IMLebanon

درباس يقرأ في حكم المحكمة الدولية: اسفنجة!

دانت المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، في جلسة النطق بالحكم يوم أمس، سليم عياش، المتهم الرئيسي باغتيال ‏رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، فيما أعلنت براءة المتهمين الآخرين الثلاثة، وهم حسن حبيب مرعي وأسد ‏حسن صبرا وحسين حسن عنيسي “لعدم كفاية الأدلة”، بعدما توقفت عن تعقب المتهم الخامس ‏مصطفى بدر الدين اثر إعلان “حزب الله” مقتله في سوريا عام 2016، وحددت المحكمة يوم 21أيلول ‏موعداً لإصدار العقوبة بحق عياش الذي حوكم غيابياً كبقية المتهمين الآخرين‎.‎ فما هي القراءة القانونية الاولية للحكم؟

الوزير السابق رشيد درباس قال لـ”المركزية: “بصفتي محاميا منذ اكثر من 55 عاماً، لا اتسرع في التعليق على الاحكام، فكيف بالحري عندما يكون الحكم مكتوبا بـ2500 صفحة بالكاد صح لنا الاستماع الى ملخص الملخص”، مشيراً الى “ان معظم اللبنانيين اهتموا بالفقرة التي دعت الى ادانة سليم عياش وتبرئة الآخرين واعلان عدم وجود ادلة لديها عن مسؤولية حزب الله وقيادة سوريا بالتفجير. هذه هي الخلاصة التي سمعها الناس، إنما للوصول اليها، استند الحكم الى حيثيات كثيرة وهي موضوع نقاش كبير وربما يكون موضع انتقادات كثيرة، لأن الحكم عندما كان يناقش الادلة، نشعر كأنما هناك نوع من اللوم او النقد للنيابة العامة او الحق العام الدولي الذي كان يمثله رئيس القلم في المحكمة الدولية القاضي داريل راندس، كما ان هناك تقريعا لمكتب الدفاع وكأن الحكم كان عبارة عن نتيجة هذا التنازع الذي كان حاصلا طوال إجراء المحاكمة بين الافرقاء المختلفين، المحكمة والادعاء العام ومكتب الدفاع”.

أضاف: “لكن بغض النظر، أرى ان الحكم اعتمد معايير متناقضة، فما اعتبره هنا سببا للبراءة، اعتبره في مكان آخر سببا للإدانة، كما ان الحكم ذهب، في الوقت نفسه، الى مناطق ما كان ينبغي له ان يذهب إليها، أولاً بما أنه يطبق القانون اللبناني، لا يحق له ان يدخل في مسؤولية شخص متوفى، يمكنه في السياق ان يقول انه لم يتبين لنا ان له دوراً، لكن لا يحق له ان يعلن عدم مسؤوليته، لأن دعوى الحق العام تسقط بسبب الوفاة، وهذا ما فعلته القاضية اللبنانية الرئيسة ميشلين بريدي، وحسنا فعلت وطبقت القانون اللبناني”.

وتابع: “ثانياً، الحكم زجّ بنفسه في موضوع مسؤولية حزب الله والدولة السورية عن الاغتيال، في حين ان قرار انشاء المحكمة قد اعفاه تماماً من التطرق الى هذه النقطة، لأن القرار وفقا للتسوية التي تمت بين فرنسا وروسيا في ذلك الوقت، كي لا تستعمل روسيا حق النقض الفيتو، قضى بأن تمتنع المحكمة عن محاكمة الاحزاب والدول. بالرغم من ذلك اسهب الحكم في الحديث عن مصلحة سوريا وحزب الله في اغتيال رفيق الحريري ولكنه يخلص الى نتيجة اذ لم يتبين له وجود ادلة كافية لعلاقة قيادتي حزب الله وسوريا بالاغتيال. وهنا اطرح السؤال: لو تبين له ان هناك ادلة كافية، ماذا كان باستطاعته ان يفعل، هل كان بإمكانه ان يصدر حكما بإدانة الحزب او سوريا؟ طبعا لا لأن القرار يمنعه من ذلك، لذلك ذهب الى نقطة ليس له ان يخوض بها، وترك علامات استفهام في غير محلها”، معتبراً “ان الكثير من الحبر سيراق تعليقا على الحكم، بعد ان يقرأ بصورة مفصلة ودقيقة”.

وعن رأيه بهذا الحكم، أجاب: “انه اسفنجة”. ولكن هل هي متعمدة؟ قال: “لا اظن ذلك، لكن هذه الاسفنجة يستطيع ان يستعملها حزب الله وسوريا وجهة الادعاء، اي آل الحريري والمتضررون من الانفجار، كما يستطيع ان يستفيد منها الفريق المعادي لسوريا وحزب الله ايضا لأن القرار بحد ذاته حمال اوجه كثيرة”.

وهل هو حكم سياسي؟ قال: “لا اعتقد ذلك، لكنه مصاغ بحرفية كبيرة ومشغول بطريقة جيدة جدا، إنما هذا لا يعني انه لا يحتوي على ثغرات”، مشيراً إلى “أن لا يمكن وصمه بأنه حكم كان يراعي مصالح سياسية معينة، لأنه بالنتيجة لم يخرج فريق منتصرا، بل أن كل جهة يمكنها ان تفسره وكأنه انصفها في مكان ما. لذلك لا يمكنني القول انه سياسي ولكن نتائجه سياسية وربما جاء بهذا الشكل، في هذا الظرف الذي نعاني فيه من ازمة كبرى ومن تجاذب سياسي ومن آثار تدمير بيروت ومرفئها، كي لا تكون مادة اضافية للهيب والاشتعال”.