IMLebanon

“حماس” في صالون الشرف؟! (بقلم رولا حداد)

ماذا بقي من الدولة اللبنانية؟ لم تشهد أسوأ العهود منذ “الطائف” وحتى اليوم مثل هذه الاستباحة للسيادة اللبنانية. محور الممانعة استلذّ غياب الدولة فشرع في “استقبالاته” من استضافة قيس الخزعلي على الحدود الجنوبية في العام 2017 وصولاً إلى استضافة الفصائل الفلسطينية في صالون الشرف في مطار رفيق الحريري الدولي في بيروت، ناهيك عن ضرب كل مقومات السيادة اللبنانية بشكل كامل وسيطرة “حزب الله” على المؤسسات الدستورية لتأمين الهيمنة الإيرانية الكاملة، من دون أن ننسى مفاخرة الحرس الثوري الإيراني بأنه بات يمتلك الأكثرية النيابية في لبنان بعد الانتخابات الأخيرة في العام 2018!

في المقابل لا يتعاطى الأميركيون باحترام أكبر تجاه الدولة اللبنانية التي تخلّت عن سيادتها، فبات مساعدا وزير الخارجية الأميركية السفيران دايفد هيل ودايفد شينكر مبعوثين دائمين إلى لبنان يصولان ويجولان ويحددان ما هو مقبول وما هو غير مقبول.

واكتملت الصورة المذلّة بعد انفجار مرفأ بيروت مع الدور الفرنسي الفاقع إثر الزيارتين للرئيس إيمانويل ماكرون إلى بيروت واللتين وجّه خلالهما كل “الإهانات” الممكنة دبلوماسياً للطبقة الحاكمة والفاسدة، ووضع جدول أعمال لها مع مهل محددة، ما اضطر المسؤولين إلى تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة قبل وصول ماكرون. وبتنا نقرأ أن مدير الاستخبارات الخارجية الفرنسية السفير السابق برنارد إيمييه يتولّى المتابعة مع المسؤولين اللبنانيين لما طلبه الرئيس ماكرون في ملف تشكيل الحكومة!

إنها الصورة المأسوية للواقع اللبناني المرير: سيادة منتهكة، هيمنة إيرانية بسلاح ميليشيا أقوى من الدولة، انهيار مالي واقتصادي كامل، وشعب بات أقصى طموحه يتجسد في الهجرة النهائية من وطن يقتل كل آمالهم وأحلامهم!

ولعل الكارثة الكبرى تكمن في أنه وبالتوازي مع كل ما يجري، يصرّ القابعون على كراسيهم على الاستمرار في الممارسات البالية نفسها إزاء تشكيل الحكومة، لأن المطلوب بالنسبة إليهم هو فقط تقاسم الحقائب الوزارية والحصص في وطن تلاشت مقومات سيادته، وبات المسؤولون فيه يتلقون التوبيخ والإهانات بشكل دوري من مسؤولين خارجيين بسبب فسادهم وهم أعجز من أن يدافعوا عن أنفسهم لأن همّهم محصور في محاولة الإبقاء على مكتسباتهم وحصصهم!

بهذا المنطق يصبح طبيعياً لما تبقى من سلطة في لبنان أن تفتح صالون الشرف أمام مسؤولي “حركة حماس” والفصائل الفلسطينية، في حين تهاجم البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي الداعي إلى حياد لبنان، تماماً كما يصبح مفهوماً رفض مساعد وزير الخارجية الأميركي رفض لقاء أي مسؤول لبناني في زيارته الرسمية إلى بيروت!

إنه عهد انحلال الدولة ومؤسساتها في لبنان، وقد بشّرنا وزير الخارجية الفرنسي إيف لودريان بأن هذه الممارسات ستؤدي إلى زوال الدولة اللبنانية. بكل الأحوال يبقى زوال الدولة تفصيلاً ثانوياً وتافهاً أمام مسعى البعض لتثبيت التوقيع الثالث للشيعة ومسعى البعض الآخر للاستفادة من المطلب الشيعي لاستعادة حقيبة الطاقة مجددا. إنها الدراما اللبنانية بأسوأ حللها…