IMLebanon

عشوائية في جمع الركام من المناطق المتضررة… وتحذير من مواد خطرة

كتبت إيناس شري في صحيفة الشرق الأوسط:

منذ اليوم الأول بعد انفجار بيروت، هرع عدد كبير من المواطنين والجمعيات المدنية للمساعدة بإزالة الركام من الشوارع، ولا سيما في المناطق التي كانت أكثر تضررا، وبعدها انضمّت إليهم بلديّات المناطق وشركات تعمل في مجال البناء.

إلاّ أن عملية إزالة الركام بقيت عشوائية ومن دون خطة واضحة تأخذ بعين الاعتبار المخاطر التي قد تنجم عن المواد التي يحويها الركام، الأمر الذي رأى فيه عدد من المتخصصين في البيئة «خطرا» يجب التنبه إليه، فإزالة الركام والنفايات من الشوارع «تحتاج إلى خطة طوارئ يعمل عليها متخصصون يحدّدون طرق الجمع والنقل والتخزين» حسب ما تؤكد الخبيرة في الهندسة البيئية وإدارة النفايات الدكتورة أماني معلوف.

وفي حديث مع «الشرق الأوسط» أشارت معلوف إلى ضرورة التذكير بأنه حتى اللحظة ليست هناك معلومات دقيقة عن المواد الكيميائية التي رافقت التفجير أو تلك الموجودة في ركام المنازل والمباني أو حتى المواد التي اختلطت بالمياه أو الهواء فما من «خبراء متخصصين خرجوا وأعلنوا نتائج لاختبارات أجروها في محيط موقع الانفجار أو المناطق القريبة منه»؛ لذلك «من الصعب تحديد المخاطر بشكل دقيق».

هذا الكلام لا ينفي، بحسب معلوف، «وجود مخاطر حقيقية» فهناك كثير «من المواد الخطرة التي يُرجّح وجودها في الركام مثل مادة الأسبستوس ASBESTOS وهي مادة ألياف تتسبب في سرطان الرئة كانت تُستخدم في العزل والبناء منذ زمن طويل وتم إيقاف استيرادها وإنتاجها منذ زمن بعيد، ربما تكون قد استعملت في بناء البيوت القديمة التي انهارت».

وتضيف معلوف أنّ «مجرد وجود مادة (الأسبستوس) ولو بكميات قليلة في الركام يمكن أن يلوث باقي الركام غير الملوث في حال جمعه مع بعضه البعض»، مؤكدة أنّ هذه المادة «تنتقل بالجو مثلها مثل مواد أخرى خطرة لذلك يجب على من يعمل بإزالة الركام وضع الكمامة والقفازات وأخذ كلّ تدابير الوقاية».

وكان مدير البرامج في «غرينبيس» الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جوليان جريصاتي شدّد على أنّ أعمال إزالة الردم والتخلص منه في منطقة مار مخايل «يجب أن تتوقف عل الفور»، واصفا الأمر بالنشاط «غير المسؤول».

وتساءل جريصاتي في بيان عن «كيف يمكن لبلدية بيروت القيام بهذا العمل، الذي يمكن أن ينتج عنه كثير من الغبار؟»، الذي يمكن أن يحتوي على مواد سامة «تعرض صحة الأفراد في الحي للخطر؟»، معتبرا أنّه يجب «التخلص من الردم في منطقة غير مأهولة بالسكان».

وبالإضافة إلى مادة «الأسبستوس» تتحدّث معلوف عن وجود معادن ثقيلة «مثل الرصاص والزئبق ومواد لاصقة ومواد دهان فضلا عن مخلفات طبية وبترولية جراء تضرر عدد من المراكز الصحية وخزانات الوقود».

وفي حين تشير معلوف إلى أنّ وجود كلّ مادة من هذه المواد وحدها في الركام يشكل خطرا على الصحة والبيئة، تحذّر من أنّ الخطر الأكبر «يكمن في جمع كلّ هذه المواد وتخزينها مع بعضها البعض ووضعها بين المنازل، ولا سيما تلك المتضررة والتي لا تزال بلا نوافذ تغلقها»، إذ لا بدّ «من اعتماد الفرز».

وفي الإطار نفسه، لفتت معلوف إلى أنّ بيروت كانت وقبل حدوث الانفجار تعاني من أزمة نفايات و«لكنّ هذه النفايات المنزلية في حد ذاتها اختلطت حاليا مع مواد أخرى لذلك أصبحت خطرة ويجب أخذ هذا الأمر بعين الاعتبار عند جمعها ونقلها ومن ثمّ طمرها».
وفي سياق إزالة الركام تشير معلوف إلى الخطر المتأتي من السيارات المتضررة والتي قدّر عددها بين 20 و30 ألفا، شارحة «أنّ التعامل مع هذه السيارات له آلية خاصة فهي تحتوي على مواد سامة وأخرى قابلة للانفجار».

وإزاء كلّ هذه المواد السامة والخطرة التي يمكن أن يحتويها الركام، ترى معلوف أنّ غياب أي خطط طوارئ أو تنسيق إداري في موضوع رفع الركام قد يأخذنا من «كارثة إلى أخرى»، ولا سيما في ظلّ انتشار وباء كورونا.