IMLebanon

توقعات إسرائيلية بإحجام “الحزب” عن التصعيد

طوال الأسبوعين الماضيين، كان الجيش الإسرائيلي في حالة استعداد قصوى، ترقباً لهجوم انتقامي من جانب “حزب الله” بعد مقتل أحد عناصره في غارة إسرائيلية قرب العاصمة السورية دمشق.

ويعتقد الخبراء الأمنيون في إسرائيل أنه بعد انفجار بيروت المدمر الذي وقع الثلاثاء الماضي، ربما لن يتحقق مثل هذا الهجوم الانتقامي مطلقاً، أو على الأقل، قد يتم تأجيله، رغم إعلان الجيش الاسرائيلي الخميس الماضي أنه سيستمر في انتشاره العملياتي شمالي البلاد.

وكان الأمين العام لـ “حزب الله” حسن نصرالله توعد بالانتقام نافياً أن يكون حزبه شنّ بالفعل عملية على الجيش الإسرائيلي كما ادعى الأخير.

لكن بالأمس كان هناك خطاب لنصرالله تجاهل فيه كلياً التطرق إلى هذه القضية، مما يعزز الفرضيات بأن الحزب لا يرغب حالياً بالتصعيد.

ويؤكد د. إيلي كارمون، كبير الباحثين الإسرائيليين بالمعهد الدولي لمكافحة الإرهاب، الرأي القائل بأن ليس من المتوقع قيام الحزب بهجوم وشيك. ويوضح أن “الحزب أغضب قطاعات أكبر من الشعب اللبناني الذي يشعر بالغضب بالفعل، لأنه ليس من الواضح لمن تعود نترات الأمونيوم التي انفجرت في مرفأ بيروت، أو ما إذا كان لحزب الله صلة بالأمر، أم لا”.

أما ساريت زيهافي، من مؤسسة مركز البحث والتعليم الإسرائيلي “ألما” في شمال إسرائيل فتحذر من أن “حزب الله لا ينسى مطلقاً”، لكنها رجحت أن يكون هناك خفض التوتر، على الأقل خلال الشهر أو الشهرين المقبلين، بينما يتعافى الحزب من أي أضرار لحقت به نتيجة انفجار بيروت.

وأمس الأول، أعلن الجيش الإسرائيلي إسقاط طائرة مسيرة في جبل الشيخ بالمثلث الحدودي بين لبنان وسورية وإسرائيل.

وألمح مسؤول عسكري إسرائيلي أن الدرون كانت قادمة من لبنان دون أن يتهم حزب الله.

بدوره، قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، أفيف كوخافي، إنّ الخليّة التي سعت لزرع عبّوة ناسفة مساء الأحد الماضي في الجولان المحتل “تعمل لخدمة إيران”.

وهذا أوّل تصريح علني للجيش الإسرائيليّ حول الخليّة، التي تتكوّن من 4 عناصر قتلوا جميعاً، بعدما رجّحت التصريحات الأوليّة للجيش الإسرائيليّ أن الخلية تابعة لحزب الله اللبناني، وأنها حاولت الانتقام لمقتل أحد عناصره في دمشق، الشّهر الماضي.

وأضاف كوخافي أن هدف “المعركة بين الحربين” التي تشنّها إسرائيل في سورية هو “منع تموضع المحور الراديكالي على الجبهة الشماليّة، بالتركيز على سورية… لكن ليس سورية وحدها”.

وأضاف أن ثاني الأهداف هو “منع إيران من تطوير سلاح نووي” وآخر هذه الأهداف هو “منع وصول جميع أعداء إسرائيل، في كل الجبهات، على قذائف وصواريخ دقيقة”.

وعادةً ما يشير كوخافي إلى إيران باعتبارها “الحلقة الثالثة” ودول مثل العراق واليمن باعتبارها “الحلقة الثانية”.

وقال كوخافي إن “الشعبة المسؤولة عن الإستراتيجية، والمسؤولين عن الدائرة الثالثة، مُطالبون أن يكونوا يقظين، ذوي رؤية، وعلى معرفة بالخلفيات السياسية والعسكرية والتاريخية”.

وشدّد على ضرورة أن يكونوا قادرين على “تحليل الوضع القائم في الميادين المختلفة”، وأن يقترحوا حلولاً وطرقاً، التي من شأنها أن تحافظ على “التفوق” الإسرائيلي.

