب اللبناني اكثر من حكّامه، فقد خرج لقاء قصر الصنوبر بصورة مهمة أيضاً، وهي أن رئيس فرنسا قادر على جمع كل القادة اللبنانيين، في حين أنّ رئيس الجمهورية العماد ميشال عون لا يستطيع فعل ذلك، والدليل المقاطعة لآخر لقاءين عُقدا في القصر الجمهوري من قِبل بعض حلفاء العهد وخصومه. وبالعودة إلى لقاء قصر الصنوبر، فإن أول الواصلين إلى اللقاء كان رئيس كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب محمد رعد وممثل الرئيس نبيه برّي النائب إبراهيم عازار وجلسا في إحدى الغرف، من ثمّ وصل رئيس حزب “القوات اللبنانية” الدكتور سمير جعجع وألقى التحية على رعد وعازار وجلس في صالون ثانٍ، من ثمّ دخل رئيس حزب “الكتائب” النائب سامي الجميل وجلس بالقرب من جعجع، بعدها أتى رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية وسلّم على جعجع والجميل لكنه إختار الجلوس مع رعد وعازار حليفيه في الخطّ، وفي هذه الأثناء دار حديث بين جعجع والجميل، ليصل بعد ذلك رئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” وليد جنبلاط ونجله النائب تيمور، ومن ثمّ دخل الرئيس سعد الحريري يرافقه مستشاره هاني حمّود.

ودار حديث بين جعجع والحريري على إنفراد دام نحو نصف ساعة، قبل أن يدخل ماكرون حيث وقف مع كل سياسي نحو 3 دقائق، وأثناء الجلسة دعا الجميع ليدخلوا إلى قاعة الإجتماع حيث هناك طاولة مستديرة، فجلس ماكرون وعلى يمينه جعجع وعلى يساره رئيس “التيار الوطني الحرّ” جبران باسيل وبقية الحضور.

ورحّب ماكرون بالجميع، وأعاد التذكير بما صرّح به خارجاً وخلال جولته، وشدد على أهمية الروابط التاريخية والثقافية والعلاقات التاريخية بين لبنان وفرنسا وإصرار فرنسا على منع التدهور، وشدد على إستمرار الهدر في ملفات عدة أبرزها الكهرباء وغياب الإصلاحات وتناول وضع المؤسسات، وحذر من إستمرار الوضع على هذا الشكل، جازماً بأن لا مساعدات بلا إصلاحات، وتمنى أخذ هذا الأمر بالإعتبار، وطلب سماع الآراء السياسية. وكان الحريري أول المتحدّثين، وقال: “مش ماشي الحال، فجميعنا مسؤولون لكن الأكيد أن هناك فريقاً سياسياً يتحمل أكثر من غيره المسؤولية ونحن نريد أن تصطلح الأمور وقد تكون الإنتخابات النيابية المبكرة هي الطريق الأقرب للحل ويجب أن يُعيد “حزب الله” النظر بسياسته”.

ثم تحدّث باسيل، وقدّم مرافعة بدأت بقصر الصنوبر ورمزيته التاريخية، وتناول ذكرى لبنان الكبير وصولاً إلى مسألة النازحين السوريين واللاجئين الفلسطينيين حيث يشكلون عبئاً على لبنان، وأكد أن فريقه يقوم بإصلاحات ويكافح الفساد، وتناول أيضاً الإستراتيجية الدفاعية.

أما الجميل فتطرّق إلى ملفات الفساد غير المقبولة، وسلاح “حزب الله” الذي هو حزب مسلّح يمنع قيام دولة، وطالب بلجنة تحقيق دولية لمعرفة ما حصل بالإنفجار، وركّز على أن التحقيق المالي الجنائي مهم لكنه يجب أن يشمل كل مالية الدولة والوزارات وليس فقط مصرف لبنان. وبعد الجميل، تحدّث جعجع وشكر ماكرون لتركه بلاده وإهتماماته خصوصاً مع أزمة “كورونا” ومسارعته للتعاطف مع لبنان، وقال له إنه “بمجرّد حصول هذه الزيارة فقد أديت قسطاً للعلا تجاه البلد والباقي علينا، ومعروف أن فرنسا من أكبر أصدقاء لبنان وفي كل المحطات تقف بجانبنا وزيارتك مقدرة من الجميع”.

