IMLebanon

العقوبات على حليفي “الحزب”.. هل تزيد العقبات أمام تأليف الحكومة؟ 

حَجَبَ وَهْجُ العقوباتِ التي فرضتْها الولايات المتحدة على الوزيريْن السابقيْن للمال والأشغال في لبنان علي حسن خليل ويوسف فنيانوس ضمن «قانون مكافحة الإرهاب» الهديرَ الصامت لملف تشكيل الحكومة الجديدة الذي كانت محرّكاتُه أساساً تصطدم بعقبات مكتومة تجعل بلوغه خواتيمه الإيجابية ضمن مهلة الـ 15 يوماً (الثلاثاء المقبل) التي حدّدتْها المبادرة الفرنسية أمراً بالغ الصعوبة.

وجاء صادِماً على بيروت وقْعُ الجولة الجديدة من العقوبات الأميركية النوعية التي انطلقتْ مع استهدافٍ هو الأوّل من نوعه على هذا المستوى الرفيع لشريك «حزب الله» في الثنائية الشيعية، الرئيس نبيه بري عبر معاونه السياسي علي حسن خليل والحليف المسيحي للحزب «تيار المردة»، الذي سَبَق للسيد حسن نصرالله أن وصف زعيمه سليمان فرنجية بـ «نور العين»، من خلال فنيانوس.

وفيما كانت العاصمة اللبنانية في أجواء دفعة جديدة من العقوباتِ ستصدر الأسبوع المقبل بحق عددٍ أكبر من الشخصيات (تردّد أنها أكثر من 5 وأقلّ من 10)، استقطب انتقالُ واشنطن إلى «شدّ البراغي» أكثر في المسار «الزاجر» حيال «حزب الله» الاهتمامَ من 4 زوايا:

* الأولى البُعْد المزدوج الذي أعطتْه واشنطن، سواء عبر حيثيات قرار العقوبات أو تصريحات وزارة الخارجية، لرفْع هذه «العصا» إلى مستويات أعلى لبنانياً، عمودياً وأفقياً، والتي تمحورتْ حول «تقديم الدعم المادي لحزب الله والمشاركة في الفساد»، مع تظهير هذه الدينامية الجديدة المتدحْرجة على أنها في سياق قطْع الطريق على «اعتماد الحزب على النظام السياسي اللبناني الفاسد من أجل ترسيخ نفوذه السياسي والاقتصادي».

* والثانية تَزامُن العقوبات مع إشاعة واشنطن بلسان مساعد وزير الخارجية لشؤون الشرق الأدنى ديفيد شينكر مناخاً عن «تقدم تدريجي» في مسار المحادثات التي تجري بوساطة الولايات المتحدة لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، مبدياً أمله بتوقيع اتّفاق إطار في غضون أسابيع يتيح للبلدين البدء في مفاوضاتٍ لحلّ هذا النزاع.

* والثالثة تظهير الإدارة الأميركية بدء «المطاردة بالعقوبات» للسياسيين الداعمين لـ «حزب الله» على أنها ترجمة للتمايز بين واشنطن وباريس في النظرة إلى الحزب «فهو ليس منظمة سياسية شرعية وسنواصل محاسبته على أفعاله»، وصولاً لإعلان شينكر «ثمة اختلاف بسيط مع الحكومة الفرنسية حول نقطة «ان حزب الله منظمة إرهابية ويصادف أنها تشارك في السياسة اللبنانية وتُرهب الكثير من الأطراف».

* أما الرابعة فربْط واشنطن هذه الرسالة عبر «بريد العقوبات» بموضوع الحكومة الجديدة، وهو ما عبّر عنه وزير الخارجية مايك بومبيو الذي أكد «ندعم دعوة اللبنانيين إلى الإصلاح، وسنستخدم كل السلطات المتاحة لتعزيز مساءلة القادة اللبنانيين الذين خذلوا شعبهم»، قبل أن يكمل شينكر بأن «على أي حكومة جديدة في لبنان أن تتبنى الإصلاحات وتتمسّك بمبدأ النأي بالنفس وتُخْرِج لبنان من سياسات دول المنطقة، ونتطلع إلى العمل مع أي حكومة إذا قامت بكل هذه الأمور».

