IMLebanon

إسمع يا اسماعيل… (بقلم طوني أبي نجم)

لم نتعرّض يوماً لما تفعله “حماس” في قطاع غزة وفي أي أرض فلسطينية، لا لناحية مقاومتها لإسرائيل، ولا لناحية انقلاباتها على السلطة الفلسطينية، ولا بتحويلها قطاع غزة أسوأ مكان للعيش على الكرة الأرضية، لأن على الفلسطينيين أن يتدبروا أمورهم ويحلوا مشاكلهم بأنفسهم، وإن كنا ندعم القضية الفلسطينية ونتضامن معها في الأراضي الفلسطينية وبما لا يسيء إلى لبنان. وفي هذا الإطار أيّدنا الزيارة التضامنية لوفد من قوى 14 آذار سابقاً إلى غزة دعماً لحق الفلسطينيين في أرضهم وليس أبداً في لبنان. وبالتالي فإن تلك الزيارة التي يحاول البعض اليوم أن يذكّرنا بها على سبيل “التشهير” إنما تؤكد نبل موقفنا من القضية الفلسطينية ودعم حقوق الفلسطينيين في أرضهم وانطلاقاً من أرضهم.

أما في لبنان فثمة كلام آخر لا بدّ لرئيس المكتب السياسي لـ”حركة حماس” اسماعيل هنية من أن يسمعه جيداً:

أولاً: أجرى اللبنانيون مصالحة وجدانية مع الفلسطينيين، وحتى “القوات اللبنانية” التي قاومت ممارسات المنظمات الفلسطينية وأصحاب نظرية “طريق القدس تمر بجونية”، تخطت كل الماضي وتصالحت مع القيادة الفلسطينية الشرعية برئاسة الرئيس محمود عباس. وبالتالي فإن أحداً ليس بوارد العودة إلى نبش الصفحات المشؤومة من العلاقات بين الشعبين اللبناني والفلسطيني.

ثانياً: لن نسمح كلبنانيين لا لك يا اسماعيل هنية ولا لغيرك مهما علا شأنه أن يعيد إحياء الميليشيات الفلسطينية في لبنان ومنطق حمل السلاح الفلسطيني في المخيمات أو خارجها. فنحن نريد للاجئين الفلسطينيين أن يعيشوا بأمان وهدوء وبعيداً عن جرّهم إلى زواريب المصالح الإقليمية التي تتاجر بدمائهم وبقضيتهم. أما كل محاولات العودة إلى مشاهد الماضي البغيض، والتي نعلم ان أكثرية بين الفلسطينيين ترفضها، فستدفع اللبنانيين إلى التعامل مع من يحملون السلاح مجدداً لخدمة أجندات مشبوهة على أنهم مجموعة من الإرهابيين التخريبيين. وربما لا تعلم يا سيد هنية أن مخيم عين الحلوة الذي زرته وسط غابة من حملة السلاح يأوي عشرات الإرهابيين المطلوبين من الدولة اللبنانية!

ثالثاً: إن محاولة المفاخرة بالدعوة لإطلاق صواريخ من بيروت هي مرفوضة ومدانة ومردودة. فغزة أقرب إلى القدس وتل أبيب وحيفا وغيرها من المناطق، وإذا كنت ترغب يا اسماعيل هنية بإطلاق الصواريخ على الإسرائيليين فافعل ذلك من غزة ودع مقاتلي “كتائب القسّام” يتولّون المهمة. فنحنا كلبنانيين شبعنا دفع أثمان عن القضة الفلسطينية ولسنا معنيين بدفع أي ثمن مجدداً.

رابعاً: طالما أنك يا هنية حليف “حزب الله” وبشار الأسد وإيران وفيلق القدس (وربما تركيا أيضاً) فلم لا تطلب من فيلق القدس إطلاق الصواريخ على الجيش الإسرائيلي إنطلاقاً من الأراضي الإيرانية أو من سوريا التي تعاني من الاحتلال الإسرائيلي للجولان؟ أوَتظن أن لبنان ساحة مستباحة لأمثالك وأمثال المنتمين إلى محورك من الميليشيات التي تعمل في خدمة الإيراني ومصالحه؟

خامساً وأخيراً يا اسماعيل: إذا كانت الدولة اللبنانية ومؤسساتها الشرعية واقعة اليوم تحت تأثير الهيمنة الإيرانية فإن نبض المقاومة اللبنانية في لبنان لم ولن يخمد يوماً، وطريق القدس لم ولن تمرّ يوماً في أي بقعة من لبنان… فاتعظ من تجارب التاريخ وجنّب الفلسطينيين كأس أي مغامرة لن تخدم القضية الفلسطينية على الإطلاق!