وتوجّه جعجع إلى ماكرون قائلاً: “نريد أن نضعك في المشكلة الأساسية في البلد، صحيح هناك مشكلة فساد وكبيرة جداً وتفشت لكن عمق المشكلة أن هناك منطقين، منطق دولة ومنطق اللادولة الممسك بمفاصل السلطة في البلد ولا يسمح أصحابه بالقيام بإصلاح وتغيير”.

وأعطى جعجع لماكرون أمثلة لماذا وصلنا إلى هنا، “فالمثل الأول هو المعابر غير الشرعية، فهل هناك بلد في العالم يسمح بهذا الأمر خصوصاً أن هذه المعابر تؤثر على الإقتصاد وتستنزف الخزينة وتضرب مصالح الشعب، وهذه المعابر لا تضبط لأن هناك تحالفاً بين الفاسدين وفريق السلاح غير الشرعي”.

أما المثل الثاني الذي أعطاه جعجع فهو “ضرب علاقات الصداقة مع دول العالم وعلى رأسها دول الخليج”، وسأل ماكرون “كيف ستساعدنا دول الخليج إذا كان هناك طرف سياسي يهاجمها، المشكلة ليست آنية، لكن جوهرها أن منطق الدولة يجب أن يسود في حين ان منطق اللادولة هو الحاكم”.

واعتبر جعجع خلال مداخلته أن أكبر خدمة تقدمها فرنسا للبنان بعد الإنفجار أن يكون هناك تحقيق دولي جدي وحقيقي لمعرفة حقيقة ما حصل.

من جهته، أكد للرئيس الفرنسي أن “هناك مشكلة كبيرة في البلد هي الفساد ويجب حلها، وقد تحوّل لبنان إلى ملعب فوتبول وصراع بين إيران وحلفائها وأميركا وحلفائها وهذا مدمر للبلد”.

أما عازار فوضع المشكلة بالطائفية المستشرية التي يجب التخلص منها، في حين أن فرنجية اعتبر أن الحديث منذ العام 2005 عن سلاح “حزب الله” لم يصل إلى نتيجة “وليس هناك من لزوم لإستمرار الجدل لأن الأمور مرتبطة بالإقليم فلماذا علينا أن نكسّر رأسنا في هذا الموضوع؟ لذلك علينا أن نتفاهم لحل الازمة الإقتصادية، فليس لدي مشكل في ترؤّس الحريري الحكومة التي يراها مناسبة، فأنا كماروني أولويتي أن أبقى موجوداً في هذا الشرق وإذا كان الرئيس بشار الأسد يحمي وجودي فأنا معه، ولدينا خطران نحاربهما هما إسرائيل والإرهاب”.

ورعد كان الوحيد الذي تحدث بالعربية، وقال: “يجب ألّا ننسى أن إسرائيل على حدودنا وتشكّل خطراً على البلد فلا يمكننا ان نضرب قوة لبنان في مقاومته، ونرفض التحقيق الدولي لأن إسرائيل لديها شبكات في كل التحقيقات الدولية وتتدخل لتحويره”.

وبعدما تحدث الجميع ردّ ماكرون مؤكداً أن “الأمور يجب ألّا تستمر هكذا ويجب الولوج بإصلاحات جذرية، ولا تلوموا العالم إذا لم يساعدكم فأنتم لا تساعدون انفسكم، فباشروا بإصلاحات لكي نساعدكم”، فتدخّل جعجع وقال له: “يجب أن تعلم أن الحكومة اليوم هي في يد “حزب الله” والتيار الوطني الحر، ويجب أن تطلب منهم إصلاحات لأنهم هم من يمنعون حصولها”.

وفي المحصلة قال ماكرون للقادة “إننا نحاول إخراج لبنان من هذا الوضع لذلك يجب ان نذهب إلى ممارسات جديدة وطريقة عمل جديدة وعقلية مغايرة من أجل إنقاذ الوضع”.