من ناحية أخرى، تقول زيهافي إن كثيراً من الباحثين في معهدها يعتقدون أن “حزب الله” سيستغل الموقف باستخدام المساعدات التي يحصل عليها من إيران والأموال المتدفقة على لبنان الآن، لتحقيق المزيد من السيطرة على البلاد. كما ألمحت إلى احتمال قيام إيران بتهريب أسلحة للحزب ضمن المساعدات الإنسانية.

وأعرب كارمون وزيهافي عن تفاؤلهما إزاء إمكانية تحسن العلاقات بين إسرائيل ولبنان إذا ما تحققت تغييرات داخل الحكومة اللبنانية للحد من نفوذ “حزب الله”.

ويقول كارمون: “من الممكن أن نرى نوعاً جديداً من التحالف داخل لبنان، ربما سيحسن من الأجواء بين إسرائيل ولبنان وخصوصاً إذا ما نجح الضغط على حزب الله للحد من نفوذه وتفكيك ترسانته الضخمة، لكن هذه عملية ما زالت في بدايتها”.

وتقول زيهافي: “إذا كان هناك أمل بالنسبة للبنان، فسيكون هناك أمل للسلام بين لبنان وإسرائيل”، وهي تعتقد أن “حزب الله” هو العقبة التي تقف في طريق ذلك.

وتقدمت اسرائيل عقب الانفجار الضخم في مرفأ العاصمة بيروت بعروض لمنح مساعدة «إنسانية» للبنان لكن عرضها هذا لم يلق تعليقا رسمياً ولا تجاوباً شعبياً.

وتقول مصادر حكومية ودبلوماسية في القدس إنّ إسرائيل لا تزال تسعى، ولكن دون جدوى، لإرسال معدات طبية إلى لبنان عبر الأمم المتحدة، وإرسال فريق طبي إلى قبرص حيث يمكن أن يعالج مصابون.

واعتبر رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية الأسبق عاموس يادلين أنّها «بادرة إنسانية (…) من شأنها أن تجمع» الدولتين. وقال لصحافيين إنّ «السبب الوحيد لعدم وجود سلام هو أنّ إيران سيطرت على (لبنان) من خلال حزب الله وهي تختلق الذرائع للإبقاء على النزاع».

ويقول رجل الأعمال الإسرائيلي ايريل مارغاليت إنّ «إسرائيل حاربت لعقود الإرهاب الآتي من لبنان، ولكن ليس لدينا أي شيء ضدّ الشعب اللبناني». وأوضح أنّه طلب إلى ماكرون أن يقدّم العرض الإسرائيلي خلال زيارته لبيروت والتي كشف خلالها الرئيس الفرنسي عن خطة لمساعدة لبنان.

وخلال الأشهر الأخيرة التي دخل فيها لبنان أزمة اقتصادية ومالية، دعم مسؤولون إسرائيليون فكرة خطة مساعدة دولية لإنقاذه ولكن شرط إجراء إصلاحات تقلل نفوذ حزب الله.

وإذا كان العرض الإسرائيلي بلا صدى في لبنان، فإنّ مبادرة رئيس بلدية تل ابيب لإضاءة مقرّ البلدية بألوان العلم اللبناني لم يلقَ إجماعا في إسرائيل حيث يعتبر جزء من الطبقة السياسية ومن السكان أنّ لبنان، وليس فقط حزب الله، عدو.

وقال رون هولداي، رئيس بلديّة تلّ أبيب، إنّ «الإنسانية تسبق أيّ نزاع، وقلوبنا مع الشعب اللبناني بعد الكارثة الرهيبة التي حلّت به».

وهذه مبادرة مبالغ فيها وفق جزء من اليمين الإسرائيلي.

وندد الكاتب الصحافي الإسرائيلي جدعون ليفي بـ «عرض مليء بالنفاق».

من جانبه، كتب وزير شؤون القدس رافي بيرتس «من الممكن والضروري تقديم مساعدات إنسانيّة للمدنيّين اللبنانيّين، لكنّ التلويح بعلم العدوّ في قلب تلّ أبيب هو إرباك أخلاقي»، في موقف أيده نجل رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، يائير.

وقال عبر مواقع التواصل الاجتماعي «هذا جنون. لبنان عدو رسمي ورفع علم العدو جريمة».