IMLebanon

قبلان: لوقف لعبة الموت وتشكيل حكومة وحدة وطنية

دعا المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان إلى وقف لعبة الموت وتدمير البلد، والذهاب فورا إلى تشكيل حكومة وحدة وطنية بأولويات وطنية، بعيدا عن إشارات أو بيانات القناصل والسفارات وإلا ضاع وطننا، وما أسهل أن يضيع الوطن حين يتحول مقامرة بيد السفارات.

كما طلب من اللبنانيين إلى “الجلوس معا لنصنع لبناننا الجديد، فكفانا انقسامات ورهانات على عواصم العالم، ولتكن بيروت أقرب لنا جميعا من بقية عواصم العالم، فبيروت في قلوبنا، وما أصابها أصاب كل اللبنانيين، وهي أقرب من واشنطن وأقرب من باريس وأقرب من الدوحة وأقرب من الطائف وأقرب من طهران، مع احترامنا للجميع”.

ودعا إلى “نظام تكميلي للطائف أو تعديلي لهذا الطائف، الذي قد لا يبقي حجرا على حجر في هذا البلد”، معتبرا أن “ما شهدناه في انفجار المرفأ خير شاهد على فشل هذا النظام الذي يجهل المسؤول والفاعل معا”.

وأكد قبلان أن “ظروف 1920 لقيام كيان طائفي وقاعدة مصالح عابرة انتهت، لأن المنطقة والعالم بمكوناته السياسية وأوزانه الدولية والإقليمية تغير للغاية، كما أن الظروف التي أنتجت الميثاق السابق تغيرت أيضا، وهذا ينسحب على الطائف نفسه، فالعالم كله قد تغير، والمنطقة بكل أوزانها وأحلافها وأولوياتها السياسية ودوافعها الخارجية تعيش الفوضى والصراعات الهائلة، التي لا محل فيها للحياد، ولا معنى فيها للهروب، أو لطمر الرأس، ولم يعد هناك معنى لمقولة “لبنان قوته في ضعفه”، كما لا معنى فيها للبكاء على ماضي الامتيازات والتصنيفات، وهو ما أشار إليه الرئيس الفرنسي لكم أثناء زيارته الأخيرة لبيروت كطريقة لمعالجة أزمة لبنان الرئيسية، وأن العالم قد تغير، وعلى لبنان أن يتغير وأن يعبر إلى نظام سياسي جديد، يضمن بقاء لبنان، في منطقة تتآكلها النيران.”

وتابع: “من هنا، نحن نصر على تمسكنا بكيان لبنان، لبنان الشراكة، والسلم الأهلي، والتنوع، لبنان المسلم والمسيحي على قاعدة المواطنة، لا فرق بين الشمال والبقاع والجنوب وجبل لبنان والضاحية وبيروت وكسروان، لبنان كوطن لنا جميعا، لكن يجب أن نعترف بكل عقلانية ورحابة صدر وواقعية أن النظام السياسي الحالي بات عاجزا عن تلبية طموح اللبنانيين وحقوقهم الضرورية، وهو غير صالح للحكم ولا لحكومة. كما أن الطائفية السياسية مزقتنا، وحولت وطننا الحبيب إلى ضحية تفترسها كل ذئاب العالم، لا بل مكنت كل مافيات القرصنة والصفقات والمصالح من نهب مؤسسات الدولة وإفقار الناس ووضع البلد أمام انهيارات مالية ونقدية وسياسية، قد تلغي لبنان الكيان والميثاق والصيغة والهوية والشراكة.”

