IMLebanon

هل رضخ الثنائي الشيعي؟! (بقلم رولا حداد)

24 ساعة تفصلنا عن انتهاء المهلة التي حددها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للمسؤولين اللبنانيين لولادة الحكومة العتيدة برئاسة مصطفى أديب. وهذه الساعات تبدو حبلى بالمفاجآت وسط سيناريوهين لا ثالث لهما:

ـ إما يرضخ “حزب الله” ومعه الرئيس نبيه بري لشروط المبادرة الفرنسية ويُسقطان الشروط التي يحاولان فرضها لإبقاء القديم على قدمه في إدارة البلد منذ اتفاق الدوحة، لناحية الإصرار على الاحتفاظ بحق الفيتو على قاعدة الاحتفاظ بـ”التوقيع الثالث”، وبالتالي يسهلان تشكيل الحكومة كما التزما أمام الرئيس إيمانويل ماكرون، فتصدر مراسيم حكومة مصطفى أديب في حد أقصى الثلثاء.

ـ وإما يصرّ الثنائي الشيعي على العرقلة ووضع العصي في الدواليب تحت شعارات متعددة، وأبرزها الإصرار على حقيبة المالية لشيعي يسميه الرئيس نبيه بري، فتسقط مبادرة ماكرون ويعتذر الرئيس المكلف ويُترك لبنان لقدره ماليا واقتصاديا واجتماعيا في انتظار الانفجار الشعبي الكبير!

أي سيناريو مرجّح؟

لا أحد يملك الجواب الحاسم بعد في انتظار القرار الإيراني الكبير: هل تسهّل طهران المبادرة الفرنسية أم تنتظر نتائج الانتخابات الأميركية لتبني على الشيء مقتضاه؟ هل تسلّف إيران الرئيس الفرنسي العاجز عن تقديم ما يحتاجه نظام الملالي في المقابل أم تنتظر لتفاوض الأصيل الأميركي عوضاً عن مفاوضة الوكيل الفرنسي… وخصوصاً بعدما فرض الأميركي شروطه من خلال فرض العقوبات على الوزيرين السابقين حليفي “حزب الله” يوسف فنيانوس وعلي حسن خليل؟!

والثابت أن السيناريوهين المطروحين أحلاهما مرّ على “حزب الله”: في حال رضخ للمبادرة الفرنسية وسهّل تشكيل الحكومة من دون فرض شروطه، فهذا سيعني تغيّراً في المعادلات التي أرساها الحزب منذ 7 أيار واتفاق الدوحة، وخسارة لكل “مكتسباته” التي فرضها نتيجة وهج سلاحه في الداخل. وهذه الخسارة في هذه المرحلة الإقليمية الدقيقة قد تعني انهياراً كاملاً لمحور إيران و”حزب الله” في لبنان في مواجهة الهجمة الغربية بقيادة الولايات المتحدة.

أما في حال رفض “حزب الله” الرضوخ وعرقل تشكيل الحكومة وأسقط المبادرة الفرنسية بالضربة القاضية، فهذا سيعني انهياراً كارثياً وسريعاً لكل الأوضاع المالية والاقتصادية والاجتماعية في لبنان، ودخولنا في حفلة جنون داخلي قد تؤدي إلى انهيار الهيكل من الداخل على رأس “حزب الله”، كما إلى تصاعد العقوبات الأميركية والأوروبية على الحزب وجميع حلفائه الذين سينفضّون بأكثريتهم عنه، ما يضعه في مواجهة حلفائه وفي مواجهة أكثرية الشعب اللبناني!

كيف سيتصرّف “حزب الله”؟ الساعات القليلة المقبلة دقيقة للغاية، وخصوصاً بعد ما صدر عن المكتب الإعلامي للرئيس نبيه بري والذي يحمل في طياته ألغاماً خطرة في حقل عمل الحكومة الجديدة، فهو وإن أعلن أنه أبغ الرئيس المكلف استعداده “للتعاون إلى أقصى الحدود في كل مل يلزم لاستقرار لبنان وماليته والقيام بالإصلاحات وإنقاذ اقتصاده”، إلا أنه تبرّأ مسبقاً من حكومة أديب بإعلانه “عدم رغبتنا بالمشاركة على أسس عدم الانتماء الحزبي وفيتوات على وزارات والاستقواء بالخارج وعدم إطلاق مشاورات” حول تشكيل الحكومة.

الخلاصة أن حكومة مصطفى أديب ستكون أمام مهمة محددة من الآن وحتى 3 تشرين الثاني المقبل: محاولة الإتيان بمساعدات مالية غربية لمنع الانهيار التام. وبعد الانتخابات الرئاسية الأميركية سيكون حتماً حديث آخر، وربما حكومة أخرى بشروط الثنائي الشيعي، وخصوصاً في حال وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض!