IMLebanon

 حيث تتلاقى باريس وواشنطن لبنانياً وحيث تتباينان

خلافا للرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون الذي حرص في زيارتيه للبنان اثر نكبة 4 آب على الاجتماع بالرؤساء والمسؤولين والقادة السياسيين تكرارا في اطار مبادرة فرنسية- اقليمية تحظى بغطاء دولي حذِر على الارجح، تقصّد مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط ديفيد شينكر النأي بنفسه عنهم جميعا، والتوجه الى المجتمع المدني والثوار ضمن مجموعاتهم غير المؤطرة بعد والفاقدة لمشروع واحد تواجه به السلطة الحاكمة، وبعض السياسيين المعارضين المستقيلين.

اكثر من رسالة وجهتها الادارة الاميركية الى من يعنيهم الامر، من خلف اقصاء مسؤولي لبنان عن لقاءات شينكر التي كان يتوقع ان تتركز على ملف ترسيم الحدود نظرا لاهميته بالنسبة الى لبنان في مرحلة انقاذه اقتصاديا وماليا. هي على ما يبدو تقول لهم وللعالم انها لا تعترف بهم ما دام حزب الله “الارهابي” يشاركهم السلطة والقرار، غير انها لا تريد في المقابل ان تعرقل المبادرة الفرنسية التي تعرب مصادر سياسية لـ”المركزية” عن اعتقادها انها تمنحها فرصة لانجاز المرحلة الاولى القاضية بتشكيل حكومة تنفذ الاصلاحات لمنع انهيار الدولة، يفترض ان تنتهي في كانون الاول المقبل لتنطلق آنذاك المرحلة الثانية المفترض ان تؤسس لواقع استراتيجي جديد لن تكون الكلمة الفصل فيه للفرنسيين وحدهم حكما بل للاميركيين والعرب وتحديدا الخليجيين الغائبين بالكامل عن المشهد السياسي اللبناني راهنا. كما تحرص على ابتعاد واشنطن بالكامل عن الحلبة الحكومية خشية تلطي البعض وراءها لنسف مبادرة ماكرون وتصوير شينكر متدخلا في تشكيل الحكومة لا سيما انه حط في بيروت مباشرة بعد تكليف الرئيس مصطفى اديب، كما ان شدة الازمة العاصفة بلبنان لا تحتمل مزيدا من العرقلة.

حتى اللحظة لم تظهر تباينات بين باريس وواشنطن ازاء الملف اللبناني وتعقيداته والتصور المرسوم للحل، حتى ان شينكر اعطى اشارات الى غض طرف اميركي عن شكل الحكومة باعتبار ان ما يهمهم هو المبادئ لا الاشخاص، غير ان ملف حزب الله لا بد سيطرح بقوة في المرحلة التالية لتظهر انذاك التباينات الاميركية – الفرنسية. فواشنطن تتعاطى بأعلى معايير الجدية مع حزب الله الذي صنفته منظمة ارهابية بكل المعايير وحزب غير شرعي يشكل خطرا وجوديا على لبنان بصواريخه واسلحته وقتاله في الساحات العربية وفق الاجندة الايرانية ومصالحها المناقضة  لمصلحة لبنان، خلافا لفرنسا التي تفرق بين جناحيه السياسي والعسكري وتعتبره حالة شعبية قائمة في لبنان، كما قال ماكرون.

تعتبر المصادر ان المرحلة الثانية من المبادرة الفرنسية قد تشهد شدّ حبال بين فرنسا والولايات المتحدة بفعل هذا التباين، ذلك ان الادارة الاميركية لن تترك لماكرون الكلمة الفصل آنذاك وسط مؤشرات كثيرة تفيد بأن التدخل سيكون حاسما وان واشنطن والعرب الخليجيين لن يبقوا بعيدا من لبنان حتى ذلك الحين، فالتغيرات المقبلة على المنطقة كثيرة ونتائجها ستكون حاسمة على مستوى لبنان، ولا بد من انتظار ما ستحمله الاشهر القليلة الفاصلة عن الانتخابات الاميركية اولا ونهاية المرحلة الاولى من المبادرة الفرنسية ثانياً.