IMLebanon

لفرنسا مصلحة في مساعدة لبنان

بعد أسبوعين على استقالة حكومة الرئيس حسان دياب على وقع عصف الضغط الشعبي وانفجار المرفأ الكارثي، خرجت بعبدا من دائرة الانتظار، ورمت في سوق البازار الحكومي ما سماها مطلعون على الشأن الحكومي وما يدور حوله من نقاشات وتناتشات سياسية “مهلة حث” تهدف أولا إلى الدفع في اتجاه الاتفاق على الرئيس المكلف مهمة التأليف قبل نهاية الأسبوع الجاري. ولا يخفى أن في ذلك محاولة من بعبدا لإبعاد تهم التعطيل عنها، ومواجهة الغضب السني العارم إزاء الاستمرار في العمل تبعا لمبدأ “التأليف قبل التكليف”، وهو ما عبّر عنه النائب نهاد المشنوق من منبر دار الفتوى تحديدا، إضافة إلى تحرك رؤساء الحكومات السابقين الذي قد ينتهي إلى بيان عالي النبرة إزاء أركان الحكم قريبا.

لكن مصادر سياسية مراقبة لفتت، عبر “المركزية”، إلى أن لليوم الثاني على التوالي، عملت مصادر قصر بعبدا على تسريب معطيات إعلامية تشي بأن الرئيس ميشال عون يستعجل على الأقل إنجاز التكليف قبل الزيارة المنتظرة للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بيروت في الأول من أيلول المقبل. بدليل أن المعطيات المسربة إلى الإعلام تفيد بأن عند وصوله إلى بيروت قد لا يجد ماكرون حكومة جديدة لكنه سيجد رئيسا مكلفا. معلومات أتت في توقيت لافت حيث إن شائعات كثيرة حامت في الأيام الأخيرة حول احتمالات تاجيل عودة الرئيس الفرنسي إلى بيروت بفعل المماطلة والتسويف والعودة إلى المهاترات المعتادة في تأليف الحكومات، وكأن شيئا لم ينفجر في 4 آب وقتل المئات وجرح الآلاف وشرد مئات الآلاف.

وفي السياق، تنبه المصادر إلى أن ما يمكن تأكيده في موازاة الاصرار الديبلوماسي على أن زيارة ماكرون قائمة في موعدها حتى اللحظة على الأقل يكمن في أن بعبدا على يقين بأن ما بعد 4 آب ليس كما قبله، وأن زيارة الرئيس الفرنسي مهمة جدا للدولة اللبنانية لتحفظ هيبتها وتؤكد وجودها على الخريطة الدولية.

لكن، في المقابل، يبدو الجميع أكيدا أن فرنسا الأم الحنون لا تساعد لبنان من باب العلاقات التاريخية بين الطرفين فقط، بل لها أيضا مصلحة في تأكيد أنها لاعب دولي فاعل في الشرق الأوسط كما في العالم. وتذكر الأوساط أن ماكرون كان الرئيس الوحيد الذي حضر شخصيا إلى بيروت غداة الانفجار وضغط في اتجاه الاستماع إلى مطالب الشعب وتغيير نمط الحكم في لبنان، والسعي تاليا إلى لعب دور في حل الأزمة اللبنانية. فالرجل حط في بيروت فيما تواجه بلاده مشكلات كبرى على المستوى الاقتصادي الداخلي كما في الاقليم حيث المد التركي في المتوسط آخذ في التوسع، وهو ما فجر حرب تصاريح بين ماكرون ونظيره التركي رجب طيب أردوغان، والوضع في ليبيا يسجل أحداثا مهمة، تماما كما الانقلاب المباغت في مالي، حيث لفرنسا كلمتها وحضورها منذ العام 2012 على الأقل، عندما تدخلت باريس جويا في تلك الدولة الأفريقية في عهد الرئيس الاشتراكي فرانسوا هولاند.

أمام هذه الصورة، تؤكد المصادر أن هيبة فرنسا هي الورقة التي يخاطر ماكرون بها في الملعب اللبناني، وتاليا، فإنه قد لا يؤجل عودته إلى لبنان. لكنه بالتأكيد سيتخذ موقفا صارما في حال استمر التقصير في تأليف الحكومة العتيدة.