IMLebanon

ويتجادلون حول جنس الحكومات! (بقلم رولا حداد)

لبنان في القعر. انهيار مالي واقتصادي. تفشي فيروس كورونا. النفايات تغرق الشوارع. لا كهربا ولا خدمات، ومشاكل هائلة في الاستشفاء. أموال اللبنانيين عالقة بفعل إفلاس الدولة التي استدانت من المصارف… ولم يكن ينقص اللبنانيين غير انفجار مرفأ بيروت وتدمير عاصمتهم ووقوع أكثر من 200 ضحية و6000 جريح وتهجير حوالى 300 ألف مواطن من منازلهم!

إنها صورة سوريالية لواقع لبنان واللبنانيين الذي تخطى كونه فاجعة بأشواط. في هذا الوقت هبّ المجتمعان العربي والدولي لمساعدة لبنان. الرئيس الفرنسي زار بيروت والتقى أهلها بعد أقل من 48 ساعة على التفجير، وسيعود في 1 أيلول، كما جمع دول العالم في مؤتمر خاص لمساعدة لبنان. العاصمة اللبنانية شهدت “عجقة” موفدين دوليين أميركيين وأوروبيين وإيرانيين وأمميين، الكويت أعلنت قرارها بإعادة بناء إهرامات المرفأ.

نعم العالم كله يتلهّف لمساعدة لبنان ويتحسّر على ما آلت إليه الأوضاع فيه، في حين أن المسؤولين في بلدي لا يزالون يتجادلون في جنس الحكومات على أطلال البلد ودماء اللبنانيين وحطام منزلهم!

من يتابع مسار المفاوضات الجارية حول الحكومة الجديدة يكاد لا يصدّق كل الأخبار الواردة. بداية المؤتمن على تطبيق الدستور يخرقه، ويحاول تشكيل الحكومة قبل تكليف رئيس لها وفق استشارات نيابية ملزمة يقرر فيها النواب اسم رئيسها المكلف. والمشكلة، كل المشكلة أن المعادلة باتت تتلخص في عودة هذا أو ذاك إلى رئاسة الحكومة أو إلى هذه الوزارة أو تلك.

لبنان كله في حال يُرثى لها، وكل همّ رئيس الجمهورية كيفية إعادة النائب جبران باسيل إلى الحكومة، أو كيفية الاقتصاص من الرئيس سعد الحريري وعدم السماح بعودته إلى السراي لأنه يرفض توزير جبران باسيل!

لبنان في نكبة وثمة من يحاول استعادة مشهد الحكومة ما قبل السابقة برئاسة سعد الحريري الذي أسقطته ثورة 17 تشرين الأول، وكأن شيئاً لم يكن!

إنه منطق المسؤولين في بلادي: لا محاسبة ولا مساءلة، بل يبقون في السلطة ويعودون إليها وكأن مسؤولياتهم تقتصر على الاستفادة من مواقعهم لمصالحهم الشخصية والفئوية والحزبية، ولا يتحملون مسؤولية ما يوقعون البلد فيه من كوارث نتيجة سوء أدائهم، ونتيجة صفقاتهم وتسوياتهم، ونتيجة عرقلتهم لعمل المؤسسات الدستورية والرقابية والقضائية!

بعد 3 أسابيع على انفجار مرفأ بيروت وأسبوعين على استقالة الحكومة، يصرّ المسؤولون في لبنان على إشعال سيكارة مصالحهم من حرائق البلد، وهم يتفرجون على كل ما جرى ويجري غير آبهين. كل همّهم أن يؤمنوا مصالحهم في الحكومة المقبلة ولو على أطلال بلد وشعب بات أقصى طموحه أن يحصل على فيزا للهجرة إلى أي بلد آخر بعيداً عن هكذا مسؤولين!