وانطلاقاً من هذه الوقائع، بدا المشهد السياسي في «قبضة» ضبابية كبيرة حيال ما إذا كان الضغط على زناد عقوباتٍ من «العيار الثقيل» هو في سياقٍ تَكامُلي مع المبادرة الفرنسية، أي من ضمن زيادة قوة الدفْع لها نحو حكومةٍ من اختصاصيين بحدّ أدنى من التأثيرِ السياسي تُطْلِق مسارَ الإصلاحاتِ وتالياً تقلّم أظافر «حزب الله»، أم أنه سيُفْضي إلى «فرْكشة» هذا المسعى الذي أعطتْ واشنطن، بعقوباتها على «ظِلّ» بري و«خزنة أسراره» وعلى «ضابط الارتباط» مع «المردة»، إشارةً واضحة إلى أن المرحلة الثانية من مبادرة باريس (المتعلقة بمجمل وضعية «حزب الله» وأدواره العابرة للحدود) وُضعت على نار حامية بمعزل عن الفرصة الممنوحة لمعالجة الشقّ الإصلاحي – التقني من الأزمة اللبنانية.

وفي السياق، تساءلت أوساط مطلعة ما إذا كان التيار الوطني الحر سـ«يفلت» من سيف العقوبات بعدما كان رئيسه جبران باسيل أوحى قبل أسابيع بأنه «يلوّحون لنا بفرض عقوبات، ولكن أنا شخصياً مستعدّ أن أتحمّل الثمن حتى لا تمس وحدة لبنان».
وإذ سألتْ الأوساط هل ستفرض «قرقعة العقوبات» احتواءَ التعقيدات في مسار تأليف الحكومة للاستفادة من «الفرصة الفرنسية» أم أن تكشير واشنطن عن أنيابها سيضيف تعقيدات إضافية، عكستْ أولُ المواقف رداً على استهداف خليل وفنيانوس، كما المعلومات الواردة من كواليس التشكيل، أن هذا الملف لا يسير بخطى تشي بإمكان إنجاز الحكومة ضمن المهلة الفرنسية، وذلك ربْطاً بملاحظاتٍ لدى الائتلاف الحاكم حيال كيفية تعاطي الرئيس المكلف مصطفى أديب مع عملية التشكيل.

فهؤلاء، بحسب عارفين، يأخذون على أديب تَفَرُّده في إدارة هذا الملف من دون مراعاة مقتضيات الواقع اللبناني وحساسياته سواء في ما خص الأهمية الميثاقية لحقيبة المال بالنسبة للمكوّن الشيعي أو عدم إمكان التسليم لرئيس الحكومة بإسقاط أسماء على الحقائب بمعزل عن القوى السياسية – الطائفية التي سيمثّلونها، ناهيك عن قطب مخفية أخرى تتصل بالثلث المعطّل الذي يصعب أن يتخلى عنه فريقا الرئيس ميشال عون و»حزب الله»، كلّ لحساباته.

ولم يكن عابراً أمس تَشَدُّد بري في موضوع حقيبة المال ورفْضِ أي كلام حولها من باب المداورة مع تأكيد «نحن نسمي وزراءنا»، وهو ما رأت الأوساط أنه موقف ثابت أصلاً ووجد في العقوبات الأميركية التي اعتُبرت بمثابة «خط أحمر» على تولي «أمل» هذه الحقيبة، خط دفاع – هجومي جديداً يُنذر بتشدُّد الآخرين في رفْض التخلي عن الحقائب التي تُعتبر عنوان الإصلاح، ما يشي بأن عملية التأليف ستتطلب المزيد من الوقت الإضافي الذي لا يُعرف إذا كان أديب سيسير به أم يقلب الطاولة واضعاً الجميع وجهاً لوجه أمام الرئيس إيمانويل ماكرون الذي هدّد بعقوباتٍ بحال تمت عرقلة مبادرته كما أمام العقوبات الأميركية الزاحفة.