IMLebanon

هل ينفجر المسار الـ «مُفَخَّخ» لتشكيل الحكومة اللبنانية؟

ليس من واقعٍ «سوريالي» أكثر من أن تحلّ مئويةُ «لبنان الكبير» بعد أسبوع فيما «بلاد الأرز» تواجه السقوطَ الكبيرَ، للدولة ومؤسساتها وماليتها واقتصادها وعملتها ومصرفها، وحتى لمستشفاها… أما الشعب فبالكاد «نجا» من «بيروتشيما» التي حُفرت في سجّلات الانفجارات الأكثر قوّة على مستوى العالم والتي «طُمر» فيها قسمٌ من العاصمة تحت ركام الإهمال والتقصير وربما… الخافي أعظم.

وأيّ مفارقة أن يحضر الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون احتفالية المئوية في قصر الصنوبر، هو الذي كان بدا إبان زيارة التضامن مع «الشعب اللبناني» غداة انفجار مرفأ بيروت وكأنه «يرثو» صيغةَ أداء ونظام سلوكٍ وربما أكثر، في إطلالةٍ أرادَها على 100 سنة جديدة من عمرِ هذا الكيان الصغير الذي يواجه أعتى الأزمات على وقع النيران المشتعلة في أكثر من ساحة في المحيط.

وليس أدلّ على المخاطر التي يجد لبنان نفسه في عيْنها من كون طبقته السياسية ولا سيما السلطة تستنزف الاحتضان الدولي المستعاد على وهج كارثة المرفأ في ما يبدو أنه لعبة شراء وقتٍ مألوفة تجترّ ألاعيب باتت مكشوفة لإبقاء القديم على قدمه، بما يعكس من جهةٍ إدارة ظهْرٍ للتحديات المصيرية التي تواجه البلاد وذلك لاعتباراتٍ سُلْطوية، ومن جهة أخرى إمعاناً في استرهان «بقايا الدولة» لصراعات المنطقة ومَحاورها.

ولم تتوانَ أوساط واسعة الاطلاع عن الإشارة عبر «الراي» إلى أن المنحى الذي يسْلكه ملف تأليف الحكومة الجديدة صار يُنْذِر بأن يتحوّل «برميل بارود» بفتائل سياسية وطائفية ومذهبية فيما الهاجس الأمني عاد ليقتحم المشهد المتخمَ بالدوائر المقفلة التي يُخشى أن تكون بدأت الأرضيات تُهَّيأ لكل السيناريوهات لمحاولة كسْرها على البارد أو الساخن بما يُلاقي مقتضيات منْع إعادة عقارب التوازنات، بمعناها وامتدادها الاستراتيجي، إلى ما قبل النجاح في تطويعها تباعاً خصوصاً منذ 2005.

وفي حين تَقاطَعَتْ معطياتٌ أمس، عند أن ماكرون سيزور بيروت للمشاركة في احتفالية الأول من سبتمبر بصرف النظر عما إذا كانت الأيام القليلة المقبلة أفضتْ إلى تكليف رئيس للحكومة أم لا، رغم الإشارة البالغة السلبية التي سيشكّلها عدم حصول ذلك – وهو المُتَوَقَّع – فإن الأوساط المطلعة استوقفها صعود مناخ الاستياء في الشارع السني من أخْذ عملية التكليف التي تتم عبر استشاراتٍ نيابية مُلْزمة يدعو إليها رئيس الجمهورية، رهينة توافق على مسار التأليف الذي يُفترض أن يقودَه الرئيس المكلف وصولاً إلى تشكيلةٍ تحظى بموافقة رئيس البلاد الذي يتعيّن عليه توقيع مرسومها.

وإذ صدرتْ مواقف مباشرة أعلنت رفْضها «هذا الخروج عن الدستور» وتكريس الأعراف الذي كان بدأ خصوصاً إبان تشكيل حكومة الرئيس حسان دياب المستقيلة (منذ 15 يوماً) وصولاً إلى تظهير تَحَكُّم مكوّن (غير السنّة) باختيار رئيس الوزراء، كان الأكثر تعبيراً عن هذا «الغضب المتنامي» رئيس المركز الإسلامي للدراسات والإعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط الذي أبلغ إلى «وكالة الأنباء المركزية» أن الرئيس ميشال عون «يتصرّف وفق عقلية فرعون لبنان ومن غير المسموح أن يتعامل مع المسلمين السنّة بهذه الطريقة»، متحدّثاً عن «خطوات قد يتم اتّخاذها اذا استمر عون بمخالفة الدستور والطائف».

