IMLebanon

انتقادات لعون… ومخالفتان دستوريتان واضحتان!

كتبت إيناس شري في “الشرق الاوسط”:

يتعرض الرئيس ميشال عون لعدم دعوته إلى استشارات نيابية ملزمة لتكليف رئيس جديد للحكومة، لانتقادات واسعة من قبل قوى سياسية رأت في هذا التأخير محاولة لـ«تأليف الحكومة قبل تكليف رئيس لها»، كما قال النائب نهاد المشنوق.

ومنذ أسبوعين على استقالة حكومة الرئيس حسان دياب، لم يدعُ رئيس الجمهورية إلى الاستشارات النيابية الملزمة، ورغم أنّ الدستور لا يلزم رئيس الجمهورية بمهلة زمنية محدّدة يدعو خلالها لهذه الاستشارات، تضع بعض القوى السياسية التأخر في إطار «التأليف قبل التكليف». واعتبر المشنوق بعد لقائه المفتي عبد اللطيف دريان أن «مسألة التأليف قبل التكليف غير مقبولة»، مطالباً عون بالدعوة للاستشارات كما يقول الدستور.

وتنسحب الاعتراضات على «الحزب التقدمي الاشتراكي»، إذ رأى عضو كتلة «اللقاء الديمقراطي» النائب فيصل الصايغ أنّ عون «يحاول تكريس عرف جديد مورس لأوّل مرة قبل تشكيل حكومة دياب»، مضيفاً في حديث مع «الشرق الأوسط» أنّ ما يحصل حالياً يوحي و«كأنّ من صلاحيات رئيس الجمهورية تشكيل الحكومة وليس التوقيع أو عدمه على مرسوم تشكيلها كما ينص الدستور».

وذكّر الصايغ بأنّ الدستور «ينصّ على أن يسمي رئيس الجمهورية رئيس الحكومة المكلّف بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استناداً إلى استشارات نيابية ملزمة، ورئيس مجلس الوزراء يجري الاستشارات النيابية لتشكيل الحكومة ويوقّع مع رئيس الجمهورية مرسوم تشكيلها».

واعتبر الصايغ أنه «للمرة الثانية يحاول هذا العهد تكريس صلاحية جديدة للرئيس، تماما كما فعل عند تشكيل حكومة دياب»ـ الأمر الذي «يكشف تحكم رئيس الجمهورية، فهو يريد الاتفاق على الوزراء قبل الدعوة للاستشارات، وكأنه يقول إنه هو من يشكل الحكومة وليس الرئيس المكلف».

وفي حين رأى الصايغ أنّه «لا توجد بوادر توحي بقرب تشكيل الحكومة» ولا سيما أنّ «العهد يتصرف وكأن لا مشاكل اقتصادية واجتماعية في لبنان تتطلب الإسراع في تشكيل الحكومة»، أسف «لأن يكون الشعب في مكان والسلطة في مكان آخر مشغولة بالمحاصصة».

وأكّد الصايغ أنّ الحزب «التقدمي الاشتراكي» سيبقى في صفوف المعارضة ولن يُشارك في أي حكومة في عهد عون، وبالتالي لن يُشارك في الحكومة العتيدة بغض النظر عمن يترأسها.

وفي السياق نفسه، وجه النائب أنور الخليل (كتلة رئيس البرلمان نبيه بري) رسالة إلى رئيس الجمهورية رأى فيها أنه كلّ مرة يتعاطى عون مع واجب التكليف «يُصار إلى تأخير غير معقول» وأنّ «الأوضاع الاستثنائية الراهنة التي لم يمر بها لبنان منذ تاريخ نشأته تفرض اهتماما استثنائيا بعدم الاستمهال في تعيين تاريخ للاستشارات النيابية». واعتبر الخليل أنّ في «التأخير محاولة لتكريس بدعة التأليف قبل التكليف، وذلك مخالفة فاضحة للدستور».

وطالب الخليل عون بأن «يسمح للكتل النيابية بأن تتحمل مسؤولياتها، وذلك بالدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة بأسرع وقت ممكن، لتسم هذه الكتل من تشاء ويذهب التكليف إلى الاسم الذي تنتقيه غالبية النواب».

ولا يعني عدم ذكر الدستور اللبناني مدة محدّدة تلزم رئيس الجمهورية بالدعوة إلى استشارات نيابية «أنّه بإمكان الرئيس التأخر في الدعوة» بحسب ما يرى المحامي والوزير الأسبق رشيد درباس، مؤكداً في حديث لـ«الشرق الأوسط» أنّ «المسكوت عنه في النص الدستوري، أي تحديد مهلة زمنية، مسكوت عنه لأنه ليس بحاجة لأن يُكتب، فبحكم الدستور على رئيس الجمهورية أن يدعو إلى استشارات نيابية بمجرد استقالة الحكومة لأنّ من مسؤولياته عدم حصول الفراغ».

وانطلاقاً مما تقدّم، يرى درباس أنّ رئيس الجمهورية وبتأخره في الدعوة إلى استشارات نيابية ملزمة «يرتكب مخالفتين دستوريتين واضحتين: الأولى تتمثل في الامتناع عن تسيير مرفق عام، أي الحكومة، والاستثمار بغير وجه حق بما سُكت عنه في الدستور».

أما المخالفة الثانية بحسب درباس، فتكمن «بتصرف رئيس الجمهورية بطريقة تلغي دور رئيس الوزراء المكلف. فالرئيس ينشط ليشكّل الوزارة ضمناً قبل الدعوة إلى الاستشارات».

وبعيداً من المخالفات الدستورية يرى درباس أنّ لبنان «فَقد المعيارية»؛ ففي الوقت الذي يطالب فيه طرف معين برئيس قوي للجمهورية «يريد المجيء برئيس بلا ثقل سياسي للحكومة»، مضيفاً: «هذا ما هو حاصل حالياً. فتأخر الدعوة إلى الاستشارات سببه عدم قدرة توصل الحركة النشطة بين الطرف الواحد إلى اسم رئيس حكومة يُصار إلى تكليفه. ففي حين يرفض الرئيس وفريقه السياسي تسمية سعد الحريري لا يزال الثنائي الشيعي (حزب الله وحركة امل) متمسكاً به باعتباره الأقوى في طائفته».