IMLebanon

نصرالله والجيش: “ثقة بسمنة وثقة بزيت”

لا شك في أن نكبة الثلثاء الأسود دفعت الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله إلى تغيير عناوين إطلالته الاعلامية الأخيرة. فبدلا من التركيز على الحكم الذي ينتظر صدوره عن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، انبرى نصرالله إلى تبرئة صفحة الحزب من الفاجعة التي حلت ببيروت ولبنان، على وقع الاتهامات التي كيلت له بأنه يخزن أسحلة وصواريخ في هذا المرفق الحيوي، فحرص على ابداء النفي القاطع لكل هذه الادعاءات، من دون أن يفوته اللجوء إلى الاطناب اللغوي لاستخدام كل المفردات المتعلقة بالنفي الشديد اللهجة.

غير أن مصادر سياسية حذرت عبر “المركزية” من مغبة الوقوع في شكليات النفي الضروري الذي خرج به نصرالله على الراي العام المفجوع.  ذلك أن السيد نصرالله، مستخدما حنكته السياسية، حاذر الدخول في سجالات مع خصومه السياسيين، مفضلا تركها إلى وقت لاحق.  وقد قصد بذلك الزعيم الاشتراكي وليد جنبلاط الذي شن، عشية خطاب الأمين العام للحزب، هجوما عنيفا على محور الممانعة متهما إياه والعدو الاسرائيلي بأنهما “عم يضحكوا بعبن”، بعد انفجار المرفأ.

وما بين النفي والهجوم الكلامي المدروس على جنبلاط، تتابع المصادر، حرص الأمين العام لحزب الله على إعطاء انطباع ايجابي عن زيارة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إلى بيروت المنكوبة، بفعل مشاركة رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، في سابقة نادرة، في اللقاء الموسع الذي عقده ماكرون مع رؤساء الكتل النيابية، في وقت كان رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يضع النقاط على حروف جولة ماكرون، معبرا عن سلبياتها.

غير أن هذا لا ينفي بحسب المصادر السياسية عينها، أن الحليفين التقليديين التقيا على رفض تشكيل لجنة تحقيق دولية للكشف عن ملابسات التفجير، وفي ذلك رد على الرئيس ماكرون، وعلى المعارضة غير الواثقة بالسلطة القضائية. إلا أن كلام نصرالله في هذا المجال يستحق التوقف عنده والتمعن فيه. فالرجل حاذر أن يتخذ موقفا حادا معارضا لهذه الخطوة لعدم فتح سجال في غير زمانه ومكانه مع الخصوم. لكنه حاول حشر الجميع في زاوية الاجماع على الثقة المطلقة بالجيش، لتكليفه التحقيق في الكارثة. وفيما لم يستثن نصرالله حزب الله من دائرة الواثقين بالمؤسسة العسكرية، أشارت المصادر إلى أن هذا الموقف من جانبه يصح فيه القول “بدل ما يكحلها عماها”، على اعتبار أن هذه الثقة بالجيش لا يجوز أن تقتصر على تكليفه مهمة التحقيق في الحادثة، بل من المفترض أن تشمل أيضا قدرة الحزب على تسليم المؤسسة العسكرية ترسانته، بدلا من منافسته على حمل السلاح في مواجهة العدو، وهي مهمة مناطة بالقوى الشرعية حصرا. ولكن، أمام غرق الضاحية في تنفيذ الأجندات الخارجية الايرانية في لبنان والاقليم، فإن تحول الحزب إلى مكون سياسي صرف لا يزال بعيد المنال، ما يتيح القول إن موقفه المتعلق بالثقة بالجيش ليس إلا ذرا للرماد في عيون الناس والمعارضين وبطاقة حمراء في وجه العدالة الدولية.