وأضاف: “من هنا جاءت مطالبتنا بحماية لبنان، لأننا نريده وطنا نهائيا لجميع أبنائه، وليس ظرفيا، نريده وطنا قويا يحصنه نظام سياسي جديد. وحتى لا ينزعج البعض أو يذهب بعيدا في تخيلاته، ندعو إلى “نظام تكميلي للطائف” أو تعديلي لهذا الطائف، الذي قد لا يبقي حجرا على حجر في هذا البلد. وما شهدناه في انفجار المرفأ خير شاهد على فشل هذا النظام الذي يجهل المسؤول والفاعل معا. نعم نريد نظاما وطنيا مدنيا بالفعل، وليس بالشعر، “تبويس اللحى ما بقى يمشي” ولا سياسة التراضي، نحن نريد دولة يحميها نظام لا يحتمل التأويل، نظام واضح، نظام لدولة مدنية، لدولة قانون، دولة عابرة للطوائف، دولة إنسان وحقوق وواجبات وكفاءات ومسؤوليات، دولة لا طبقية ولا طائفية ولا احتكار سياسي فيها.”

ولفت قبلن إلى أن “شعارنا اليوم وغدا وبعده: يجب تطويع المشروع السياسي ليكون في خدمة لبنان واللبنانيين” وليس العكس، وأيضا ليس في خدمة الطائفية والطائفيين، نعم في خدمة المواطن، في خدمة الناس، في خدمة الفقراء كأساس لعدالة وبقاء الوطن، إذ لا يجوز بأي حال من الأحوال بعد مائة سنة على تأسيس لبنان أن يبقى لبنان طائفيا، وأن يكون هناك تمييز بين أجياله ومواطنيه، لأن ما صح سنة 1920 و1943 و1989 لا يمكن أن يصح اليوم أبدا، ولن يصح، فكفانا ندبا، وكفانا هروبا، وكفانا قتلا وتدميرا للبنان.”

وأشار إلى أن “البلد يعيش فراغا سياسيا مميتا على أثر استقالة الحكومة، والمطلوب هو إنقاذ لبنان من السقوط المروع، ولا نخفي سرا إذا قلنا أن النقاش في أوزان وأطر ومكونات الحكومة اللبنانية ومشروع عملها الآن هو نقاش دولي إقليمي، والتاريخ المعاصر التجريبي صريح بأن أكثر حكومات لبنان تصنع من خلال تسويات إقليمية ودولية، لأن الداخل اللبناني السياسي للأسف إلى الآن لم يبلغ الحلم، فهو عاجز أو يعجز نفسه. والقوى السياسية غير راشدة، تعجز عن إنتاج حكومة لا شرقية ولا غربية إلا قليلا، وهذا سبب إضافي لرد وفشل شعار الحياد والنأي بالنفس، لأننا نعيش في عالم صعب، عالم مر، عالم مليء بالذئاب، وإذا لم تكن قويا أكلتك الذئاب.”

وتابع: “لتكن بيروت أقرب لنا جميعا من باقي عواصم العالم، فبيروت في قلوبنا، وما أصابها أصاب كل اللبنانيين، وجرحها جرح عميق وصل للقلب، وهي أقرب من واشنطن وأقرب من باريس وأقرب من الدوحة وأقرب من الطائف وأقرب من طهران، مع احترامنا للجميع. فبلدنا مأزوم، ويعيش زلازل حقيقية، وقد آن الأوان كي نعي جميعا هول الكارثة، وبخاصة من هم في سدة المسؤولية، من رؤساء وزعماء وقادة ومرجعيات، والخلاص لم يعد متاحا، ولا ممكنا، في ظل هذه الانقسامات، وهذه الصراعات، وهذه النزاعات، والحاجة أصبحت ملحة وضرورية لأن نبدأ جميعا وبعقلية جديدة نهجا وطنيا جديدا، وتعاطيا مسؤولا أمام مصير بلد بات في مهب الريح، ما يفرض علينا جميعا العمل معا من دون مواربة ولا قطب مخفية، وبخلفيات وطنية جامعة موحدة، داعمة لكل جهد يفضي إلى قيام حكومة قادرة على جمع الصفوف ولم الشمل، بعيدا عن الكيدية والتحدي والمزايدة والإسفاف.”