IMLebanon

فرضية البراديكينين: فهم جديد لفيروس كورونا المستجد

كتبىت ماريانا معضاد في “الجمهورية:”

أجرى كمبيوتر متخصّص رفيع الأداء تحليلاً لفيروس كورونا المستجد. وبعد دراسة الباحثين للنتائج، قال الدكتور دانيال جاكوبسون، الباحث الرئيسي وكبير العلماء في بيولوجيا الأنظمة الحسابية في أوك ريدج، إنّ الكمبيوتر قد كشف عن نظرية جديدة حول كيفية تأثير كوفيد-19 على الجسم، وهي فرضية البراديكينين، التي تقدّم نموذجاً يشرح العديد من عوارض كوفيد-19، بما في ذلك بعض أعراضه الأكثر غرابة. كما يقترح التحليل أكثر من 10 علاجات محتملة، والعديد منها معتمدة من قبل إدارة الغذاء والدواء.

ماذا يحدث عند دخول كوفيد-19 إلى جسمك؟

وفقاً لنتائج فريق مختصّ من الباحثين، تبدأ عدوى كوفيد-19 عموماً عندما يدخل الفيروس الجسم من خلال مستقبلات ACE2 الموجودة بكثرة في الأنف. ثم يدخل إلى خلايا أخرى فيها مستقبلات ACE2 أيضاً، مثل الأمعاء والكلى والقلب. ومن المحتمل أن يكون هذا مسؤولاً عن بعض أعراض المرض القلبية والجهاز الهضمي.

لاحقاً، وبمجرد أن يثبت الفيروس نفسه في الجسم، تُظهر البيانات أنه يخدعه لإحداث خلل في تنظيم مستقبلات ACE2 في الأعضاء، حيث لا توجد هذه المستقبلات بكثرة، بما في ذلك الرئتين. هو كالسارق الذي يدخل بيتك من الطابق الأضعف حصانةً، ثم يفتح كل الأبواب والشبابيك في أرجاء المنزل كي يدخل السارقون الآخرون منها.

تأثير الفيروس في الأوعية الدموية

يتحكّم نظام الرينين والأنجيوتنسين (RAS) في العديد من جوانب الجهاز الدوري، بما في ذلك مستويات مادة كيميائية تسمّى براديكينين في الجسم، وهي مادة تساعد في الحالات الطبيعية على تنظيم ضغط الدم. وفقاً لتحليل الفريق، عندما يقوم الفيروس بتعديل RAS، فإنه يتسبّب في أن تخرج آليات الجسم لتنظيم البراديكينين عن السيطرة، ما يؤدي أحياناً إلى تراكم هائل منها في الجسم، ما قد يكون مسؤولاً عن العديد من التأثيرات المميتة للفيروس.

تأثيره في الرئتين

مع تراكم البراديكينين في الجسم، تبدأ الأوعية الدموية بالتسريب، ما يتماشى مع البيانات السريرية الحديثة التي تنظر بشكل متزايد إلى Covid-19 على أنه مرض وعائي وليس تنفسياً، فتمتلئ الرئتان بالسوائل نتيجة التسريب. وقد تتسرب الخلايا المناعية إلى الرئتين، فتسبب الالتهابات.

كما تظهر البيانات أنّ الفيروس يزيد من إنتاج حمض الهيالورونيك (HLA) في الرئتين، القادر على امتصاص أكثر من 1000 ضعف وزنه من السوائل. وعندما تتحد السوائل المتسربة إلى الرئتين مع هذه المادة، يتشكّل هلام مائي شفّاف قد يملأ الرئتين لدى بعض المرضى.

وقد يفسّر هذا، بحسب دراسة نتائج تحليل الكمبيوتر للفيروس، سبب انخفاض أجهزة التنفس الصناعي في علاج كوفيد-19 المتقدم، إذ يقول جاكوبسون: «تصبح الرئتان مثل بالون الماء.» ويمكن للمرضى الاختناق حتى أثناء تلقّي دعم تنفسي كامل.

تأثيره في القلب

يعاني حوالى واحد من كل خمسة مرضى كوفيد-19 في المستشفى أضراراً في القلب، حتى لو لم يكن لديهم مشاكل في القلب من قبل، وذلك لسببين محتملين:

– إصابة الفيروس القلب مباشرة من خلال مستقبلات ACE2 فيه.

– «عواصف» البراديكينين التي تؤدي إلى عدم انتظام ضربات القلب وانخفاض ضغط الدم.

تأثيره في الدماغ

تعد التأثيرات العصبية للوباء من أكثر عناصر المرض إثارة للدهشة والقلق. في الواقع، يعاني حوالى نصف مرضى كوفيد في المستشفى أعراض الدوخة والنوبات والهذيان والسكتة الدماغية وغيرها من التأثيرات العصبية، فيمكن أن تؤدي مادة البراديكينين، لا سيما بجرعات عالية، إلى انهيار الحاجز الدموي الدماغي الذي يشمل عمله إبقاء السموم ومسبّبات الأمراض خارج الدماغ، والحفاظ على بيئة داخلية منظّمة بإحكام. ويؤدي انهيار الحاجز للخلايا والمركبات الضارة بالدخول إلى الدماغ، مما يسبّب التهاب الدماغ وتلفه المحتمل والعديد من الأعراض العصبية.

ويمكن أن تفسّر زيادة مستويات البراديكينين أيضاً أعراض Covid-19 الشائعة الأخرى، مثل السعال الجاف والإرهاق، وارتفاع مستويات البوتاسيوم في الدم، وفقدان حاسة التذوق والشم، و»أصابع كوفيد» – وهي حالة تنطوي على تورّم وكدمات أصابع القدم – وظهور أعراض الغدة الدرقية.

وعلى الرغم من أنّ نظرية البراديكينين لا تزال غير مثبتة، إلّا أنّ الفرضية تشرح العديد من الأعراض الأخرى الغريبة لكوفيد-19، علماً أنّ المزيد من البحوث والتجارب هي ضرورية لتأكيد هذه الفرضية، وللاستفادة منها لفهم الفيروس ومحاربته بشكل أفضل، في حال ثبات صحتها.