IMLebanon

تداعيات انفجار المرفأ تنسحب على المشهد السياسي اللبناني

كتبت بولا أسطيح في صحيفة “الشرق الأوسط”:

انسحبت تداعيات انفجار مرفأ بيروت على المشهد السياسي اللبناني. فبعد إعلان النائب في الحزب «التقدمي الاشتراكي» مروان حمادة استقالته بعيد الانفجار، أعلن يوم أمس نواب حزب «الكتائب اللبنانية» سامي الجميل ونديم الجميل وإلياس حنكش استقالتهم من المجلس النيابي، فيما تستعد النائبة بولا يعقوبيان لتقديم استقالتها يوم الاثنين.

واستمرت الانسحابات من تكتل «لبنان القوي» الذي يرأسه النائب جبران باسيل، فبعد أن كان النائبان شامل روكز ونعمة أفرام أعلنا خروجهما منه في وقت سابق، انضم إليهما في الساعات الماضية النائب ميشال ضاهر.

وأعلن رئيس «الكتائب» النائب سامي الجميل استقالة نواب حزبه من مجلس النواب خلال جنازة الأمين العام للحزب نزار نجاريان الذي قضى في انفجار مرفأ بيروت الثلاثاء الماضي، واعتبر أن الاستقالة «تنزع ورقة التين عن هذه المنظومة»، داعياً «الزملاء الشرفاء إلى إعادة القرار إلى الشعب عبر انتخابات نيابية». وتوجه إلى رئيس الجمهورية ميشال عون بالقول: «لا فخامة الرئيس هذه ليست فرصة إنما كارثة، وستكون نهاية لبنان وولادة لبنان جديد على أنقاض لبنان القديم الذي أنتم تمثلونه». وشدد رئيس «الكتائب» على أن «غداً ليس كما اليوم وبعد 4 آب ليس كما قبله»، معتبرا أن «هذا التاريخ هو الحد الفاصل بين لبنان القديم ولبنان الجديد».

من جهته، أشار النائب نديم الجميل إلى أنه تقدم باستقالته «لأن المؤسسات الدستورية غير المنتجة والواقعة تحت سطوة السلاح لم تعد تمثل طموحاتي وطموحات من أولوني ثقة تمثيلهم».

وتوجهت النائبة بولا يعقوبيان إلى النواب داعية إياهم لـ«ترك أحزاب السلطة متمسكة بالكراسي ولنذهب معا يوم الاثنين إلى استقالات من مجلس العجز والخذلان لأن المعارضة من الداخل لم تعد مجدية». وأضافت: «لا تخذلوا ناخبيكم. شكرا للكتائب ومروان حمادة على القرار الجريء الذي لا عودة عنه أبدا».

وانضم النائب ميشال ضاهر إلى النائبين روكز وأفرام اللذين انسحبا من تكتل «لبنان القوي» في وقت سابق. وقال في تغريدة على حسابه على «تويتر»: «أمام هذه الكارثة الإنسانية وانسجاماً مع قناعتي ومواقفي السابقة أعلن انسحابي من تكتل لبنان القوي. وأمد يدي لكل النواب المستقلين لنتعاون جميعاً في موقف واحد بعيداً عن الاصطفافات والحسابات الشخصية الضيقة لخدمة هذا الوطن. على أن يليها الاستقالة من مجلس النواب إذا فشلنا في التغيير».

 

ولا تبدو القوى السياسية الوازنة في المجلس النيابي المنضوية اليوم في صفوف المعارضة بصدد الاستقالة قريبا من المجلس النيابي، فرغم حديث رئيس «القوات» سمير جعجع عن «اتصالات سارية مع كل الفرق السياسية بهدف تجميع عدد كبير من الاستقالات خلال اليومين المقبلين»، قائلا: «استقالاتنا في جيوبنا» وسنعلن عنها متى تأكدنا أن تقديمها سيؤدي إلى انتخابات نيابية مبكرة» قالت مصادر «القوات» إن «الاستقالة موقف سياسي يحق لأي طرف اتخاذه خاصة حين يصل إلى قناعة أن لا شيء يمكن أن يتغير من تحت قبة البرلمان»، إلا أنها لفتت إلى أن «الاستقالة من المجلس النيابي تعني الانسحاب من المؤسسات اللبنانية ما يستدعي التفكير العميق لأننا لا نريد أن نكرر التجربة التي عشناها منتصف السبعينات». وأضافت المصادر لـ«الشرق الأوسط»: «يجب أن نحدد الخطوة التي ستلي الاستقالة قبل الإقدام عليها لأن آخر ما نريده جر البلد إلى الفوضى والمجهول ولا سمح الله إلى الانفجار».

من جهته، قال القيادي في تيار «المستقبل» مصطفى علوش لـ«الشرق الأوسط» إن «الاستقالة ستكون بلا جدوى في حال لم تستتبع بتغيير جذري في واقع النظام الحالي»، لافتا إلى أنه «حتى الساعة لا بوادر دولية توحي بتوجه لتحقيق هذا التغير المنتظر والذي لا يمكن أن يحصل إلا بوصول المجتمع الدولي إلى قناعة بأن لبنان دولة فاشلة، ما يستدعي حينها تدخلاً دولياً لفرض واقع جديد في البلد».

 

واعتبر علوش أن «استقالة 40 أو 50 نائبا ستكون مفيدة شرط تحديد الخطوات التي ستلي خاصة أن أمين عام «حزب الله» حسن نصرالله كان واضحا في إطلالته الأخيرة وأوحى صراحة أنه قد يواجه بالسلاح من يسعى لفرض واقع جديد على الأرض».

أما الحزب «التقدمي الاشتراكي» الذي كان قد أعلن رئيسه وليد جنبلاط أنه قرر البقاء في المجلس النيابي «لأن مجرد استقالتنا سيفتح مجالا لمحور «التيار الوطني الحر –حزب الله» للسيطرة على كل المجلس»، فقالت مصادره لـ«الشرق الأوسط»: «كل التطورات السياسية قيد الدرس بعمق من كل النواحي، وعندما تتبلور الرؤية الكاملة يُعلن عنها».

وتدرس القوى السياسية المعارضة ما إذا كان انسحابها من البرلمان سيؤدي إلى انتخابات نيابية مبكرة. وفي هذا الإطار، يقول رئيس منظمة «جوستيسيا» الحقوقية الدكتور بول مرقص إنه «إذا لم تبلغ الاستقالات نصف عدد المجلس، فهي لا تسقط ولايته، أما إذا استقال 65 نائبا فعندها يصبح انعقاده متعذرا ما يستدعي انتخابات عامة، وإن كان لا يوجد نص دستوري واضح وصريح في هذا الخصوص».

ويوضح مرقص في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن الدستور ينص على أنه في حال شغور عدد من المقاعد تجرى انتخابات فرعية خلال مدة شهرين، لافتا إلى أن «أحد الأسباب الذي يؤدي إلى إسقاط ولاية المجلس هو استصدار المجلس نفسه قانونا لتقصير ولايته، وأعتقد أنه الحل الأمثل لأننا هنا نتحدث عن قانون عادي يتطلب أكثرية عادية»، خاتما: «إذا استقالت كتل وازنة طائفيا، فعندها لا تكون جميع العائلات الروحية التي يتحدث عنها الدستور ممثلة في المجلس ما يجعل منه مجلسا غير ميثاقي».