وفيما كان يُنتظر صدور موقف من «العيار نفسه» لرؤساء الحكومة السابقين الذي اجتمعوا أمس، نقل عن عون «ان الدعوة لإجراء الاستشارات الملزمة لن تتجاوز نهاية الأسبوع الجاري على الأرجح»، ولكن مع إشارته إلى «أن هدف المشاورات (قبل التكليف) توفير حد أدنى من الاتفاق لأن الظرف دقيق ويفرض حكومة غير تقليدية».

وجاء هذا الكلام بعد مواقف نُقلت عن قريبين من عون وفيها أنه برفْضه لخيار الحريري رئيساً للحكومة يستند إلى أن الأخير «يفتقر في آن واحد الى دعم الجزء الأكبر من الحراك المدني، وغالبية المكونات السياسية الأساسية، وكذلك القوى الخارجية المؤثّرة»، كاشفاً أنه يميل إلى حكومة تكنو- سياسية برئاسة قاضٍ من بين القضاة السنّة الذين يملكون الصدقية والنزاهة.

وفي حين كان مجمل هذا المناخ، معطوفاً على إطفاء رئيس البرلمان نبيه بري محركاته «رافعاً العشرة» أقله حتى إشعار بعدما أُحبط مسعاه لتكليف الحريري، وعلى وقع تقديراتٍ لم تُسِقِط من الحساب أن يكون الائتلاف الحاكم لا يمانع أن يستمرّ تصريف الأعمال إلى ما بعد الانتخابات الرئاسية الأميركية إذا كان ثمن تشكيل الحكومة تنازلاتٍ من النوع الذي رسمت واشنطن خطوطه العريضة ويضع في رأس الأولويات تقويض نفوذ «حزب الله» داخلياً وإقليمياً، توقّفت دوائر سياسية عند موقف أطلقه السفير المصري ياسر علوي، وأكد فيه أن القاهرة تتمنى «أن يتم التحرك سريعاً بالمشاورات لتكليف رئيس الحكومة ومن ثم تأليفها كي يتسنى الانتقال من مرحلة الدعم الإنساني الى مرحلة الدعم الاقتصادي السياسي وخروج لبنان من أزمته»، معتبراً «أن الشرط الرئيسي لذاك الدعم هو الحكومة»، موضحاً «أن اللبنانيين ليسوا بحاجة لمن يقول لهم كيف يشكلون حكومة، فالدستور ينظم طريقة محددة جداً لاختيار الحكومة».
في موازاة ذلك، بقيت بيروت محور اهتمامٍ خارجي عبّرت عنه زيارة وزير الدفاع الإيطالي لورينزو غوريني على ان يحط غداً وزير الخارجية الكندي فرنسوا فيليب شامباين، من دون أن تحجب هذه الإحاطة الدولية الأنظار عن تطورين:

* الأوّل الردّ العنيف من اللجنة الأسقفية لوسائل الإعلام على صحيفة «الأخبار» القريبة من «حزب الله» التي اتهمت البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي بـ«التماهي مع الدعاية الإسرائيلية التي تتهم حزب الله بتخزين السلاح في ‏الأحياء السكنية»، ووضعت مواقفه في عظة الأحد في إطار «السعي المدروس لشيطنة الحزب من باب انفجار المرفأ».

ولم تتوانَ اللجنة الأسقفية عن انتقاد «العناوين الحاقدة والجائرة التي صدرت بها الصحيفة»، ناصحة إياها «بالتدقيق والاستقصاء عمّن يخزّن الأسلحة والمتفجّرات في الأحياء السكنية لأنه هو نفسه مَن يتماهى مع العدو، ويستخدم المدنيين الأبرياء دروعاً بشرية في حروبه ويستدرج العدو لقصف هذه الأحياء»، ومعتبرة «أن حياة الناس أهمّ من كل المعادلات التي لم تجلب الى الوطن سوى الخراب».

* جريمة كفتون (شمال لبنان) التي ذهب ضحيتها 3 شبان ليل الجمعة، والتي شهدت أمس استكمال عمليات الدهم لتوقيف كل المتورطين، والتي شملت «الإغارة» على غرفة لأحد السوريين في محلة العامرية – البيرة (عكار) المدعو يوسف.خ. 40 من القوة الأمنية الضاربة في شعبة المعلومات، وهو ما تخلله سماع دوي انفجار اعتُقد بداية أنه ناجم عن تفجير المطلوب (لم يُقبض عليه) نفسه.

وأشارت تقارير إلى ان يوسف كان موقوفاً بتهمة التعامل مع مجموعات إرهابية، وإلى أنه تمت مصادرة جهازي كمبيوتر محمولين من مكان سكنه، كما جرى توقيف عدد من الأشخاص نتيجة عمليات الدهم في العديد من مخيمات النازحين، في خراج بلدات الكواشرة والبيرة وخربة داوود.